غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة

غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة

غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة

 العرب اليوم -

غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة

بقلم - عبد الباري عطوان

حجم الأضرار التي ألحقتها الغارة الصاروخيّة الإسرائيليّة فجر الثلاثاء الماضي على ميناء اللاذقيّة السوري بسُمعة روسيا ومكانتها في الشّرق الأوسط هي الأضخم مُنذ عودتها إلى المنطقة بقُوّةٍ بعد انهِيار الاتحاد السوفييتي هذه الغارة التي استهدفت ميناء اللاذقيّة الذي لا يَبعُد إلا مسافة 15 كيلومترًا عن قاعدة حميميم الجويّة الروسيّة العملاقة، وعدم تصدّي الدّفاعات الجويّة المُتقدّمة في القاعدة لها أصابت الرأي العام السوري، ومُعظم العربي، بحالةٍ من الإحباط، وفتحت المجال واسعًا أمام الكثير من التّأويلات أبرزها أنّ القيادة العسكريّة في القاعدة كانت على علمٍ مُسبق بالغارة قبل حُدوثها بحُكم اتفاقات التنسيق بين الجانبين الروسي والإسرائيلي، لتجنّب تكرار حادث إسقاط طائرة التجسّس الروسيّة عن طريق الخطأ الذي وقع في شهر أيلول (سبتمبر) عام 2018 وأدّى إلى مقتل حوالي 13 جنرالًا وضبّاط اتّصال كانوا على متنها.

لا يُمكن أن نُصدّق أن الرادارات الروسيّة المُتطوّرة جدًّا في القاعدة الروسيّة المذكورة، لم ترصد الطائرات الإسرائيليّة التي نفّذت هذه الغارة من فوق مياه المتوسّط، وهي التي رصدت صواريخ جبهة النصرة التي استهدفت القاعدة، وأسقطتها جميعًا، فإذا لم ترصدها، أيّ الإسرائيليّة، فهذه كارثة، أمّا إذا رصدتها فعلًا، ولم تتحرّك لإسقاطها، فهي كارثة مُضاعفة عشر مرّات إن لم يكن أضخم عندما أسقطت الصّواريخ السوريّة بالخطأ طائرة التجسّس الروسيّة المذكورة، أثناء تصدّيها لغارةٍ إسرائيليّة في أجواء اللاذقيّة، بسبب تشويش الصّواريخ والطّائرات الإسرائيليّة، ممّا حال دُون معرفة هويّة الطائرة الروسيّة التي تواجدت في الأجواء السوريّة في الوقت نفسه، ساد الغضب أوساط القيادة الروسيّة في موسكو بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، وأصدرت قرارها بتزويد الجيش السوري بصواريخ “إس 300” للتصدّي لأيّ عُدوان جوي إسرائيلي تبيّن لاحقًا أن هذه المُبادرة كانت شكليّة وغير جديّة، لأنّ استخدامها كان مشروطًا بإذنٍ روسيّ مُسبق، وللأسف أن الغارات الاسرائيليّة على سورية تواصلت، وكان هُجوم فجر الثلاثاء الأخير هو العاشر في أقل من شهر ونصف الشّهر، ولم تحصل القيادة السوريّة على الإذن المذكور لاستِخدام تلك الصّواريخ والتصدّي لها.

لا نعرف كيف سيكون الرّد على هذا الموقف من قِبَل الحليف الاستراتيجي السوري، فحتّى كتابة هذه السّطور لم يصدر أيّ بيان رسمي من دِمشق حول هذا “العُقوق” غير المفهوم، ولكن هذا الصّمت لا يُمكن أن يكون علامة على الرّضا، وربّما انتظارًا للاستِماع إلى وجهة نظر الجانب الروسي وتبريراته وربّما انتظارًا أيضًا لوصول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى العاصمة السوريّة التي اختارها كأوّل محطّة خارجيّة يزورها مُنذ فوزه في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة قبل سبعة أشهر تقريبًا. عندما شنّت الطّائرات الإسرائيليّة غارة على قواعد للقوّات السوريّة والإيرانيّة قُرب مدينة تدمر الأثريّة الشّهر الماضي، ممّا أدّى إلى استشهاد ما يقرب من أربعين جنديًّا، توعّدت غرفة العمليّات المُشتركة لمحور المُقاومة بردٍّ قويّ مُزلزل، وجاء هذا الرّد بقصف قاعدة التنف الأمريكيّة على الحُدود السوريّة الأردنيّة العِراقيّة المُشتركة التي انطلقت منها الطّائرة المُغيرة هذه الغارة الإسرائيليّة على ميناء اللاذقيّة تحت سمع وبصر القيادة العسكريّة الروسيّة في قاعدة حميميم تُشَكّل في نظرنا إهانةً لهذه القِيادة، واستفزازًا لها، ومُحاولةً لبَذْر بُذور الفتنة بين القِيادتين الروسيّة والسوريّة، وتأليب الرأي العام السوري والعربي ضدّ الحليف الروسي.

نُدرك جيّدًا أنّ القِيادة السوريّة تكظم الغيْظ، ولا تُريد إغضاب الحليف الروسي الذي ساهم في إنقاذها من المُؤامرة الأميركيّة الأوروبيّة والعربيّة، المُراد منها إطاحتها، وتغيير النظام، وتفتيت سوريا، بعد تدميرها وتمزيق وحدتها الوطنيّة، الترابيّة، والاجتماعيّة، وكان من المُفترض أن يكون هذا الحليف واعيًا لهذه المسألة، فمن الخطأ القاتل أن تُضحّي القِيادة الروسيّة بأكثر من ما يقرب من نصف مليار عربي، حِرصًا على مِليون إسرائيلي من أصلٍ روسيّ يُشاركون في الاغتِصاب، والجرائم الإسرائيليّة في فِلسطين المُحتلّة نتمنّى أن نسمع توضيحًا مُقنعًا لغِياب ردّ الفِعل العسكري الروسي على هذه الاعتِداءات الإسرائيليّة المُتكرّرة، خاصَّةً في هذا الوقت الذي تُواجه فيه روسيا تحشيدًا أمريكيًّا أوروبيًّا ضدّها في أوكرانيا والبحر الاسود، قد يكون مُقدّمةً لحربٍ ضروس، الأمر الذي يعني حاجتها لتعبئة أصدقائها العرب، أو بعضهم، خلفها، حتى لو كانوا ضُعفاء مثلما أوفت غُرفة عمليّات محور المُقاومة المُشتركة بالعهد وردّت بسُرعةٍ على غارة تدمر بقصف قاعدة التنف، لا نستبعد أن يكون الرّد على غارة اللاذقيّة أكبر، وفي الأيّام القليلة المُقبلة، أو هكذا نأمل من مُنطلق الدّفاع عن النّفس.. واللُه أعلم.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة غضبٌ مكتوم في سوريا وإيران على الغارة على ميناء اللاذقيّة



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab