قطر من دون أسلحتها الثلاثة

قطر من دون أسلحتها الثلاثة

قطر من دون أسلحتها الثلاثة

 العرب اليوم -

قطر من دون أسلحتها الثلاثة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ظلت سلطات الدوحة تتمتع بثلاث مزايا، الإعلام والمال والدبلوماسية الفعالة، عوضتها عن ثلاث، قلة سكانها وصغر مساحتها وضعف جيشها. إنما في هذه الأزمة تبدو قطر للجميع صغيرة وضعيفة وهدفاً سهلاً، فما الذي حدث؟

قبل ذلك لا بد من القول إنها برشاقة وفعالية عالية نجحت في فرض نفسها لسنين طويلة مستفيدة من مزاياها الثلاث، وكذلك لأسباب أخرى من بينها أنها كانت تلعب في الفراغ الذي عاشته المنطقة. فمصر تحت رئاسة حسني مبارك كانت تتجنب الدخول في النزاعات، وتأنف من الرد على تحرش الدوحة وتحريضها الصريح إلا بردود دبلوماسية هادئة وإعلامية محدودة. أما السعودية فقد انشغلت بإطفاء النيران التي أشعلتها قطر بدلا من مواجهتها مباشرة في أفغانستان ولبنان واليمن وداخل المملكة نفسها.

وعندما نتحدث عن ضآلة قطر مساحة أو سكانا لا نعني بها نقيصة، فسنغافورة بلد صغير وعظيم، مساحة قطر أكبر منه 12 مرة، ونحو نصف سكان سنغافورة، كما أن قطر أكبر مساحة من لبنان. الذي ننتقده أن حكومة قطر تتوهم نفسها قوة إقليمية كبرى، تريد تغيير المنطقة وفرض سياساتها عليها دون اعتبار لا لحجمها ولا احترام لهذه الدول نفسها. وتريد قطر أن تحدث التغيير في المنطقة، وهي نفسها لا تُمارس شيئاً مما تحاول فرضه بالقوة على الآخرين وقلب أنظمتهم. تدعم وتمول فرض آيديولوجيات متناقضة على مصر وتونس، من ديمقراطية وإسلام متطرف، وهي لا تطبق شيئاً منها على الإطلاق.

هذه الشخصيات المتعددة المتناقضة، أو الشيزوفرانيا القطرية، أفقدتها كل احترام في العالم، بوجه ليبرالي في الداخل، ووجه إخواني متطرف في سياستها الخارجية. عاصمة المتناقضات، بين دعمها وتمويلها للمتطرفين في محافظة الأنبار العراقية، واستضافتها زعماءهم الذين يسكنون في قطر جنبا إلى جنب مع القاعدة العسكرية الأميركية التي تنطلق منها المقاتلات لقصف الفلوجة والرمادي كل يوم! وهي مسؤولة مع إيران عن دعم الانشقاق الفلسطيني، بدعم حماس ضد السلطة الفلسطينية. وكانت تستضيف قادة حماس والمكتب الإسرائيلي في الدوحة.

لسنوات دأبت على دعم خصوم السعودية في اليمن، الحوثيين اليمنيين وبعض قادة قبائل يمنية شماليين ممن حاربوا السعودية في أواخر العقد الماضي، وقامت بتمويل معارضين سعوديين في الداخل والخارج. وفي نفس الوقت ظلت تتحدث عن العلاقة الأخوية والجارة الكبرى وغيرها من الترهات والخطب الفارغة. صمت وصبر الدول الإقليمية على حكومة قطر هو الذي جعلها تتمادى، حتى قررت أربع دول أخيراً أن تلتفت إلى مصدر الفوضى بدلا من مواجهة وكلائه.

مزايا قطر الثلاث، المال والإعلام والدبلوماسية، صارت مزايا خصومها من الدول الأربع التي أذاقت سلطات قطر ما كانت تطعمه المنطقة. وفجأة وجدت قطر نفسها محل الشتيمة والسخرية، والإحساس بالقطيعة، والخوف على أمنها ووجودها. وهي، مع مرور الوقت وتكاثر المصائب، تكتشف تدريجيا أنها بلد صغير حقا، وأنها من دون شقيقاتها الخليجية والعربية لا قيمة لها، ولن تستطيع العيش في سلام. اكتشفت قطر أن قاعدة العديد الضخمة لن تحميها، وتهديداتها بالاستعانة بإيران لم تخف خصومها، ولا دعوة الأتراك، ولا أبواق الإخوان الإعلامية، ولا تسويق المائة وسبعين مليار دولار في الغرب، ولا شبكات الدوحة من المنتفعين في السعودية والبحرين والكويت وغيرها من دول المنطقة. كلهم لن يفلحوا في منح الدوحة ليلة من الطمأنينة.

قطر في حاجة أن تفهم العالم القاسي على حقيقته، الحقيقة أنها عاشت وعاثت في المنطقة، ليس لأنها قوية، بل لأن جيرانها صبورون وحليمون.

مزايا قطر الثلاث جردتها منها الدول الأربع، مجتمعة عندها إعلام أكبر، ومال أوفر، ودبلوماسية أسرع وأكثر رشاقة وحيوية. ومن يرى استعانة حكومة قطر بوزير الخارجية المبعد، الشيخ حمد بن جاسم، وسكنه وفريقه في فندق هاى آدامز في واشنطن، وكيف أنه اضطر أن يرسل رسالة عبر قناة السي إن إن إلى الرئيس دونالد ترمب بعد فشله، يدرك مدى ورطة قطر في هذه الأزمة وخطرها عليها.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 01:00 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 01:25 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

GMT 07:47 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

مبررات التحالف بين واشنطن وإسرائيل

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر من دون أسلحتها الثلاثة قطر من دون أسلحتها الثلاثة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab