المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد

المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد!

المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد!

 العرب اليوم -

المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد

بقلم- هدى الحسيني

يصعب على المرء أن يصدق كم مضى سريعاً العامُ الذي يشارف على الانتهاء، والأصعب إدراك كم من أحداثه ستستمر إلى العام المقبل وربما قد تمتد مشكلاتها وارتداداتها إلى سنوات أبعد.
بدءاً بولاية الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تسلم منصبة في بداية العام، وهو الرئيس الكبير في السن الذي لديه الكثير من القيم السامية في عالم لا قيم فيه سوى جشع السيطرة والتوسع، وربما بسبب تقدم سنه لم يستطع خلال السنة الأولى من رئاسته، وهي الأهم من حيث القدرة على اتخاذ القرار، أن يفرض الالتزام بالحد من الانبعاث الحراري، حمايةً للبيئة، ومعاقبة الدول التي لا تلتزم كما وعد في برنامجه الانتخابي، وعليه ستستمر أزمة المناخ لأعوام مقبلة. كما أن معالجته لعدد من الأزمات لم تكن حاسمة، كأزمة أوكرانيا ومفاوضات فيينا لبرنامج إيران النووي. ولعل قراره الانسحاب من أفغانستان رغم مظهره المتخبط، كان الأكثر جرأة ولكن ارتداداته ستستمر لسنوات.
في هذا العام، فشل المجتمع الدولي في التوصل لاتفاق على تخفيض انبعاث الغازات، وبالأخص ثاني أكسيد الكربون، إلى الجو، ما يزيد من حرارة الأرض ويؤدي إلى تغير المناخ وازدياد منسوب المياه. وكان يؤمّل أن يتم تخفيض الحرارة بـ1.5 درجة مئوية، وعليه فإن أنصار البيئة حول العالم سيتكاثرون وسيستمرون في تحركاتهم التي من الممكن أن تصبح أكثر عنفاً وتأثيراً على قرارات السياسيين في البلدان الديمقراطية خلال الأعوام المقبلة. ومن أبعاد أزمة المناخ ظهور الانقسام في العالم على قضايا البيئة الذي كان جلياً بعدم حضور قادة الصين وروسيا وإيران وتركيا مؤتمر غلاسكو للبيئة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبالحديث عن الانسحاب الأميركي من أفغانستان وسيطرة «طالبان» مجدداً على هذا البلد الذي لطالما انهزم في جباله وعلى أرضه الوعرة أعتى الجيوش وكبار القادة، فلقد ترك الأميركي المنسحب، ترسانة ضخمة من الأسلحة والعتاد أصبحت في أيدي «طالبان» التي باتت قوة لا يستهان بها في حروب مستقبلية مع دول لديها ثارات معها يمكن إشعالها بحوادث طائفية محلية سرعان ما تمتد إلى حروب إقليمية. فـ«طالبان» المدججة بالسلاح الأميركي عنصر تفجير وعدم استقرار سيمتد لسنوات.
أما في الموضوع الإيراني فلقد فشلت مساعي «الدول الخمس زائد واحد» في التوصل إلى اتفاق على البرنامج النووي الإيراني في فيينا، وبدا واضحاً أن إيران تراوغ وتسعى إلى إضاعة الوقت ريثما يتقدم تخصيبها لليورانيوم إلى مرحلة تصبح فيها دولة عضواً في نادي الدول النووية. من الممكن أن يصل المؤتمرون إلى اتفاق قبل نهاية هذا العام، إلا أن المرجح أنه إذا لم يحصل فمن الممكن أن العام المقبل سيشهد مزيداً من التوتر وربما أحداثاً دراماتيكية تمتد على منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في بلدان تهيمن عليها إيران مثل لبنان وسوريا والعراق علاوة على غزة.
أخيراً وبالتأكيد ليس آخِراً، أزمة «كورونا» ستستمر في العام المقبل ويتأثر بها النمو في أنحاء الكرة الأرضية كافة. احتسبت مجلة «فوربس» تكلفة الوباء على العالم في فبراير (شباط) من هذا العام بـ24 تريليون دولار، وبنهاية السنة من المرجح أن يصل المبلغ إلى 30 تريليون دولار. سيكون لهذا تأثير حتمي على اقتصادات العالم بلا استثناء. ومع التحور المستمر للفيروس رغم حملات التلقيح المكثفة، سيشهد العالم في الأعوام المقبلة نتيجة الوباء تغييرات سريعة في نمط الحياة. وقد كتب الملياردير الأميركي بيل غيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت»، قائلاً: «إن التواصل عن بُعد في المؤسسات سيصبح أمراً واقعاً لا تراجع عنه، وسوف يصبح ثلاثي الأبعاد مع اصطناع غرف اجتماعات ومكاتب، وسيتغير نمط العمل والمواصلات وسفر رجال الأعمال». وكل من هذه ستؤثر على عدد من الخدمات والأشغال المرتبطة، من أبنية مكاتب لموظفين أضحوا يعملون من بيوتهم، إلى وسائل نقل وشركات طيران وسفن سياحية وفنادق ستعاني من قيود التنقل والسفر إلى نزوح من المدن إلى الأرياف حيث مساحات البيوت أكثر استيعاباً للسكن والعمل.
لا يمكن وصف هذه السنة التي شارفت على نهايتها إلا بأنها «سنة اللاحسم» واستمرار المشكلات التي ستمتد حتماً إلى العام القادم.
أما القضايا الشائكة التي سترافقنا العام المقبل وربما لأعوام فهي كثيرة؛ إذ قالت روسيا إنها بحاجة ماسّة إلى رد من الولايات المتحدة بشأن مطالبها الأمنية، وحذرت مرة أخرى من احتمال القيام بعمل عسكري ما لم ترَ تحركاً سياسياً لتهدئة المخاوف.
وكانت موسكو، التي تواصل إثارة مخاوف الغرب من خلال حشدها العسكري بالقرب من أوكرانيا، قد قدمت الأسبوع الماضي مسوّدات وثائق أمنية تقترح موضوعات تفاوضية، بما في ذلك تعهد «الناتو» بالتخلي عن النشاط في أوروبا الشرقية وأوكرانيا.
وقال المحلل الروسي كونستانتين جافريلوف إن العلاقات بين روسيا وحلف «الناتو» وصلت إلى «لحظة الحقيقة، وعلى كل فرد في (الناتو) أن يفهم جيداً إن البديل هو رد عسكري تقني من روسيا». وصرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن شركات عسكرية أميركية خاصة تحضّر لاستفزازات باستخدام مواد كيميائية في منطقة النزاع في دونباس شرق أوكرانيا، كما تحدث عن تكثيف الوجود العسكري الأميركي على الحدود الروسية، مشيراً إلى أن بلدان أوروبا الشرقية تستضيف وحدات أميركية يبلغ مجموع قوتها نحو 8 آلاف جندي على أساس التناوب...
وكان وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف قد أشار إلى أن روسيا أرسلت المزيد من القوات باتجاه الحدود الأوكرانية، وأن أوكرانيا تشعر بقلق خاص بشأن 15 وحدة طاقة نووية تزوّد نحو نصف الطاقة في البلاد. وقال الوزير إن الحرب تهدد هذه المنشآت، مذكّراً بمآسي تشيرنوبل وفوكوشيما. وأشار إلى أن أوكرانيا، مع ذلك، ليست هدف بوتين النهائي. لذلك إذا اندلعت حرب، فإنها «ستكون في أوروبا، وليست في أوكرانيا فقط».
ونأتي إلى إيران، حيث قدم مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، مؤخراً إلى نظيره الإسرائيلي إيال هولاتا، اقتراحاً لـ«اتفاق مؤقت» مع إيران من شأنه أن يعرض «الإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة» مقابل تعليق إيران «تخصيب اليورانيوم إلى 60%». والمعروف أن إسرائيل تعارض اتفاقاً مؤقتاً تخشى بحق أن يصبح اتفاقاً دائماً يسمح لإيران بالحفاظ على بنيتها التحتية النووية. هذا يجب ألا يأتي كمفاجأة، خصوصاً أن دولاً وحلفاء آخرين للولايات المتحدة في الخليج العربي يساورها القلق نفسه. ولحماية مشروعها، تحدث الرئيس إبراهيم رئيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مماثلة للاتفاقية التي وقّعتها إيران مع الصين في وقت سابق من هذا العام، فدخلت المفاوضات متسلحة بالمراوغة.
ليس عليك أن تكون خبيراً في العلوم السياسية لترى أن صعود المحور الصيني - الإيراني - الروسي لتحدي النظام الدولي بعد الحرب الباردة هو أهم تطور جيوسياسي منفرد في العقد الماضي. ويشير إضفاء الطابع الرسمي والتعاون المفتوح على نحو متزايد بين البلدان الثلاثة إلى قناعتها بأن توحيد القوات سيساعدها بشكل أكثر فاعلية على تحقيق أهدافها المشتركة والفردية، سواء كان ذلك هو إزاحة الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية، أو خط أنابيب «نورد ستريم 2» (روسيا)، أو تايوان (الصين)، أو تصميم إيران على أن تصبح قوة نووية.
لكن يبقى أن مشكلات إيران معقّدة، إذ تعاني من شح إنتاج النفط في الكثير من الآبار حيث انخفض من 50000 برميل يومياً إلى 1000. وفي أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، تبين أن إيران بحاجة إلى استثمارات بقيمة 160 مليار دولار لتتجنب أن تصبح مستورداً صافياً للنفط والغاز في المستقبل.
ثم تأتي القضية الفلسطينية، فقد ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية، يوم الاثنين الماضي، عن الانقسام العميق بين فصائل حركة «حماس»، وانكشف هذا في انفجار مستودع للذخيرة تحت مسجد في مخيم برج الشمالي في لبنان. فقد أصبح إسماعيل هنية، قائد «حماس» الحالي، من أذرع إيران في المنطقة. وعندما زار الأسبوع الماضي خالد مشعل، الزعيم السابق لـ«حماس»، لبنان رافضاً أن تكون «حماس» جزءاً من المحور الإقليمي الموالي لإيران، رفض كبار المسؤولين اللبنانيين الموالين لـ«حزب الله» استقباله بناءً على تهديد من الحزب، وكيل إيران في لبنان وحاضن «حماس» الإيرانية. لذلك علينا أن نتوقع المزيد من الصراع على السلطة داخل الحركة، وقد تشمل إطلاق قذائف على إسرائيل.
ثم هناك سوريا، إذ قال المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، على هامش محادثات لقاء «آستانة» هذا الأسبوع، إن الأموال اللازمة لإعادة بناء سوريا تقدّر بـ600 - 800 مليار دولار وربما أكثر من ذلك بكثير، مضيفاً: «وسيكون من الصعب جداً تجاوز هذا الوضع من دون مساعدة فعّالة من المجتمع الدولي». لكنه لم يذكر شيئاً عن كرم روسيا وإيران أو عن مصير بشار الأسد.
أما لبنان، فماذا نقول غير أن الثنائي الشيعي يحاول تسمية نفسه «الثنائي الوطني»، وهذا حلم لن يحققه مهما طال وجوده.
في محاولة قراءة 2021، نرى أنه من الصعب استخلاص استنتاجات نهائية.
لقد افتُتح العام بمشاهد عنف مروّعة في مبنى الكابيتول الأميركي، وانتهى بأخطار حروب على نطاق لم نشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.
من الممكن أن تستمر اتجاهات العام الماضي في التماسك، مما يؤدي إلى فترة ظلام تشبه تلك التي كانت في القرن الماضي والتي اعتقدنا أننا قد تركناها وراءنا بشكل نهائي.
بمعنى آخر، التاريخ مثل السنة التقويمية، لا يتوقف عندما نصل إلى نهاية الدورة، لكنه أيضاً لا يتكشف من تلقاء نفسه.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد المحور «الصيني ـ الروسي ـ الإيراني» أخطر ما يواجهه العام الجديد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab