العمدة صديق خان

العمدة صديق خان

العمدة صديق خان

 العرب اليوم -

العمدة صديق خان

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في مدينة لندن أكثر من ثمانية ملايين نسمة، بينهم نحو مليون مسلم، ورغم ما ألحقه المتطرفون في أنحاء أوروبا بسمعتهم، انتخبت أغلبية السكان مسلًما، صديق خان، عمدة للعاصمة البريطانية، مما كان مفاجأة للكثيرين.

العمدة هنا وظيفة مهمة، فميزانية المدينة 17 مليار جنيه إسترليني، تفوق نصف ميزانيات العواصم العربية مجتمعة، وتخدم لندن ستة مطارات، وفيها 43 جامعة، ومقر لصناعة الإعلام الدولية، ويقيم فيها أكبر عدد من الأثرياء في العالم.

لا يمكن أن تجد روًحا متسامحة أكثر من أن يمنح سكان هذه المدينة البروتستانتية التاريخية العمادة لمسلم. على أية حال خان نفسه، لندني، ليس إمام مسجد، ولا داعية، ولا علاقة له بنشاطات دينية، وقد كسب الجولتين الانتخابيتين ببرنامج مدني، وعد فيه أهالي العاصمة بتعزيز الأمن، وخدمات بلدية أفضل، وتحسين مستوى الإسكان.

لندن عانت من المتطرفين المسلمين، كما عانى سكانها المسلمون مما لحق بسمعة ديانتهم من تشويه نتيجة جرائم تنظيمات إرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش». وعرفت المدينة لسنوات دعاة متطرفين يحرضون ويبثون دعوات الكراهية، مع أن لندن هي التي آوتهم قبل غيرها من جوع وخوف، ثم انقلبوا عليها يحضون على العنف ويحقرون نظامها. خان المسلم قد يتبنى سياسة أكثر تشدًدا من العمدة السابق ضد المتطرفين المسلمين حتى يوقف مّد التطّرف. وله آراء صريحة سابقة كان قد أعلنها ضد حزب الله وحماس، وقد أعرب عن قلقه من انتشار التطّرف بين الشباب المسلم، وأنه سيقود حملة لمواجهته. كما عزز دعواته للتسامح، فزار المعابد والكنائس، وظهر في الصحافة الهندية يزور معبًدا هندوسًيا، واعًدا المستمعين بأنه سيقود فريًقا من رجال الأعمال البريطانيين في رحلة إلى الهند.في لندن، المدينة الكوزموبوليتانية، طيف من الألوان والثقافات. والعمدة ليس المسلم الوحيد، ففيها العديد؛ من المطرب كات ستيفن، إلى الشيف التي طبخت للملكة كعكة ميلادها التسعين، ناديا حسين، والعشرات من النواب واللوردات وأساتذة الجامعات والأطباء.

انتخابات منصب العمدة في لندن هذه المرة، جاءت مدهشة وملونة، لأن أحد عشر متنافًسا من مختلف الفئات جربوا حظهم في السباق ضد صادق خان الذي ينتمي لحزب العمال، إنما أغلبية الأصوات راحت له بفارق كبير. والمرشح الذي جاء في المرتبة الثانية، هو الآخر ينتمي لعائلة غولد سميث اليهودية العريقة، أخته جمايما التي كانت زوجة كابتن منتخب باكستان للكريكت، عمران خان، الذي لازمه الفشل دائًما في الانتخابات الباكستانية، عندما حاول مراًرا أن يصل لرئاسة الوزراء.

لندن، لمن يقرأ صحافتها، تبدو كقرية، تطفو أخبار النميمة في الجرائد على أخبار الحروب. وأهل العاصمة لم يفاجئوا العالم فقط بانتخابهم مسلًما عمدة، بل أهم من هذا كله أنهم بأغلبية ساحقة صوتوا ضد الحزب العنصري الوحيد، BNP، الذي لم يحصد من أصوات الناخبين سوى أقل من واحد في المائة!

والمفارقة كبيرة بين المتنافسين، ليس في أنها بين مسلم وآخر من عائلة يهودية في لندن البروتستانتية المسيحية، بل حتى طبقًيا. فإن صادق خان هو ابن سائق أوتوبيس، ومنافسه زاك غولدسميث أبوه من أكابر مليارديرات بريطانيا. وقد أثار انتخاب خان الكثير من الاهتمام والإعجاب في محيطنا العربي، الذي اعتبره كثير من المعلقين دلالة على ارتقاء التسامح على عصبية الكراهية، رغم ما ألّم بالقارة الأوروبية من تفجيرات وانتشار الخلايا الإرهابية.

والمفارقة الأخرى على مستوى العالم، أن لندن تختار عمدة مسلًما، في حين في الولايات المتحدة يختار الجمهوريون دونالد ترامب مرشًحا للرئاسة، ودعواته مليئة بالكراهية!

في انتخاب خان تعبير عن مشاعر اللندنيين وتوجهاتهم الليبرالية، لندن واحدة من أهم المدن وأكثرها حيوية، وقائدة للفكر والثقافة في العالم. وربما لا يعرف كثيرون أن أول العرب الذين استوطنوا عاصمة الإمبراطورية في القرن التاسع عشر، كانوا اليمنيين الذين جاءوا مع البحرية البريطانية، التي وسعت ميناء عدن وجعلته أكبر موانئها.

arabstoday

GMT 01:00 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 01:25 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

GMT 07:47 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

مبررات التحالف بين واشنطن وإسرائيل

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمدة صديق خان العمدة صديق خان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab