الصين وأميركا في الخليج

الصين وأميركا في الخليج

الصين وأميركا في الخليج

 العرب اليوم -

الصين وأميركا في الخليج

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

إيران تواجه الانتقادات الداخلية والخارجية من توقيعها الاتفاقية الثنائية مع الصين بالتهوين قائلة، إنها مجرد اتفاق ثنائي آخر، لكن ذلك يبدو بعيداً عن الحقيقة. تقريباً، كل نفوط إيران وغازها وموانئها وقطاراتها ومشاريعها وأسواقها ذهبت إلى الصين ولربع قرن، التي تعهدت بدورها بالتمويل والسلاح والدعم السياسي.

هذا الاتفاق الثنائي الاستراتيجي سيضطر الدول الغربية إلى إعادة النظر في رؤيتها للمنطقة، وفق مصالحها التي أصبحت مهددة أكثر من ذي قبل.

هل خسرت واشنطن إيران؟ الحقيقة أن الولايات المتحدة لم تملكها حتى تفقدها، بخلاف ما يردد البعض من المحللين. إنها مثل حالة طلاق بين زوجين مضى عليه أربعون عاماً. الذي حدث أن إيران لم تؤسس علاقة وطيدة مع قوة أخرى كل هذه السنين إلى الأسبوع الماضي، عندما وقعت اتفاقها الطموح مع الصين، الذي من المبكر الآن الحكم على إمكانية نجاحه.

وليست الإدارة الأميركية من أضاعها، إيران هي من حسمت الأمر، وأدارت ظهرها لواشنطن. وفي الجدل الدائر في واشنطن خسرت المدرسة التي كانت تميل إلى التصالح مع النظام الإيراني، وتفعيل الاتفاق الشامل. ومن الطبيعي ألا تتفقا؛ نظام ديني متطرف مع نظام رأسمالي ليبرالي. إضافة إلى ذلك، إيران، مثل فيتنام، نظام حرب خاسرة.

على أي حال، إيران أبحرت باتجاه الشرق، وعلى الولايات المتحدة أن تقلل خسائرها في المنطقة ليس بسبب الصين فقط بل أيضاً بسبب سياستها الخشنة ضد حلفائها الأساسيين.

الولايات المتحدة تعاني من مشكلة كبيرة في منطقتنا هي انعدام الثقة بها. جعلت حلفاءها الإقليميين خصوماً لها. فهي منذ أن أنهت وجودها العسكري الكبير في العراق تعبر عن رغبتها في الانكماش التدريجي من المنطقة بدواعي تراجع مصالحها فيها، مع بروزها كدولة مكتفية من البترول داخلياً ومصدرة له. لكن في الوقت نفسه تريد وقف تمدد خصمها الصيني في آسيا وأفريقيا. تنظر واشنطن إلى بكين على أنها مصدر التهديد الرئيسي لها، تواجهها في جنوب وشرق آسيا.

لكن واشنطن تفقد حلفاء مهمين نتيجة سياساتها معهم، مثل السعودية وتركيا ومصر، وبإصرارها على التدخل في شؤونهم الداخلية باسم القيم الأميركية. عدا أن الولايات المتحدة لم تعد سوقاً مهمة لدول النفط، مثل السعودية، حلت محلها السوق الصينية. السعودية هي مصدر البترول الأكبر للصين، ومن المتوقع أن تكبر حصتها في السوق الصينية مع تزايد واردات الصين البترولية إلى أكثر من 16 مليون برميل قبل نهاية هذا العقد.

مع أنه ليس من المتوقع أن تتجه الرياض وشريكاتها الخليجية إلى حضن الصين، كما فعلت طهران، إلا أن المصالح التجارية ستمنح السعودية حرية أكبر بعيداً عن التأثير الأميركي. وقد عرض وزير خارجية الصين الأسبوع الماضي مبادرة صممت لمراعاة احتياجات دول الخليج. المبادرة هدفها كسب إيران وطمأنة السعودية. تضمن الصين بموجبه سلاماً في منطقة الخليج بين الجانبين.

على النقيض من ذلك، تعاني الولايات المتحدة من أزمة في إدارة علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، وتخسر ما بنته في عقود من علاقات مميزة بتدخلاتها في شؤونهم الداخلية.

وهذا لا يعني أن المشروع الصيني سيسير على طريق من الحرير. السيطرة على سلوك إيران العدواني إقليمياً لن يكون سهلاً، على الأقل ليس في السنوات الأولى من العلاقة. فطبيعة نظام المرشد الأعلى الديني العسكري لن يتوقف عن خوض النزاعات في دول الجوار. ولن تعدل سلوكه داخلياً الوعود الهائلة من مداخيل مبيعات الغاز والنفط والتجارة في السوق الصينية، بحيث يلتفت إلى تحسين وتطوير الأوضاع الداخلية. لهذا أتوقع أن تستمر ديناميكية الصراع بين الأقطاب في الداخل.

في اتفاقية الصين وإيران، علاقة بين شريكين خصمين آيديولوجياً لكنها علاقة المضطر، كمحاصرين أميركياً. الحزب الصيني الشيوعي الحاكم دنيوي براغماتي لم يعد يرغب في تصدير آيديولوجيته للعالم، بخلاف إيران، نظام ديني آخروي، يريد فرض معتقداته ومحاربة العالم. وأهداف الصين من العلاقة في مبادرة «الحزام والطريق» واضحة، هي الموارد والأسواق. لهذا ستضطر الصين لفعل الكثير لإسناد النظام الإيراني في مواجهة العالم حتى تحافظ عليه، ومهما بدا عنيفاً ومتماسكاً يعاني كثيراً من تشققات في مؤسسات الحكم.

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين وأميركا في الخليج الصين وأميركا في الخليج



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab