فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا

فتّشوا عن إيران حتى في... نيجيريا!

فتّشوا عن إيران حتى في... نيجيريا!

 العرب اليوم -

فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا

بقلم : هدى الحسيني

ماذا يجري في نيجيريا؟ في 26 يوليو (تموز) الماضي حظرت المحكمة الفيدرالية العليا في العاصمة أبوجا «الحركة الإسلامية في نيجيريا»، قائلة إن أنشطتها تشكل «إرهاباً، وغير شرعية». جاء أمر المحكمة، الذي يمكن للحركة أن تستأنفه، بعد اشتباكات متكررة في الأسابيع الأخيرة.

تعتبر «الحركة الإسلامية في نيجيريا» أكبر حركة شيعية مدعومة من إيران، وعلى الرغم من أن المراقبين تكهنوا باحتمال أن تصبح مثل «بوكو حرام» السنية، فإنه من المستبعد أن تتحول إلى تمرد سري. لا تزال هناك فرص أمام الحكومة الفيدرالية لاحتواء الوضع، كما أنه لدى الحركة حوافز للامتناع عن شن مواجهة شاملة مع الدولة.

إن الصراع الحالي بين الحركة والحكومة الفيدرالية جزء من دورات صراع أكبر شبّ في الثمانينات من القرن الماضي، عندما بدأ زعيمها إبراهيم الزكزاكي في حشد أتباع له، والدعوة إلى «دولة إسلامية» في نيجيريا، وإقامة علاقات وثيقة مع إيران، فالزكزاكي أسس الحركة عام 1979 بعد زيارة إلى طهران، وهو كان سني المذهب، ثم اعتنق المذهب الشيعي. في ذلك العقد زُجّ به عدة مرات في السجن، لكنه مع الزمن صار الزكزاكي وأتباعه يعلنون صراحة عن تشيعهم، وتبنوا ممارسات مثل الاحتفال بذكرى عاشوراء، فأبعدوا بذلك بعض أتباع السنة، لكنهم جذبوا مسلمين آخرين، شدّتهم الهوية البديلة المناهضة للنظام، التي طرحها الزكزاكي.

حديثاً اصطدموا مع القوات النيجيرية في المدينة الشمالية «زاريا» في مقاطعة «كادونا». في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 وقعت مواجهة كبيرة أسفرت عن مقتل 350 عضواً من الحركة، واعتقال الزكزاكي وزوجته زينة إبراهيم. ومنذ تلك السنة وجماعته تطالب بإطلاق سراحه. في 9 يوليو الماضي وكجزء من الاحتجاج الساعي إلى إطلاق سراحه بكفالة، حاول متظاهرون من الحركة دخول مقر البرلمان، ما دفع الشرطة إلى استعمال العنف لتفريقهم، ثم تكرر الأمر في 22 من ذلك الشهر، فوقعت مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل 11 متظاهراً، وصحافي، وضابط شرطة، ومع تراكم الاتهامات المتبادلة أصبح الصراع أكثر صعوبة.

حاول الرئيس محمد بخاري أن ينأى بنفسه عن النزاع، وأصرّ المتحدثون باسمه أن مصير الزكزاكي في أيدي المحاكم. وكما هو متوقع، تدخلت الحكومة الإيرانية وطالبت عدة مرات بإطلاق سراح الزكزاكي، وأخيراً اقترحت إرساله إلى إيران لتلقي الرعاية الطبية. ويوم الاثنين الماضي، سمحت له المحكمة بالذهاب إلى الهند، لكنها كلّفت فريقاً بمرافقته لتأمين عودته لاحقاً بعد تلقي العلاج، ومواصلة محاكمته.

تدعو حركة الزكزاكي إلى إنشاء دولة إسلامية على الطراز الإيراني، فهو تأثر بشدة بالثورة الإيرانية، ولا يزال الخميني مصدر إلهام للحركة. الموالون للحركة يؤدون الولاء أولاً للخميني في اجتماعاتهم، ثم للزكزاكي تالياً. ترى «الحركة الإسلامية في نيجيريا» أنها المصدر الشرعي الوحيد للسلطة في البلاد، وتعتبر نفسها الحكومة الشرعية. لا تعترف بسلطة الحكومة النيجيرية، وترى أن قادة هذه الحكومة من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، فاسدون وغير مؤمنين. إنها مزيج من تنظيم فتح الله غولن في تركيا، و«حزب الله» في لبنان.

مع كثرة المواجهات؛ حذّر سياسيون بارزون من أن حظر الحركة يعد خطأ. وتساءل شيهو ساني، سيناتور من كادونا، وناشط في مجال حقوق الإنسان: «أيهما نفضل؟ الحركة الإسلامية التي لديها زعيم، يمكننا اعتقاله، ولديها أعضاء يمكننا رؤيتهم، ولديها هوية يمكننا محاكمتها ومقاضاتها، أم مجموعة تُجبر على العمل السري، وتشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد؟».

واقترح ساني إطلاق سراح الزكزاكي تحت إشراف أبرز زعماء المسلمين في نيجيريا من السنة.

تحذيرات ساني أثارت شبح «بوكو حرام»، لكن الحركة تأسست قبل تشكيل «بوكو حرام»، ثم إنها أكبر من «بوكو حرام»، كما أن التقديرات لكلتا المجموعتين تختلف اختلافاً كبيراً.

في قمة نشاطها الإرهابي ربما وصلت «بوكو حرام» إلى 10 آلاف عنصر، خصوصاً خلال المرحلة الأولى من تأسيسها، ولم تتجاوز هذا العدد حتى الآن، ولا سيما بعد انقسامها إلى فصيلين رئيسيين. أما «الحركة الإسلامية» فعلى العكس يصل أتباعها إلى مئات الآلاف. هذا الرقم قد يشير إلى أن الحركة أكثر خطراً من «بوكو حرام»، ثم إن التأييد الكبير للحركة لا يوافق على تحولها إلى العصيان، لأنها أكثر انخراطاً في النسيج الاجتماعي لنيجيريا، خاصة في الشمال، وهذا ما لم تحققه «بوكو حرام». إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن بعض طلاب الجامعات يؤيدون «بوكو حرام»، وكان انضم إليها في بداية تأسيسها بعض النخب الناضجة، فإن «الحركة الإسلامية» تضم أساتذة جامعيين، ومهندسين، ورجال دين، ومهنيين من ذوي المهن الراسخة التي ستكون على المحك مع سبل عيشهم، وهؤلاء قد يفكرون مرتين قبل التحول إلى العمل السري.

خلال اعتقال الزكزاكي سعى قادة الحركة إلى الضغط على الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات لتخويفهم، لكنهم ظلوا يتذرعون دون تردد بمفاهيم حكم القانون والمواطنة والإجراءات القانونية، وهذه كلها ترفضها «بوكو حرام» بشكل أساسي. وإذا كانت الحركتان دعتا في بعض الأحيان إلى إقامة دولة إسلامية، فإن «الحركة الإسلامية» أظهرت أنها أكثر قبولاً واستيعاباً من «بوكو حرام».

إذا رحل الزكزاكي، فهناك احتمال بأن يغير رحيله بعض الأمور، وقد لا يغير شيئاً، وفق حسابات الحركة.

وفاته ربما تثير احتجاجات ضخمة، لكنه هو بحد ذاته مرتبط بالحركة إلى درجة عميقة، ولا يوجد خَلَف واضح له. وقد يكون هذا هو السبب الذي دفع المحكمة إلى السماح له بالسفر إلى الهند، لأن المزيد من الشماليين البارزين دعوا إلى إطلاق سراحه أو نفيه أو علاجه بطريقة لا تجعله يموت في السجن. في كل الحالات فإن قادة الحركة شعروا بأن تكاليف التمرد كانت مرتفعة جداً للقيادة وللأعضاء.

أما بالنسبة إلى الرئيس بخاري، الذي فاز للتو بإعادة انتخابه، على الرغم من أن السنوات الأربع الأولى لحكمه كانت مخيبة للآمال، فإن وفاة الزكزاكي، لو وقعت، لكانت بمثابة بداية مشؤومة لفترة رئاسته الثانية. إنه يرى مجموعة الزكزاكي، وفي ذهنه إيران. والأكثر من ذلك، وبينما يشدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخناق على إيران، يحذر الخبراء النيجيريون من أن طهران ستزيد من استخدام وكلائها في أفريقيا وآسيا، في محاولة لتوسيع نفوذها والتصدي لما تعتبره تهديداً وجودياً من قبل واشنطن. ونيجيريا من أكبر الدول الأفريقية والأكثر ثراء وفوضى وفساداً. وتستطيع إيران - إذا ما أرادت - شدّ كثيرين من النيجيريين إليها.

الوضع ليس مستقراً في نيجيريا، والخوف عليها من نزاع مذهبي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا فتّشوا عن إيران حتى في نيجيريا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
 العرب اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab