سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية

سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية

سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية

 العرب اليوم -

سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية

عبد الرحمن راشد

الاعتقاد بوجود تنظيم إسلامي عسكري صديق وآخر شرير محض خرافة، فكل التنظيمات الإسلامية التي نراها اليوم على الساحة من أفغانستان إلى الجزائر ونيجيريا، تكفيرية وعدوانية، ترفع رايات الإسلام، وتشابه غوغاء المنشقين من المسلمين في فجر الإسلام، والذين اصطلح على تسميتهم بالخوارج. والتاريخ مليء بروايات مروعة عنهم وعن جرائمهم وقد قاتلهم الخلفاء عثمان وعلي ومعاوية.
وتأكيدا على خطأ الوثوق بحملة الرايات الدينية، الجبهة الإسلامية السورية، وهي الجماعة التي قدمت للسوريين على أنها تنظيم معتدل، وأن هدف تأسيسها مواجهة مد التنظيمات المتطرفة مثل داعش. ومع مرور الوقت تظهر الجبهة الإسلامية مثل داعش، ترفض المواطنة وتؤمن فقط بالرابطة الدينية، وتعتبر أن واجبها نشر الدعوة بين مسلمي سوريا، كما لو كانوا كفارا!
والغريب أن أطرافا عربية وغربية صدقت حكاية أن اختراع تنظيم إسلامي بديل لتنظيم البغدادي وجماعة الجولاني، وغيرهما من الحركات المتطرفة، سينظف الثورة السورية من التكفيريين والإرهابيين. هذه الجماعات الدينية التي تزعم أنها وسطية، ومعتدلة، وبديلة، لم تثبت صدق ما زعمته ولا مرة واحدة! الذي يحدث أنها تلعب دور الجسر الرابط بين الاعتدال والتطرف. فهي تتسلل باسم الاعتدال وتحول الفرد الذي يؤمن بالتعايش ومدنية الدولة، إلى التكفيرية، ليرفض مواطني بلده من ليسوا على دينه أو طائفته أو لا يلتزمون بتشدده!
أنا لا أقول: إنه لا يوجد معتدلون، بل لا توجد تنظيمات عسكرية معتدلة، لأن حمل السلاح والاستعداد للتضحية بالنفس غالبا مرتبط بالفكر الديني المتطرف. ومن هنا كان مشروع الجبهة الإسلامية السورية فكرة ساذجة، أو شريرة، نجحت في تقوية الجماعات التكفيرية الأخرى مثل داعش، وأضعفت القوى المدنية الوطنية مثل الجيش الحر. من روج لفكرة ضم الجماعات الإسلامية في الحرب هم من قاموا بهدم فكرة التغيير في سوريا، التي كانت تقوم على الخلاص من نظام أمني فاشي يتحكم في تفاصيل حياة الإنسان السوري، وإحلال نظام مدني يتسع للجميع، وينهي معاناة الشعب السوري.
تكرر في سوريا بتبني الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة، ما حدث في أفغانستان من قبل، بالاستعانة بالجماعات الجهادية للتخلص من الشيوعيين. عمليا، استولد نظام مشابه، بل أكثر إيذاء وخطورة، لأنه يستعير إيمان المسلم وتاريخه، لإقامة نظام يرفض الآخرين، يقوده متطرفون طموحون للحكم يستبيحون الدماء والأعراض ويكفرون المسلمين الآخرين، وهم من حذر الإسلام نفسه منهم. ولاحقا انتقل مقاتلو العشرات من الألوية والكتائب السورية إلى صفوف داعش، معجبين بنجاحاتها، وشراستها، لتذهب أموال وجهود الذين اخترعوا ودعموا الجماعات الإسلامية «المعتدلة» تماما ضد الهدف الذي خططوا له! يقول لي أحدهم إن تنظيما مثل الجبهة الإسلامية السورية اخترع لمقاتلة جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام، أي داعش! وبالفعل تم التخلص من مئات المتطرفين في مطلع هذا العام، لكن انظروا ما حدث لاحقا؟ تمكنت داعش بفضل نجاحاتها وبشاعة أفعالها من اجتذاب عشرات الآلاف من الشباب المبهورين والمغسولة أدمغتهم. النتيجة تم التخلص من بضع مئات الداعشيين وتم تعويضهم بآلاف آخرين!
وهذا يعيد الجميع إلى الطريق الأول، إلى دعم المعارضة الوطنية التي تمثل كل السوريين، ومساعدتها على تشكيل قوى تمثل كل فئات المجتمع السوري، وفي المنافي الخارجية آلاف المنشقين والمجندين السابقين، والشباب الراغب في إنهاء مأساة بلده. من دون بناء جيش مدني يؤمن بوطنه، والقيم الوطنية، التي لا تتعارض قط مع قيم دينه، فإن سوريا ستظل أرضا محروقة، ومرتعا للإرهابيين الذين لا يعتبرون النظام عدوهم، بل يعتبرون المجتمع كله كافرا يجب تخليصه وتطهيره أو مقاتلته!
قد لا يكون المقاتل السوري في الجيش الحر يماثل منافسه في داعش أو جبهة النصرة، انتحاريا يقاتل بشراسة، وهذا لا يقلل من قيمته أو إخلاصه. قد يرفض تفخيخ نفسه في سيارة وتفجيرها في صفوف العدو، لأنه يريد الحياة، وهذه تحسب له، فجيوش العالم تقاتل بشجاعة وليس بالضرورة بلا رحمة. يمكن للجيش الحر أن ينتصر بالتقنية الحديثة، وتقليل سفك الدماء، مستعينا بتأييد غالبية السوريين له، خاصة بعد أن روعتهم بشاعات جرائم قوات النظام، ومقاتلي داعش، ومثيلاتها من التنظيمات التكفيرية.
أعدموا فكرة الجيش الوطني الذي يمثل كل السوريين وطموحاتهم بدولة تتسع للجميع.

 

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية سورية وخطأ دعم التنظيمات الإسلامية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab