الكويت والسعودية بين أزمتين

الكويت والسعودية بين أزمتين

الكويت والسعودية بين أزمتين

 العرب اليوم -

الكويت والسعودية بين أزمتين

بقلم : عبد الرحمن الراشد

كان بوسع الملك فهد، رحمه الله، أن يفعل للسعودية مثل ما حاول فعله الشيخ حمد بن خليفة، ولي عهد قطر حينها، وحاكمها الحقيقي. ففي قمة مجلس التعاون الخليجي، في الدوحة، عقب الغزو العراقي، جرب الشيخ حمد أن يبتز قادة مجلس التعاون الخمسة الآخرين الجالسين أمامه على طاولة القمة عندما منع مناقشة تحرير الكويت المحتلة إلا بعد حصول بلاده على اعتراف منهم بحقّها في جزر حوار وفشت الدبل من البحرين! وكان الملك فهد أول الخارجين الغاضبين من القاعة حيث اعتبرها مساومة مهينة.

فقد مثّل احتلال صدام للكويت فرصة ثمينة للمساومات لمن شاء. وعلى العكس من ذلك كانت السعودية ترى في الوقوف ضد احتلال الكويت وفاءً بالعهد، واحتراماً لمبادئ مجلس التعاون، وحماية لكيانات الدول من البلطجة والفوضى، مهما كانت دوافع الخلافات ونزاعاتها. وبالتأكيد مصلحة الرياض في هزيمة صدام، مع هذا كان هناك خيار آخر أقل مخاطرة: التعايش معه.
ومن دون رغبة السعودية وموافقتها لم يكن ممكناً مواجهة الاحتلال، ومنها استضافة نصف مليون عسكري، بينهم مائتا ألف أميركي، ليتم تحرير الكويت برياً في أربعة أيام.

الملك فهد شخصية تاريخية لأنه من تحمل الأخطار، وأدار المواجهة مع صدام الذي سارع إلى إلغاء هوية الكويت وعلمها، والقضاء على شرعيتها، واختراع شرعية بديلة، واستبدال عملتها. حرص الملك على وجود أسرة آل صباح الحاكمة، وتماسكها، لأنها رمز الشرعية الكويتية، واستضافها في مدينة الطائف الجبلية، كموقع آمن بعيداً عن صواريخ صدام ومخابراته، ومنح حكومة المنفى الكويتية وجوداً موازياً لتعمل بكامل مؤسساتها، وساهم في إحياء رموز الشرعية الكويتية من الدينار إلى إصدار بعض صحفها وتفعيل إذاعتها. وتم تجميع العسكريين الكويتيين على أرض السعودية، بمن فيهم الطيارون الناجون الذين قاموا بأعمال بطولية من قاعدة علي السالم قبل استكمال قوات صدام احتلال الكويت، وكذلك دعم المقاومة.

أما أخطر القرارات التي اتخذها الملك فهد، فاستدعاؤه للقوات الأميركية على الأرض السعودية آخذاً على عاتقه مسؤولية كبيرة. وصارحه عدد من إخوانه من كبار الأسرة المالكة: «أنت الملك ونقبل بقرارك، فهل أنت واثق وأنت تدخل الأميركيين إلى المملكة أنك تقدر على إخراجهم منها غداً؟».

بوصول الأميركيين، ومع استعدادات الحرب، سرعان ما تكالبت القوى المؤيدة لصدام على السعودية، وشن الإخوان المسلمون ضدها في كل مكان حملات تكفير وتحريض واستعداء، بقيادة حسن الترابي من السودان وراشد الغنوشي من تونس، مستخدمين الإعلام وأشرطة الكاسيت وبيانات توزع بالفاكس. وهدد علي صالح، حليف صدام في اليمن، السعودية فجمّد الملك علاقته معه، وأنهى وجود نحو مليون يمني. ولأول مرة في شوارع الرياض ومساجدها، ظهرت أصوات ضد الحكومة، وسارت مظاهرة معادية، وجاهر رجال دين شباب بمعارضتهم وبأنه «لا يجوز القتال من أجل الكويت التي لا تحكم بشرع الله»! وضجّت شوارع العواصم العربية ضد السعودية، وليس ضد الكويت. واصطفت كثير من الحكومات العربية إلى جانب صدام، حتى إنه في القمة العربية الطارئة في القاهرة لم يناصر قضية الكويت إلا بأغلبية قليلة، اثني عشر من عشرين دولة عربية. وكان للرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، دور كبير حيث رفض محاولات تمييع القضية، وفرض عملية التصويت برفع الأيدي وحساب الأغلبية بدلاً من نظام الإجماع، رغماً عن الصراخ ضده في القاعة.

خاطر الملك فهد باستقرار بلاده وإمكانياتها، حيث كانت احتمالات تحرير الكويت ضعيفة، مثل احتمال ألا تقوم الحرب، أو أن تقوم وتدوم طويلاً مثل حرب إيران، وهناك احتمال الهزيمة، أو لا يتحقق نصر كامل، أو لا يخرج صدام كلياً من الكويت، وهناك احتمال ألا تخرج السعودية من الحرب سليمة. كان زعيماً شجاعاً اتخذ قراراً تاريخياً، في حين كان بإمكانه أن يفعل مثل الشيخ حمد في قطر، فيساوم صدام مقابل الكويت لكنه لم يفعل، وكلنا فخورون بقراره الوقوف مع الكويت.

وعندما نسمع أصواتاً كويتية متحاملة من البعض تؤيد قطر، بدل أن تستنكر أفعالها التي تستهدف أمن ووجود الدول الأربع التي دعمت الكويت في أخطر أيامها، نستغرب كثيراً. نعم، هناك دَين أخلاقي كبير على الكويت ونتوقع أن تحفظ شيئاً منه. أما إذا كانت المصالح، لا الأخلاق، هي ما يحرك هؤلاء البعض، فننصحهم محبة وحرصاً عليهم، بأن يفتحوا عيونهم وعقولهم ويوازنوا بين مصالحهم المستقبلية، الأعظم أهمية، مع وعود حكومة قطر اليوم وإغراءاتها الزائلة. فالكويت على خط الزلازل، وهي أكثر دولة تحتاج إلى وحدة المجلس واستقراره. لقد رحل صدام وخلفه من هم أسوأ منه وأعظم شراً.

arabstoday

GMT 01:00 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 01:25 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

GMT 07:47 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

مبررات التحالف بين واشنطن وإسرائيل

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت والسعودية بين أزمتين الكويت والسعودية بين أزمتين



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab