عبد الرحمن الراشد
خُصص ثلث المراكز الانتخابية البلدية في أنحاء السعودية للنساء في أول تجربة لهن كمرشحات. خطوة مثيرة للجدل، وحتى أن المؤمنين بأهميتها كانوا يشكون في إمكانية تنفيذها، لكن الملك سلمان أعطى دعمه لها، وبدأت الدوائر الانتخابية في تسجيل النساء كمنافسات للرجال في الترشح وكناخبات. لا شك أنه قرار تاريخي في وقت صعب.
ودخول المرأة في الانتخابات المحلية قد لا يكون فعالا إلى ثلاث دورات مقبلة، بعد اثني عشر عاما، وربما أبعد من ذلك. إنما المهم أنها وضعت قدمها، وبدأت تسير في الطريق نحو مشروع تمكين المرأة من أن يكون لها دور فاعل في المجتمع الذي تشكل نصفه. لهذا يجب ألا تحبط الأخبار الواردة عن ضعف مشاركتهن، مفهوم هذا التطور النوعي والتاريخي.
دخولها كمرشحة يعطي رسائل مهمة للمجتمع حول رعاية الدولة لمشاركة المرأة وتمكينها من حقوقها، في مسار وعر ومعقد نتيجة الظروف الاجتماعية في المملكة، لم يكن سهلا أبدا، ولا يزال صعبا. منذ الستينات وكل قرار يتخذ رسميا يثير إشكالات صعبة، وفي النهاية يتقبله المجتمع المحافظ، بدءا من تعليم البنات، إلى فتح الجامعات لهن، وتوظيف المرأة، ودخولهن مجالي التطبيب والتمريض، وحتى منحهن هويات وطنية، وكذلك شمولهن ببرنامج الابتعاث للدراسة في الغرب، وتخصيص عشرين في المائة من مقاعد مجلس الشورى لهن، ثم السماح للمرأة بالمشاركة بالتصويت في الانتخابات البلدية، والآن الخطوة أبعد بالسماح لهن بالدخول كمرشحات والعمل في المجالس البلدية.
المشكلة التي تواجه هذه القرارات المهمة أنها تحتاج إلى فرضها على الأرض، وهي ليست بالمهمة السهلة. إقناعهن بالترشح، وإقناع الرجال بالعمل مع المرأة في المجالس، وقبل هذا إقناع النساء بالذهاب إلى مراكز التصويت ستواجه فشلا في البداية، كما حدث في عدد من دول الخليج المجاورة. مع هذا لا يقاس نجاح إدماج المرأة ومشاركتها بأرقام الإقبال على الترشح أو التصويت في هذه المرحلة، بل بإعطاء الحقوق، ولاحقًا، أي بعد عقد أو عقدين، يمكننا أن نلمس الفارق.
الرسائل السياسية في الترشح والعمل البلدي أهم من قياس أعداد النساء، بما يؤكد أن هناك ثقة في دورهن والتأكيد على دعم المرأة، وفي الأخير هن يقررن المشاركة من عدمها.