منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند

منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند

منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند

 العرب اليوم -

منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند

بقلم - عبد الرحمن الراشد

نحن نشهدُ المستقبلَ القريبَ يُصنعُ اليوم. إعلانُ دلهي عن مشروعِها الممرِ التجاري الموجهِ للشرق الأوسط وأوروبا يرفع حرارة التنافس بين القوى الكبرى. هجمةٌ اقتصاديةٌ هنديةٌ على منطقتنا، تعتمد النقلَ البحري والبري، وستبني شبكةَ طرقٍ وقطارات. كأنَّنا نقرأ صفحةً مستعارةً من التاريخ القديم.

     

 

         

 

في مطلع القرن الماضي، بنت ألمانيا سكةَ حديدٍ ربطت برلين بإسطنبول، ثم بغداد، وتوقَّفت قبلَ البصرة والخليج، كانت لنقل البضائعِ والجنود. وبنَى حلفاؤها الأتراكُ سكةَ حديد، ربطت دمشقَ بعمانَ وتبوك والمدينة المنورة، وبعد 8 سنواتٍ من تشغيل القطار، فجَّر الضابطُ الإنجليزي «لورنس العرب» الخطَ، وقضى عليه نهائياً.

في خريف 2013، أعلنَ الرئيس الصيني عن مبادرة الحزام والطريق، مشروع أخطبوطي ضخم تشارك فيه 139 دولة، ضمنها دول عربية، بدرجاتٍ متفاوتة. الطريقُ من خطين، بري عبر آسيا إلى الشرق الأوسط، ثم أوروبا، وبحري يشق المحيطَ الهنديَّ إلى أفريقيا وأميركا الجنوبية.

الهند تراقبُ، قلقةً وغيرَ راضية. لم تعترض، إنَّما، بلغةٍ دبلوماسية، تحتجُّ، «بالمعاييرِ الدولية، والحوكمة، وسيادة القانون، والشفافية، واحترام حدودِ الدول»، وأنَّ الطريق يمرُّ بمناطق متنازع عليها في كشمير مع باكستان، حليفةِ الصين وبوابتِها الرئيسية للعالم.

بشكلٍ عام، المنطقةُ العربيةُ مستفيدةٌ من التنافس الدولي اقتصادياً، الذي حفَّزَ التنافسَ العربيَّ العربي. ترحّبُ به كلُّ دولةٍ وتسعى أن تصبحَ مؤهلةً لعقودٍ أكبرَ في المشروعين العملاقين.

السؤالُ البديهي، الطريقُ والحزامُ الصيني والممرُّ الهندي أيضاً، باطنُها مشاريعُ سياسية، فكيف للمنطقة أن تتحاشَى التورطَ في صراعِ الفيلةِ الدولية؟

كما ذكرتُ في البداية، اتفاقاتُ اليوم تصنعُ المستقبل. فالأرجحُ خلال السنوات المقبلة، ستفرز هذه المشاريع دول المنطقة سياسياً، ستنشأ تحالفاتٌ ومنظماتٌ جديدة. المشاريعُ السياسية لطالما كانت تاريخياً شبكةً من المصالح الاقتصادية. الطرقُ وسككُ الحديد من دول المحور بقيادة ألمانيا، وقناة السويس من بريطانيا، والسد العالي من الاتحاد السوفياتي، والبنية التحتية من مطارات وموانئ من الولايات المتحدة لعدد من حلفائها.

واشنطن ودلهي مقتنعتان بأنَّ هناك دوافعَ صينيةً خفيةً تجاريةً وعسكرية وراءَ مبادرتِها الحزام والطريق. الهند، مثلُ الصين، قوةٌ صاعدة، ترغب كذلك في التمدّدِ والحصولِ على مزيد من الموارد والأسواق، كلتا المبادرتين اقتصادية وسياسية. الولايات المتحدة تعود للمنافسة، وكانت قد قلَّصت حضورَها في أفريقيا وآسيا، بعد نهاية الحرب الباردة.

اختارت واشنطن تعزيزَ علاقتِها بالهند، القوة المرجحة، وإن بدت بعضُ مواقفِها مختلفة عن الأجندة الأميركية. مثلاً، رفضت دلهي دعوة رئيس أوكرانيا لقمة العشرين الحالية، إرضاءً لموسكو. هذا موقفٌ سياسيٌّ تكتيكي، في حين أنَّ العلاقةَ الاستراتيجية أوثقُ اليوم مع الولايات المتحدة، بدليلِ دعمِها الكامل لمشروع الهند، الممرِ التجاري مع الشرق الأوسط وأوروبا.

أي الخيارين، الصينيِّ أم الهنديِّ، أفضلُ لمنطقتنا؟

الاثنان معاً، ما أمكنَ ذلك. فالسعودية، على سبيل المثال، تبيعُ مليوني برميل نفط للصين، ونحو مليون برميل للهند. ويمثل البلدان اليوم، وإلى سنوات مقبلة، أكبر سوقين للرياض. فالهندُ ستزيد من استيرادها البترولي من 5 إلى 7 ملايين برميل يومياً في 2030، بخلافِ ما يعد به رئيس الوزراء بتخفيض استيرادِ بلاده إلى النصف. التقديراتُ تقول العكس، ستزداد وارداتُها بنسبة النصف. وسيزداد تنافس القوى الصاعدة على مصادر البترول الجغرافية، والخليج تحديداً. فهي ركنٌ أساسيٌّ في خططِ السياسات العليا للدول الكبرى إلى منتصف القرن الحالي.

من حيث التوقيت، السعودية في موقع قوي، آخذين في الاعتبار أنَّها تعمل منذ 6 سنواتٍ على مشروعها الاقتصادي العملاق الذي ينسجم مع المبادرتين الصينية والهندية. وقد اتجهت لتقوية علاقاتِها الاقتصادية مع القوتين الصاعدتين. وإدارة العلاقات مع القوى الكبرى ليست بالمسألة الهيّنة؛ التنسيق النفطي مع موسكو، والتصدير لبكين ودلهي، والتعاون مع الولايات المتحدة عسكرياً.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 11:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6 درجات يضرب إسطنبول

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أنوشكا تتقدّم ببلاغ ضد شخص ينتحل شخصيتها

GMT 16:10 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كريم فهمي يفجّر مفاجأة عن ياسمين عبد العزيز

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أحمد فهمي يكشف الاختلاف بينه وبين شقيقه كريم

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab