تركيا اليوم الصديقة

تركيا اليوم... الصديقة

تركيا اليوم... الصديقة

 العرب اليوم -

تركيا اليوم الصديقة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

سببُ الارتباكِ الذي نراه اليومَ على البعض، أنَّ الصورة التي رُسمت عن إردوغان في السنوات الماضية، زعيم آيديولوجي، قدم لتغيير تركيا، التي ستكون نسخةً سنيةً من إيران. ولا أدري إن كانت هذه الصورة قد حِيكت بعناية في أنقرة من قبل مساعديه للعلاقات العامة، أم أنَّها كانت مجردَ أمنياتٍ من عند العرب الغارقين في الماضي، واستحضار بطولاته، يسقطونها على ما يريدون أن يكون عليه عالمنا اليوم. عملياً، لم يتحقق شيءٌ منها والرئيس رجب طيب إردوغان هو اليومَ قريبٌ من الملك سلمان، والرئيس الشيخ محمد بن زايد، وقريباً سيكون في القاهرة ضيفاً على الرئيس السيسي. الرئيس التركي جاءَ للمنطقة وتعاملَ معها كزعيمٍ سياسي، يعرف مصادرَ القوةِ وحدودَها.

تركيا مؤثرة جيوسياسياً، حاولَ المؤدلجون استخدامَها رمزياً ولم ينجحوا. وسبق أن استعاروا أيقونة ماليزيا، مهاتير محمد، كان رئيسَ وزراءٍ لنحو ربع قرن، لكنَّ ماليزيا بعيدةٌ وضعيفة التأثير على المنطقة، ومهاتير لم ينخرط في اللعبة، ربَّما إلا في محاولة اختراعِ منظمة إسلامية بديلة، مرة واحدة وفشلت في أول قمة عقدها. حتى الخميني في العقد الأولِ من حكمه، حجَّ إليه المتطرفون من الإسلاميين، واليساريين، والثوريين العرب، لتتويجِه زعيماً للمنطقة. وإيران مثل تركيا، دولة عالية التأثير على محيطها، لكن استمرار حربِه مع العراق أفقدت الخمينيين نحوَ نصفِ أتباعهم العرب.

وفي رأيي أنَّ أحداثَ عام 2011 لها دورٌ مهمٌّ في الانقسامات المتعددة. فهي التي زلزلت 5 دول عربية، وغذَّت ارتداداتُها الصراعاتِ وبناء محاورَ متعددة وولدت أزماتٍ لاحقة، مثل الخلاف الخليجي، وأضعفت مشروع الحكم في العراق، وزادت تدخلاتِ القوى الإقليمية، إيران وتركيا.

لماذا اليوم هذه الانفراجات المتعددة؟ مثلما أنَّ للخلافات أسباباً، فللمصالحات أسبابٌ. الخلافات مكلفةٌ واستهلكت نفسها، وبدأت الحكوماتُ بخفضِ التوتر بينها، واستمرت حتى وجد كلُّ فريق أنَّ الطرفَ الآخر أوفى بالشروط الضرورية للمصالحة. وهذا ما حدث مع تركيا والدول التي كانت على خلافٍ معها. توقف الجميع عن دعم الجماعات المعارضة وإيوائها، ووقف التحريض، وإنهاء المقاطعات التجارية المنظورة والأخرى غير المعلنة، وعاد زخمُ التعاونِ الاقتصادي باتفاقات حكومية، وتتويجه بالزيارات على مستوى القمة. ليست غريبة. ففي اليوم الذي يقرّر المتحاربون في أوكرانيا التصالح، ستعود المياه بين القوى المتحاربة إلى مجاريها، وسينشغل الأوكرانيون بدفن موتاهم وإصلاح بيوتهم. لم يحنِ الوقتُ بعد لذلك. دربُ المصالحةِ مع تركيا، دامَ نحو سنتين، وعقدت عشرات الاجتماعات حتى توصَّل المتفاوضون إلى النقطة الأخيرة على قوائم المطالب. في التفاوض المصري التركي، مثلاً، كان هناك كثيرُ من الأخبار عن اللقاءات والاختلافات ثم التفاهمات، بما فيها مناطق النزاع الجغرافية مثل ليبيا، والحدود البحرية، والمطلوبين وغيرها.

إردوغان ليس بالزعيم المنقذ ولا بالعدو المتربّص، قد لا نتَّفق معه على كثير من القضايا، لكن من الواضح أنَّه مستعد، وكذلك حكومات المنطقة مستعدة، لإنهاء الخلافات. السؤال؛ ما هو العامل الرئيسي الذي دفع هذه الانسحابات؟ دامت «الحرب الباردة» نحو 7 سنوات واستخدمت فيها كل الأسلحة، إلا العسكرية، ثم رأى الأتراك أنَّ هذه الدول واقفة وقوية لم تهزها المعارضات الخارجية ولا الحملات الشرسة. ورأى خصومَه العرب أن إردوغان باقٍ، وينتصر في كلّ جولة انتخابية، ليستمر رئيساً، تركيا مؤثرة إقليمياً. وقد أظهر براغماتيةً عالية مع الجميع، إقليمياً وأوروبياً وأميركياً.

لا يمكن التنبؤ بعيداً بشأن العلاقات في المنطقة ومساراتها نتيجة تعدد النزاعات الأخرى التي لم تحسم نهائياً. إنَّما انخراط الدول الرئيسية في المصالحات إلى أبعد نقطة ممكنة؛ السعودية وإيران، ومصر وتركيا مثلاً، مهم، والحقيقة غير مسبوقة بهذا الشكل الجماعي.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا اليوم الصديقة تركيا اليوم الصديقة



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab