وفاة ثعلب طهران المحاصر

وفاة ثعلب طهران المحاصر

وفاة ثعلب طهران المحاصر

 العرب اليوم -

وفاة ثعلب طهران المحاصر

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ليست صحيحة المرثيات التي تقول بأن نظام إيران بات في خطر بوفاة أحد أعمدته٬ هاشمي رفسنجاني. النظام خسر صقره منذ سنوات٬ تم نتف ريشه حتى أصبح بلا سلطة٬ ولا قيمة رسمية حقيقية٬ معزولا وتحت المراقبة. وتم إبعاد معظم رجالاته من صالونات الحكم٬ وسجنوا ابنته فائزة٬ ثم استدرجوا ابنه مهدي بأنه إن عاد من الخارج طواعية لن يحاسب٬ وأول ما نزل من سلم الطائرة اعتقل ورمي في السجن.

نظام إيران يأكل أبناءه منذ بدايات الثورة٬ حيث تآمر المتزاحمون على السلطة على الشاب القريب من آية الله خامنئي٬ أبو الحسن بني صدر٬ الذي فاز بالرئاسة٬ فهرب ليلا ولجأ إلى فرنسا٬ ولا يزال يخاف على نفسه. ثم أعدموا بالرصاص وزير خارجيتهم٬ وكان صوت الثورة٬ صادق قطب زاده. ووضعوا في الإقامة الجبرية قيادات من رفاق الثورة من آيات الله٬ وآخرهم مهدي كروبي ومير حسين موسوي٬ لأنهما اعترضا على التزوير وسوء السلطة. هؤلاء كلهم كانوا رجالات النظام وليسوا خصومه.

المعارضة الإيرانية تحدثت عن الاشتباه في ظروف وفاة رفسنجاني٬ لأنه كان يمارس نشاطه بحيوية٬ رغم عمره المتقدم٬ حتى آخر يوم قبل وفاته٬ لكن وإن كانت وفاته طبيعية٬ فالأكيد أن القيادة الحالية عملًيا قتلت رفسنجاني منذ سنوات٬ عندما ألغته من المشهد.

ما الذي فعله حتى يعاقب؟ لم يؤخذ عليه أي عمل أو موقف معاد للنظام٬ فقد كانت خلافاته مع القيادة على تفاصيل السياسة٬ وهي ليست سببا للخصومة؛ لأن المرشد الأعلى هو من يقرر. يخشون رفسنجاني لأن شرعيته تأتي بعد المرشد الأعلى٬ فهو ابن الثورة ومن أثرياء البازار وأقدم زعامات النظام٬ مما جعله هدفا لسهام منافسيه داخل قمرة القيادة. اتُهم أفراد عائلته دون اتهامه شخصيا٬ لأنه يملك شعبية في الشارع الإيراني التقليدي٬ وله علاقات دولية أكثر من أي من سياسيي طهران الآخرين٬ بناها بعد توليه الرئاسة ودعمه للصف «المعتدل» من مشايخ النظام٬ وساهم في إيصال محمد خاتمي للحكم.

الحكم في إيران لا يدار من أفراد٬ هو نظام ديني أمني يعمل جماعًيا٬ مثل النظم الشيوعية قدي ًما٬ بغض النظر عن المنصب والتراتبية٬ بمن فيهم رئيس الجمهورية٬ ويستثنى من ذلك شخص واحد٬ هو المرشد الأعلى الذي له الكلمة الأخيرة.

كان رفسنجاني ثعلبا سياسيا حتى قبل أن يتولى الرئاسة٬ وحرص على أن يرسم لنفسه صورة الزعيم المعتدل٬ مقارنة بالوجوه العابسة التي نراها في سرادقات الدولة٬ اليوم٬ وهذا لا يعني أنه كان معتدلا بمقاييس العالم خارج إيران. دعا رفاق الحكم إلى إنهاء الحصار الغربي على بلاده قبل سنوات من مفاوضات النووي التي أدت إلى نفس النتيجة التي كان يدعو إليها٬ لكن منافسيه لم يتراجعوا إلا بعد أن صار الحصار الاقتصادي عليهم قاسيا ويهدد بقاء النظام.

ثعلب طهران هو من قاد مشروع المصالحة مع دول الخليج في أعقاب حرب تحرير الكويت٬ وحرص على أن يذهب للأمير عبد الله بن عبد العزيز٬ رحمه الله٬ ولي العهد حينها٬ ورئيس الوفد السعودي في القمة الإسلامية في السنغال. ذهب إليه٬ صافحه٬ وصالح السعودية بعد حل مشكلة النزاع على حصة الحجاج الإيرانيين٬ بعد أن أصرت السعودية على تخفيضها من مائة وعشرين ألفا إلى سبعين ألف حاج٬ انسجاما مع قرار منظمة المؤتمر الإسلامي٬ وبعد عمليات التخريب التي مارستها بعثات الحج الإيرانية في مكة المكرمة. قبلت طهران بحصتها المخفضة٬ ووافقت المملكة على أن تجرى شعائر «البراءة» في منطقة أراضي البعثة الإيرانية التي تقيم فيها٬ وليس في الحرم أو جواره. وانتكست العلاقات من جديد عندما نفذت الاستخبارات الإيرانية عملية تفجير أبراج الخبر في السعودية التي قتل وجرح فيها عدد كبير من الأميركيين٬ جاء رفسنجاني للسعودية وأمضى فيها أسبوعين يحاول إصلاح ذات البين٬ وتم التصالح بين البلدين. ثم خربت العلاقات مرة ثالثة عندما تبّين أن طهران طرف في تفجيرات الرياض عام 2004 التي نفذت بناء على توجيهات من قيادات «القاعدة» المقيمة داخل إيران٬ الأمر الذي لم تنفه طهران عندما جوبهت بالأدلة٬ وادعت أنها جرت خلف ظهرها. وصار السعوديون٬ كبقية دول المنطقة٬ لا يثقون بوعود رفسنجاني٬ أو أي من قيادات النظام هناك.

وفاة رفسنجاني تثبت للعالم عجز طهران وفشل قيادتها في الانتقال من زمن الثورة إلى الدولة الحديثة المعتدلة.

المصدر : جريدة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 01:00 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 01:25 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

GMT 07:47 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

مبررات التحالف بين واشنطن وإسرائيل

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفاة ثعلب طهران المحاصر وفاة ثعلب طهران المحاصر



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 العرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 09:47 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 23:10 1970 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
 العرب اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:28 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 العرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 11:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال يعتدي بالضرب على طفل في بيت فوريك شرق نابلس

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:36 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الإنكليزي يوجه تهمة سوء السلوك لـ ماتيوس كونيا

GMT 19:19 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تشيلسي الإنكليزي ينفي تناول مودريك المنشطات في بيان رسمي

GMT 17:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مؤشر دبي عند أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات

GMT 16:16 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

بنك المغرب المركزي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الطيران المدني الإيرانية تنفي إغلاق مجالها الجوي

GMT 04:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

قلق في أوروبا بسبب فيروس شلل الأطفال

GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab