خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران

خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران!

خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران!

 العرب اليوم -

خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران

بقلم - هدى الحسيني

تناقل مراسلو وكالات إخبارية أميركية رافقوا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جولاته المكوكية في المنطقة قبل أيام، أنه عبّر في أثناء العودة إلى واشنطن، عن غضبه من أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصفه بأنه يتخبط بين صقور اليمين المتطرف في حكومته وانقلاب الرأي العام العالمي؛ لهول ما يراه من دمار وجرائم يقترفها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين العزل وخاصة الأطفال، وقد نقل بلينكن لنتنياهو استياء بلاده الشديد من دعوة وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو لإنهاء المعركة بإلقاء قنبلة نووية على غزة. وقد وعده نتنياهو بمعاقبة إلياهو، إلا أنه لم يستطع أن يفعل سوى تأنيبه ومنعه من حضور جلسة وزارية واحدة، فهو ينتمي إلى حزب «غوتسما يهوديت» اليميني المتطرف الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، والذي من دونه ستفقد الحكومة ثقة الكنيست. ومع تخبط نتنياهو تذكر قادة الدول الكبرى أنه يستحيل على قيادة سياسية ضعيفة هشة ومشتتة في الرؤية والقرار أن تحقق انتصاراً في الحروب.

وبتصاعد الاحتجاجات في العواصم الكبرى، وتظاهر مئات الألوف من الناس في الشوارع؛ احتجاجاً على همجية الرد العسكري الإسرائيلي تغيرت لغة قادة الدول الكبرى. وبعد الهرولة إلى إسرائيل والدعم غير المشروط لعمليات عسكرية لاجتثاث «حماس»، حذر الرئيس جو بايدن، يوم السبت الماضي، نتنياهو من احتلال غزة، وطالبه بحماية المستشفيات والمدنيين، وقال إنه لا بد من تسليم قطاع غزة لسلطة منظمة التحرير الفلسطينية. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فلقد انتقد بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية، ووصفها بأنها مخالفة للقوانين الدولية. وتوالت التصريحات في الاتجاه نفسه من رؤساء الوزراء: الكندي والأسترالي والإيطالي والاتحاد الأوروبي. ومع عدم تقدم العمليات العسكرية الإسرائيلية أصبح واضحاً أن مسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي هو تحقيق أي إنجاز يحفظ به ماء الوجه في اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن الجيش يواجه صعوبات لا قدرة لأي قوة نظامية في التغلب عليها. فالحرب التي أعلنها نتنياهو في 8 الشهر الماضي هي فعلياً حرب شوارع وأزقة تقوم مجموعات باحتلال الأرض، ثم يظهر المقاومون من تحت الأرض ليقضوا عليها. وكونها حرب توغل عسكري في المدينة فهي تبطل مقدرة استعمال القوة الجوية وسلاح المدفعية، ويصبح القتال بين الرجال وجهاً لوجه. ومن البديهي أن الإمدادات العسكرية لـ«حماس» ستنفد مهما طال الزمان، إلا أن الخسارة التي ستلحق بالجيش الإسرائيلي ستكون مؤلمة جداً، وسيكون لها ارتدادات كبيرة على المجتمع الإسرائيلي.

بعد رحلة بلينكن الفاشلة، توجه مدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز إلى الشرق الأوسط كجزء من سياسة إدارة بايدن لتخفيف التوترات في المنطقة، وسط مخاوف من صراع إقليمي أوسع وأكثر عنفاً. ونصب تركيز بيرنز على تأمين إطلاق سراح الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى «حماس»، مع دعم تركيز إدارة بايدن على الحد من عدد الإصابات المدنية نتيجة للغزو البري الإسرائيلي. «في حين أن إدارة بايدن تريد مساعدة إسرائيل على تحقيق أهدافها الأمنية المتعلقة بـ(حماس)، فإن المساعدات الأميركية لإسرائيل تخلق رد فعل دولياً واضحاً ضد الولايات المتحدة»، قال كارل كالتنثالر، مدير مركز دراسات الاستخبارات والأمن في جامعة أكرون، وأضاف: «إن الرأي في العالم الإسلامي أصبح معادياً بشكل متزايد لأميركا إلى نقطة لم يسبق لها مثيل منذ عقود. لا أرى سياسة الولايات المتحدة تتغير تجاه دعم إسرائيل بأي طريقة مهمة، ولكنّ هناك بالتأكيد جهوداً من جانب إدارة بايدن لإقناع الحكومة الإسرائيلية بتوخي الحذر في عملياتها العسكرية. وهناك أيضاً جهود دبلوماسية من قبل الولايات المتحدة لإقناع الحكومات في العالم الإسلامي بأن هذه ليست حرباً ضد المسلمين، وأن الولايات المتحدة جادة جداً في محاولة دعم الفلسطينيين بالمساعدات الإنسانية». ووفقاً لكالتنثالر، «فإن الوضع الآن يستعد للتفاقم في الأيام والأسابيع المقبلة. وسيتكثف القتال في غزة. ومن غير المرجح أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بعملية برية محدودة. ستدفع القوات البرية الإسرائيلية أعمق إلى وسط غزة ثم جنوبها. وسوف تتصاعد الإصابات على كلا الجانبين، وسيصبح القتال أكثر صعوبة بالنسبة للقوات الإسرائيلية». وزاد: «على الرغم من هذه الصعوبات على الأرض، فسوف تستمر الحكومة الإسرائيلية في العمليات البرية لتدمير قيادة (حماس)، ولمنع سيطرتها وقدرتها على ضرب إسرائيل. وأثارت الحرب في غزة أيضاً التوترات والعنف في الضفة الغربية، كما تشكل خطراً بتوسيع القتال على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، وتحفيز الجماعات المسلحة الأخرى على الانضمام إلى المعركة. كما حذرت المملكة العربية السعودية من تداعيات يمكن أن تهدد الشرق الأوسط بأكمله، ومن أزمة اللاجئين التي ليست البلدان المجاورة مجهزة تجهيزاً كافياً للتعامل معها».

لكن ما الذي سيأتي في «اليوم التالي» المرعب. يقول لي محدثي عن استنتاجه من مؤتمر شارك به، الأسبوع الماضي، عقد في إحدى الدول الخليجية من أن الحديث عن نظام ما بعد الحرب في غزة هو في الغالب خيال. سيحتاج شخص ما إلى توفير الأمن والخدمات الأساسية وإعادة الإعمار. لكن لا أحد يريد تحمل المسؤولية عن القطاع المدمر. لا يمكن للسلطة الفلسطينية العودة إلى غزة، ولن تسارع دول الخليج لإعادة الإعمار، ما لم تلتزم إسرائيل بجدية بحل الدولتين وإصلاح السلطة الفلسطينية بجدية. تفترض أي خطة لما بعد الحرب أن هذه الأشياء ستحدث. لكن لا أحد منهما مرجح. أو لنأخذ فكرة قوات حفظ السلام بعد الحرب. الدول العربية لا تريد المشاركة، فرفضها مفهوم، لكنها أيضاً لا تريد أن تعيد إسرائيل احتلال غزة، وتعترف بأن السلطة الفلسطينية أضعف من أن تؤمنها.

إذا لم يكن أي من هذه الخيارات قابلاً للتطبيق، فماذا تبقى؟ وفي الوقت نفسه، لا تزال «حماس» تأمل بألا يحدث أي من سيناريوهات ما بعد الحرب هذه. يريد قادتها فقط التمسك بالبقاء حتى يسمح لهم وقف إطلاق النار بالظهور «بصورة المنتصرين».

في المحصلة النهائية بعد أن تصمت المدافع، فإن هناك مجموعة من المتغيرات التي سترسم مستقبل إسرائيل والمنطقة؛ أولها أن اليمين الإسرائيلي المتطرف سيفقد شعبيته وسيتجه مؤيدوه إما إلى مراجعة أفكارهم التي أتت بالموت والكوارث وإما إلى العودة إلى البلدان التي أتوا منها. وسيحاسب نتنياهو على سوء أدائه في حرب غزة، وسيعاقب لأحكام صدرت بحقه عام 2019 ليدخل السجن كما حصل مع سلفه إيهود أولمرت لجرائم مشابهة. ويقول المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، إن صدمة «طوفان الأقصى» ستغير فكر ونهج العديد في المجتمع الإسرائيلي الذين سيتجهون نحو السلام والتواضع والاعتدال ليشتبكوا مع بقايا اليمين المتطرف المتغطرس، والذي أصبح مسلحاً، وسيؤدي هذا إلى انقسام عامودي خطير في الدولة، مهدداً أمن المجتمع الإسرائيلي، وهذا فعلياً ما يثير قلق حلفاء الدولة العبرية.

فلسطينياً سيكون صعباً جداً أن تعود «حماس» للعب دور سياسي، ولن تستطيع ممارسة سلطة الحكم في القطاع. وفي المقابل ستفقد السلطة شرعيتها بسبب عجزها الكامل عن التأثير في مجريات الأحداث، وسيتم البحث عن قيادة جديدة تحظى بثقة الشعب الفلسطيني مثل مروان البرغوتي. ولعل أبرز الرابحين من «طوفان الأقصى» هو إيران التي كانت الراعي الأساس لـ«حماس» تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، وبواسطتهم انتقمت من إسرائيل لعمليات التفجير والاغتيال التي استهدفت علماءها من دون أن يسقط قطرة دم واحدة لإيراني. وربحت إيران أيضاً بمنع «حزب الله» من توسيع العمليات العسكرية بما تم تسميته احترام قواعد الاشتباك، وحصلت نتيجة لذلك على تحرير مبلغ 10 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتجزة بموجب العقوبات.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران خسائر للمتحاربين ومليارات لإيران



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
 العرب اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab