الفارق بين الحشد والصحوات

الفارق بين الحشد والصحوات

الفارق بين الحشد والصحوات

 العرب اليوم -

الفارق بين الحشد والصحوات

بقلم : عبد الرحمن الراشد

تحذيرات المنظمات الدولية من ميليشيا الحشد الشعبي أعاد وضعها للواجهة٬ كتنظيم خطير. وهناك حملة تشويش تتعمد تضليل العالم حول شرعية الحشد بمقارنته بغيره مثل الصحوات والبيشمركة.

في آخر سنوات الأميركيين في العراق لجأت القيادة العسكرية إلى تكوين قوة من العشائر السنية من أبناء محافظة الأنبار لتخليصها من تنظيم القاعدة الإرهابي٬ بعد فشل الأميركيين. كانت الأنبار حالة ميئو ًسا منها وفق ما نشرته بصحيفة «نيويورك تايمز» آنذاك في تصريح لقيادات في الاستخبارات الأميركية٬ قائلا إن غرب العراق قد خرج تما ًما عن السيطرة. بعد أن تم تشكيل قوة ُسميت بالصحوات٬ قوبلت بالسخرية على اعتبار أن أهل المحافظة جميًعا مشتبه بهم٬ ولأن «القاعدة» كانت في أوج نفوذها خاصة الفرع الأكثر خطورة الذي أسسه الزرقاوي٬ الذي نسميه اليوم «داعش». وقد نجح في قتل قائد الصحوات٬ ودارت معارك صعبة انتهت بعد عامين بالقضاء على الإرهابيين. وقد عارضت حكومة نوري المالكي٬ آنذاك٬ إقامة قوة عشائرية طائفية٬ كون الصحوات سنية٬ وأنها ستتحول إلى قوة مسلحة مناوئة للسلطة المركزية. وفي النهاية تم حلها٬ بوقف مخصصاتها المالية٬ وضم عدد قليل منها إلى القوات المسلحة.

نظرًيا٬ كان القلق مبر ًرا ضد وجود قوة موازية٬ في دولة لا تزال تعيش أوضا ًعا مضطربة٬ لكن ميدانًيا تم إلغاء الصحوات العشائرية٬ ولَم ُيستعض عنها بقوة حكومية مسلحة تحرس غرب العراق٬ النتيجة أن «القاعدة» عادت٬ وسيطرت على مناطق واسعة٬ وه ّجرت الآلاف وقتلت الكثيرين. بسبب فشل المالكي في تعويض الصحوات عاد سرطان الجماعات الإرهابية وصار يحاصر أطراف بغداد٬ واستولى على الموصل وبيجي وغيرهما. هذا مختصر حكاية الصحوات. وهناك قوة ثانية موازية هي البيشمركة٬ وهي قوات كردية مسلحة تم التفاهم على أن تعمل في مناطقها٬ وتعفي الدولة من نشر قواتها المسلحة٬ وطالما أن للأكراد وضًعا خا ًصا في إقليم شبه مستقل فإن البيشمركة ستبقى تحمي مناطقهم.

قصة الحشد الشعبي تختلف عن الصحوات والبيشمركة٬ فقد ولدت من مجموعة ميليشيات طائفية شيعية موجودة من قبل٬ وتحظى بدعم السلطة ضمن محاصصة بين القوى الدينية الشيعية المتنافسة. بعد سقوط الموصل٬ وفرار القيادات العسكرية٬ دخلت إيران على «خط المساعدة»٬ وأشارت على القوى السياسية المتنفذة بإضعاف نظام الحكم الذي بناه الأميركيون٬ ومنه الجيش٬ الذي اعتبروه من مخلفات حكم صدام حسين. وهذا ليس صحي ًحا٬ لأنه منذ سقوط صدام جرى قتل وإبعاد الآلاف من منسوبي القوات المسلحة بعد حلها في عام 2003 .إنما لدى إيران والقادة الطائفيين رغبة في بناء قوة عسكرية طائفية٬ موازية للجيش تابعة لهم٬ تتحمل الدولة تكاليف تسليحها٬ ورواتب منسوبيها. والفكرة مماثلة لما فعله أتباع آية الله الخميني بعد الثورة على الشاه٬ حينما أسسوا الحرس الثوري لتمكين أنفسهم من السلطة وإقصاء بقية القوى الإيرانية الشريكة في الثورة.

ا كيف تتبلور لتمكين فريق شيعي واحد من الحكم٬ وتهميش بقية القوى الشيعية والعراقية الأخرى. وإيران «الحشد» ميليشيا ضخمة تتبع الدولة شكلًيا٬ وسنرى لاحقً

ستكون المسيطر على الجماعة السياسية التي تسيطر على الحشد الشعبي.

الفارق بين جماعتين مسلحتين٬ الصحوات السنية والحشد الشعبي٬ أن الأولى أسست لمقاتلة المتطرفين السنّة في مناطق سنية٬ أما الحشد الشعبي فهي ميليشيات شيعية تسخر لحكم العراق بشكل عام٬ وفيما تم حل الصحوات وانتهت٬ فإن الحشد مشروع يتضخم وليس خا ًصا بتحرير الموصل٬ أو فقط مطاردة «داعش». ومع أن السلطات العراقية حاولت طمأنة المعارضين والمتشككين من الحشد بإضافة وحدات صغيرة سنية٬ لكن يبقى الحشد في معظمه وقيادته مشرو ًعا طائفًيا خطي ًرا وسلا ًحا لإيران سيهدد كل العراقيين.

السؤال الأخير: هل يمكن إنقاذ العراق من التغييرات الخطيرة؟ طالما أن السلطة المركزية المنتخبة ضعيفة٬ وطالما أن إيران تستولي تدريجًيا على المؤسسات العراقية٬ فإنه لن يكون سهلا وقف مشروع الحشد٬ فهو يماثل ميليشيا «حزب الله» في لبنان الذي سيطر عملًيا على البلاد٬ دون أن يحتاج إلى أن يلغي مؤسسات الحكم السياسية بعد أن جعلها عاجزة٬ من رئاسة وحكومة وبرلمان. الحل بيد العراقيين بالدرجة الأولى لوقف تخريب الدولة٬ ثم المنظمات الدولية٬ وحثها على محاسبة الحشد دولًيا ومحاصرتها بحظر تسليحها ووضع قياداتها على القوائم السوداء٬ وتحميل الولايات المتحدة المسؤولية وحثها على التدخل لتصحيح الوضع. العراقيون جميًعا سيفقدون دولتهم الحديثة٬ التي مات في سبيلها الآلاف٬ ما لم يقفوا ضد بناء الميليشيات وضد التكتلات الطائفية وضد الهيمنة الإيرانية على الدولة.

arabstoday

GMT 01:00 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 01:25 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

GMT 07:47 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

مبررات التحالف بين واشنطن وإسرائيل

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفارق بين الحشد والصحوات الفارق بين الحشد والصحوات



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab