روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد

روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد

روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد

 العرب اليوم -

روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد

بقلم : هدى الحسيني

أشاد كثيرون بالسياسة الروسية تجاه النظام السوري٬ حتى إنهم أشاروا إلى أن روسيا تعيد تأسيس مكانتها قو ًة عظمى على أكتاف بشار الأسد. من المؤكد أن الرئيس فلاديمير بوتين يشعر بالحنين إلى ذلك الماضي القريب٬ ويسعى لاستعادة وضع روسيا السابق٬ لكن يجدر التفكير في العبء المالي الذي ستتكبده روسيا بدعم نظام قد يبقى وقد يطاح به٬ في مستنقع جيوسياسي اسمه الحرب الأهلية السورية؛ إذ لن يكون أمام روسيا من بديل سوى زيادة إنفاقها العسكري في المنطقة٬ إذا ما كانت تعتزم إعادة تأهيل نظام بشار الأسد٬ واستعادة وضعها السابق بين القوى العظمى. لما أعلنه بوتين شخصياً٬ فإن روسيا أنفقت في ما بين سبتمبر (أيلول) 2015 ومارس (آذار) 2016؛ أي منذ بداية تدخلها في سوريا٬ ما يبلغ 484 مليون دولار.

ووفقاً بالطبع هذا المبلغ لا يمثل حفنة مقابل ما أنفقته الولايات المتحدة في السنة الأولى من حربها في أفغانستان (33 مليار دولار)٬ والسنة الأولى من حربها في العراق (51 . والسؤال الممكن طرحه هو: هل ستواصل روسيا لعب دورها بوصفها الحليف القوي القادر على تمكين الأسد مليار دولار). لكن وضع البلدين الاقتصادي مختلف جداً إعادة بناء المؤسسات السورية٬ سيكون أمراً كبيراً من حكم كل سوريا٬ أم أن الأعباء المالية في محاربة مجموعات المعارضة السورية ومن ثم إعادة تثبيت الأسد ولاحقاً بالنسبة إلى موسكو؟

عندما خاضت الولايات المتحدة حربها في أفغانستان بعد الهجمات الإرهابية في سبتمبر ٬2001 وقف الحلف الأطلسي إلى جانبها٬ كما تلقت دعم الحلفاء في المنطقة. أما في الحالة الروسية والتدخل في سوريا٬ فالحلفاء قلة٬ لا بل إن العداء لعودة حكم الأسد و ّحد أكثرية دول الشرق الأوسط٬ وكانت إيران ووكلاؤها٬ حليف روسيا الوحيد لهدف الإبقاء على نظام الأسد٬ وهذا بالتالي يثقل الالتزام الروسي ويجعل من تكلفة إعادة تشكيل حكومة للأسد٬ مرتفعة جداً٬ ثم إنه من المتوقع أن تواجه تلك الحكومة
.
السورية وغطاؤها الروسي صعوبات متزايدة من أجل الحفاظ عليها لاحقاً فالحرب ما زالت مستعرة في سوريا٬ ثم إن الحصار الاقتصادي على إيران و«حزب الله» سيتضاعف؛ إذ لن يتكرر الخطأ الذي ارتكبته واشنطن بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق٬ حيث أوجدت فراغاً ملأته إيران. الآن مع تصاعد الهجمات على تنظيم داعش٬ لن ُيسمح لإيران أو لـ«حزب الله» بملء ذلك الفراغ٬ وهذا ما توافق عليه موسكو.

أشارت رئاسة الأركان الروسية وجهاز الأمن الفيدرالي (الاستخبارات) الروسي إلى وجود نحو 4 آلاف جندي روسي نظامي ونحو 5 آلاف مسلح من الجمهوريات السوفياتية السابقة٬ في سوريا. لكن٬ إذا راجعنا التجربة الأميركية٬ فإن روسيا سوف تحتاج إلى زيادة قواتها في المستقبل لمساعدة سوريا على الانتقال من الحرب إلى حكومة مستقرة محتملة. وإذا كان هدف روسيا إعادة إنشاء حكومة مستدامة تحت قيادة الأسد٬ فإنها لا تزال في المراحل الأولى من تحقيق هذا الهدف؛ إذ تساعد روسيا الحكومة السورية في استعادة كثير من المدن الرئيسية من أيدي من يعّدهم النظام جماعات متمردة ومنظمات إرهابية. ويوم الاثنين من الأسبوع الماضي كان الجنود الروس يشرفون على إجلاء أهالي ومقاتلي حي الوعر في حمص للذهاب إلى منطقة الباب شرق سوريا.

مما لا شك فيه أن التكاليف المالية سترتفع مع محاولة بوتين إعادة إحياء سلطة الأسد٬ وإذا اكتفت روسيا فقط بدعم نظام الأسد غير المستقر٬ عسكرياً٬ فإن التكاليف المالية والجيوسياسية ستظل هائلة٬ وستظل الحرب الأهلية السورية تكلف روسيا مليارات من الدولارات على مدى عقد من الزمان. ثم إنها للإبقاء على الأسد ستحتاج روسيا إلى قمع الأقليات والمنظمات الإرهابية والمجموعات المتمردة٬ كما سيتعين عليها أن تتعامل مع عمليات الدعم الهائلة التي تنصب داخل سوريا من عدة دول للمصالح الجيوسياسية في المنطقة (استسلامه لإيران ولروسيا).

خليجية ومن تركيا ومن الولايات المتحدة٬ ومن غارات إسرائيلية٬ والكل يرون في الأسد تهديداً قال لي أحد المراقبين السياسيين: إذا راجعنا جدول الإنفاق الأميركي في كل من أفغانستان والعراق٬ فيجب ألا نستبعد أن تنفق موسكو ما يزيد على الخمسين مليار دولار في العقد المقبل دفاعاً عن الأسد. ويضيف: هذا لا يقارن بالطبع بمبلغ 744 مليار دولار الذي أنفقته أميركا في أفغانستان٬ و821 مليار دولار الذي أنفقته في العراق خلال فترة 15 سنة. يقول إن أكبر عاملين محتملين لإعاقة الدعم الروسي للأسد ونظامه سيكونان خطط الإنفاق العسكري المستقبلية٬ والاقتصاد المحلي. عام 2010 أعلن الرئيس بوتين عن مشروع تطوير عسكري بقيمة 343 مليار دولار لتحسين المعدات العسكرية الروسية وتحديثها بحلول عام ٬2020 ولتحقيق هذا الطموح٬ ستحتاج ميزانية الدفاع الروسية إلى زيادة بنسبة 10 في المائة بدًءا من عام 2016 .لكن بسبب انخفاض أسعار النفط٬ والعقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي٬ وبسبب انخفاض قيمة الروبل٬ فإن البلاد تعاني الكثير من أجل الحفاظ على ميزانيتها الدفاعية الحالية.

أما العقبة الرئيسية الأخرى في وجه خطة النمو ورفع مستوى المؤسسة العسكرية٬ فسببها اعتماد الدولة على الموارد الطبيعية٬ وتحديداً على النفط ومنتجاته. عام 2013 كانت نسبة 54 في المائة من قيمة إجمالي مبيعات التصدير من روسيا٬ من النفط ومشتقاته.

مع اقتصاد يعتمد على تصدير النفط٬ هناك خطر استخدام المصّدرين الرئيسيين الآخرين في المنطقة للنفط على نحو استراتيجي٬ واستخدامه سلاحاً جيوسياسياً ضد النفوذ الروسي السلبي في سوريا. يقول محدثي: إن المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم٬ ثم إنها ودول الخليج غير مقتنعين بأنه بعد 7 سنوات من حمامات الدم وتهجير نصف الشعب السوري٬ يمكن أن يبقى الأسد في الحكم. يضيف محدثي: إنتاج النفط السعودي هو الأقل تكلفة٬ وهذا قد يجعل السعودية الأكثر قدرة على الحفاظ على أسعار النفط الحالية. ويرى أن السعودية قد لا تعمد إلى زيادة الإنتاج بشكل ملحوظ لتخفيض أسعار النفط٬ لكنها ستحافظ على الإنتاج الكافي للإبقاء للبرميل٬ ومن شأن ذلك أن يحول دون طموحات التوسع العسكري الروسي ويمنع الزيادات في ميزانية الدفاع الروسية٬ مما يجعل على أسعار النفط بحدود 50 دولاراً من الصعب جداً على روسيا توسيع نفوذها في سوريا لدعم نظام الأسد.

يوم الأحد الماضي حجم المظاهرات التي انطلقت في كثير من المدن الروسية ضد الفساد٬ والمطالبة باستقالة رئيس الوزراء ديمتري في خضم هذه الأزمة٬ كان لافتاً ميدفيديف ومحاكمته وسجنه. منذ عامين ونصف والمستوى المعيشي يتهاوى في روسيا٬ لكنه لم يمنع البعض من الاستمرار في الاستفادة من ثروة البلاد لمصالحهم الخاصة٬ ومن الصعب رؤية هؤلاء يتوقفون عن استغلال مناصبهم.

لقد تزامنت هذه المظاهرات مع وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى موسكو٬ الذي يريد التوصل إلى اتفاقية تجارية بين إيران ودول اليورآسيا٬ لكن ما يهم إيران هو القطاع العسكري الروسي والخبرة والمواد النووية٬ كما تريد إغراء روسيا بالاستثمار في قطاع النفط في إيران. في بيع الأسلحة إلى إيران٬ لكن عندما فرضت العقوبات على طهران امتنعت موسكو٬ ولو بتردد٬ عن بيع منظومة صواريخ «إس المعروف أن لروسيا تاريخاً طويلاً 300 «لطهران بطلب من واشنطن. مع التهديد الأميركي بمراجعة العقوبات على إيران والاستعداد الأوروبي لتثبيت العقوبات على روسيا٬ يبدو أن الدولتين تريدان

إثارة قلق الغرب بالرغبة في بناء علاقات عسكرية بينهما٬ لكن روسيا في حاجة إلى صفقات مدفوعة سلفاً٬ وإيران بحاجة إلى صفقات مؤجلة الدفع. وبالنسبة لكثير من موازين القوى٬ من المثير رؤية روسيا تعيد الانخراط في الشرق الأوسط وفي قضاياه الجيوسياسية. ومع ذلك٬ فحتى الآن لم تعد روسيا قوة عظمى٬

فهي في عام 1990 كانت الاقتصاد الثالث في العالم٬ لكنها عام 2015 صارت في المرتبة السادسة على أساس الناتج المحلي الإجمالي. ولا يبدو أن وضعها يسير نحو الأفضل.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

 

arabstoday

GMT 03:28 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

حان وقت إعادة لبنان إلى مواطنيه

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 00:21 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

اقتصاد إيران يئن جراء تدخلاتها العسكرية!

GMT 00:25 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

لبنان ساحة تقاطع بين أميركا وإيران!

GMT 00:59 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الخلافة تتقدم على الانتخابات في إيران!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد روسيا تعاني من دعم بوتين للأسد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab