حافظ وليس بشار

حافظ وليس بشار

حافظ وليس بشار

 العرب اليوم -

حافظ وليس بشار

بقلم : عبد الرحمن الراشد

 

كثيرٌ ظهرَ وقيلَ عن سجونِ بشارِ الأسد. هناكَ نحوُ مائتي ألفِ سجينٍ ومختفٍ، لكنَّ الحقيقةَ هو أنَّه لم يكنْ من بدأ العنفَ سياسةً للسيطرة، بل ورثَ الفكرةَ والوظيفةَ والمؤسساتِ من والدِه.

فقد اعتمدَ الأبُ، حافظُ الأسد، على علاقةٍ استراتيجيةٍ مع الاتحاد السوفياتي، ساعدتْه، مع ألمانيا الشرقية، ونقلتْ إليه تقنيةَ القمعِ الممنهج.

ليسَ صدفةً أنَّ نظامَ الأسدِ الحديديَّ كانَ مشابهاً لنظامِ صدام حسين، رئيسِ العراق الأسبق. فكلا النظامين كانَ بعثياً، ووصل الرجلان الحكمَ عبرَ انقلابين على حزبيهما، وقامَا بتصفيةِ رفاقِهما. صدام وحافظ عاشَا في القاهرةِ وتأثَّرا بعبدِ النَّاصر. عُرف النظامانِ بالقمعِ والقسوةِ، وماتَ مئاتُ الآلاف في سجونِ النظامين البعثيين.

هناكَ كثيرٌ من الأقوالِ ونظرياتِ المؤامرةِ حول وصولِ الأسدِ للسلطة. فقد ترقَّى سريعاً إلى رتبةِ لواء، ثم صارَ قائداً للقوَّةِ الجوية، ووزيراً للدفاع ووقعتْ هزيمةُ 1967، والجيشُ تحتَ إمرتِه. كيفَ صارَ رئيسَ وزراء ثم رئيساً رغم أنَّه المسؤولُ عن الهزيمةِ، في حين أنَّ نظيرَه المصريَّ المشيرَ عبد الحكيم عامر، انتحرَ، والأرجحُ أنَّه قُتلَ في زنزانةٍ بعدَ الهَزيمة.

كثيرٌ من الوثائقِ السّريةِ الغربيةِ حول تلك الحقبةِ أصبحت متاحةً، لكن لم نجدْ فيها ما يؤيّدُ النَّظريةَ التي تقول إنَّ حافظَ وصلَ للحكم بدعمٍ من الإسرائيليين أو الغرب. لكنَّ النّظامَ نفسَه اخترق على مستوياتٍ عليا، وأشهرُها قصَّةُ الإسرائيليّ إيلي كوهين الذي بدأ نشاطَه، تحتَ اسم كامل أمين ثابت، في العام نفسِه الذي صارَ حافظ رئيساً وبعدَ أربعِ سنواتٍ تمَّ اكتشافُه وإعدامُه.

على المستوى السّياسيّ لعبَ الأسدُ دورَه في معسكر السوفيات خلالَ الحربِ الباردةِ في مواجهةِ النفوذ الأميركي. سهَّل بناءَ شبكةٍ معقَّدةٍ لتنظيماتٍ إرهابيةٍ باسم تحريرِ فلسطين، كانتْ معظمُ عملياتِها موجهةً للأميركيين، واستهدفتِ القياداتِ الفلسطينيةَ المضادةَ والعربَ القريبين من واشنطن. الأسدُ كانَ خلفَ اغتيال ممثلي منظمةِ التحرير الفلسطينية في لندن وباريس وبروكسل، وحاولَ اغتيالَ ياسر عرفات عام 1974.

في رأيي لم يكنِ الأسدُ الأبُ مرتبطاً بالإسرائيليين، لكنَّه كانَ يحسب حسابَ قوتِهم، ولم تُطلق رصاصةٌ واحدةٌ من حدودِه على إسرائيل، لماذَا، وقد كانَ هو أكثرَ الأنظمةِ ادعاء بالعداءِ لإسرائيل؟ إمَّا أنَّ هذا كان اتفاقاً معهم بما هو أبعدُ من فكّ الاشتباك الذي هندسه الوزيرُ الأميركي هنري كيسنجر، وإما أنه كانَ يدرك أنَّ الإسرائيليين يستطيعونَ دخولَ دمشقَ وإسقاطَ نظامِه في ساعةٍ واحدة، وهي مسافةُ الطريقِ من حدود الجولان إلى العاصمة.

قضَى معظمَ عمرِه يخدم مشروعاً واحداً فقط، هو الحفاظُ على الحكمِ بكل السّبل بما فيها المزايدةُ على القضيةِ الفلسطينية، وأفشلَ مساعيَ الفلسطينيين في إقامة دولتِهم بالاغتيالات والدعايةِ ضدهم. لكنَّه قُبيل وفاتِه مهَّد الطريقَ لمشروعِ سلامٍ تمَّ التفاوضُ عليه في جنيف، وعندمَا تسلَّم بشار الحكمَ تراجع الإسرائيليون لعدمِ ثقتهِم به.

حافظ عُرفَ بدهائِه في علاقاته الخارجية وكانَ أكثرَ وعياً بالحساباتِ الإقليمية والدولية. صدام عُرف بجهلِه وحبِه لاستعراض قوتِه ضد خصومه. قامَ مرة بإرسال فيديو عمليةِ تصفيةٍ شهيرة ضد رفاقه في الحزب إلى الأحزاب والسفاراتِ عام 1979.

بشارُ الأسد ورثَ عن والدِه نظامَ حكمٍ بائس. دامَ رئيساً نحو ربعِ قرنٍ دون إنجازات تنموية أو إصلاحات إدارية. ارتكب قراراتٍ كارثيةً في سياساته الداخليةِ والخارجية. والسؤالُ الذي لم أجد له إجابة شافية هو حول تحالفِه مع إيران؟

لماذا ومنذُ متَى بدأتِ العلاقة؟ ودورُه في عمليات الاغتيالِ الواسعةِ في لبنانَ لصالحِ «حزب الله»؟ للحديث صِلة.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 09:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حافظ وليس بشار حافظ وليس بشار



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab