اليمن الواحد في إقليمين

اليمن الواحد في إقليمين!

اليمن الواحد في إقليمين!

 العرب اليوم -

اليمن الواحد في إقليمين

هدى الحسيني

 «علاقة اليمن مع المملكة العربية السعودية هي علاقة استراتيجية. لولا الدعم السعودي عام 2014 لانهار الاقتصاد اليمني. ساعدتنا السعودية بالنفط والمال، ووضعت وديعة في البنك المركزي حتى لا تنهار العملة. والآن هناك مهمة كبيرة نطلبها من السعودية وهي العمل على إيجاد مصالحة حقيقية في اليمن، فهي الدولة الوحيدة القادرة على ذلك لأن علاقاتها جيدة مع كل الأطراف اليمنية، ونطلب منها أن (تفتح) مع الحوثيين من أجل المصلحة الوطنية ومصلحة المنطقة، وأن يتم إقناع الحوثيين بتسليم سلاحهم للدولة وتحولهم إلى حزب سياسي ضمن المنظومة السياسية في اليمن».

بهذا الاقتراح حدثني مسؤول يمني التقيته أخيرا. لكن هل يملك الحوثيون قرار أنفسهم، أم أن لإيران الدور الأساسي؟

يقول: لدى الحوثيين هامش أكبر بكثير من هامش «حزب الله» في لبنان، والمقارنة بين الطرفين خطأ، فالمرشد الإيراني الأعلى يعتبر مرجع التقليد بالنسبة إلى السيد حسن نصر الله، أما الحوثيون فإن آيديولوجيتهم هي المذهب الزيدي فقط، ثم إنهم لا يركزون على المذهب، بل على الوضع العام.

يفسر، عندما رأت إيران أن نفوذها في سوريا وفي لبنان بدأ يقل نتيجة للتطورات التي حصلت ولوضع بشار الأسد، حاولت أن تنقل ثقلها إلى منطقة أخرى، وما هي هذه المنطقة الهامة بالنسبة إلى إيران والمجتمع الدولي؟ بنظره اليمن بسبب موقعه الجغرافي. فهناك باب المندب و70 في المائة من التجارة الدولية التي تمر عبره والقرن الأفريقي، ثم «عندك حدود مع السعودية واليمن جار لدول مجلس التعاون الخليجي، إذن إيران بحثت عن اليد التي تؤلم».

يقول السياسي اليمني: «لا مانع من أن يكون لها دور إنما دور إيجابي. لسنا في اليمن بحاجة إلى المزيد من السلاح أو أن تأتي بواخر من إيران مكدسة بالسلاح كما حصل. كنا نتمنى أن تشارك إيران بالتنمية، تشق طرقات، تبني مدارس أو مستشفيات»، هو لا ينكر التدخل الإيراني المعاكس: «نأمل أن ينتهي التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية في اليمن وأن تحكم العلاقة الطبيعية معهم المصالح المشتركة والاحترام المتبادل». يضيف «نحن نحاول أن نجر إيران إلى محادثات بناءة، لكن بالنسبة إلى باب المندب والقرن الأفريقي فهذه مسؤولية المنطقة والمجتمع الدولي. إن أمن البحر الأحمر وخليج عدن وأفريقيا في الضفة الأخرى مهم جدا، وإذا حصلت أي خضة في هذه المنطقة تختل توازنات كثيرة».

يقارن السياسي اليمني بين ما حدث في الصومال عندما انطلقت منه القرصنة التي اختفت عندما أعاد المجتمع الدولي الهدوء إلى الصومال، وبين احتمال وقوع الفوضى في اليمن حيث هناك 30 مليون يمني منهم 12 مليون شاب عاطل عن العمل مما سيخلق جوا متوترا جدا. لذلك يدعو إلى مصالحة شاملة في اليمن، وإصلاح العلاقات الدولية، «نعتقد أنه كلما تقاربت الدول مع بعضها، خصوصا تقارب دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران، وتقارب مصر مع إيران.. حتى مصر يجب أن تلعب دورا في اليمن باعتبارها دولة محورية في المنطقة. هناك حاجة لمصر في اليمن وليبيا وشمال أفريقيا أيضا»، ويضيف: «أما العلاقات مع إيران ففيها شيء من التوتر ولا بد أن نعمل من أجل تفادي المشاكل: لقد وصل السفير الإيراني إلى صنعاء لكن لا سفير لليمن بعد في طهران».

بعد خروج اليمنيين إلى الشوارع عام 2011 قدمت الدول الخليجية مبادرتها نحو الاتجاه السلمي لتداول السلطة، ترك علي عبد الله صالح وأولاده السلطة وجاءت الانتخابات بالرئيس عبد ربه منصور هادي على أساس تنفيذ المبادرة الخليجية. استمر الحوار الوطني 9 أشهر توصل بعدها اليمنيون إلى اتفاق على شكل الدولة، فالخلافات كانت حوله، تم وضع الدستور الذي جرى استفتاء عليه تبعته انتخابات. لم يكن هناك توافق تام. الحوثيون تحفظوا وكذلك الحراك الجنوبي. كان الاتفاق أن يكون شكل الدولة فيدراليا من 6 أقاليم: إقليمين في الجنوب و4 أقاليم في الشمال. تحفظ الحوثيون على إقليم «ازال» كانوا يريدون ضم محافظتين معه: «حجة» باعتبار أنها ميناء فهي محاذية للبحر، و«الجوف» لأنه حسبما يقال فيه ثروات. بعد ذلك رفعت الحكومة الدعم بالكامل عن كل المواد، فاستغل الحوثيون غضب الشعب. الجميع خرج بمظاهرات لكن الحوثيين قطعوا الطرقات، وحصلت اشتباكات حتى حققوا شروطهم: تخفيض جرعة رفع الدعم، واستقالة الحكومة. وتشكلت حكومة جديدة. طوقوا صنعاء، ووعدوا بعدم دخولها، ثم دخلوا وفرضوا الأمر الواقع.

أسأل محدثي: ولماذا لم يحرك الرئيس ساكنا؟ يجيب: «لقد تجنب حربا أهلية». أسأل: لكن هل يسيطر على الجيش، أم أن علي عبد الله صالح لا يزال هو المسيطر؟ يجيب: يقال إن لصالح تأثيرا على بعض الوحدات إنما لا إثباتات لدينا. ربما تقاطعت مصالح الحوثيين مع مصالحه. لكن الطرفين ينكران ذلك. ثم يضيف: «الأهم أننا تجاوزنا حربا أهلية». أسأل: لكن استغلت إيران الأمر! يجيب: دخول الحوثيين إلى صنعاء خطأ نستنكره ونستنكر أي قوة تفرض نفسها على الشرعية. لكن الرئيس رفض الانجرار إلى الفخ. كان بالإمكان أن يتدخل الجيش، وتلحق به القبائل وكل المكونات الأخرى، لهذا تم إعداد «اتفاق السلم والشراكة» برعاية مندوب الأمم المتحدة جمال بنعمر.

مرة ثانية، تحفظ الحوثيون على الملحق الأمني الذي أكد على انسحابهم من صنعاء وتسليمهم للسلاح وانخراطهم في العملية السياسية. ثم وافقوا إنما لا تزال تبذل جهود لإقناعهم بتطبيق الاتفاق الأمني وأن يكونوا، كما يقول محدثي: «حزبا سياسيا وطنيا يمنيا خالصا».

لكن هذا لا يلغي نشاط الحراك الجنوبي، إنهم يريدون الانفصال. يقول السياسي اليمني: لن نعود إلى ما كنا عليه قبل 22 مايو (أيار) 1990 فالخلل ليس في الوحدة بل في الممارسات التي تمت بعد الوحدة. ثم إن هناك نموذجا آخر وهو الفيدرالية التي تعطي حكما ذاتيا كاملا لكل إقليم فيستفيد من موارده، ما عدا الموارد العامة.

حتى هذا يرفضه بعض الجنوبيين، لأن الفيدرالية قسمت الجنوب بعدما قيل إن الثورة في الجنوب قامت من أجل الوحدة. لذلك هناك طرح الآن لإنشاء إقليمين شمالي وجنوبي ضمن دولة كونفيدرالية. لكن هل ستقبل كل مكونات المجتمع اليمني هذا الطرح؟ وماذا عن الاقتصاد ومشكلته؟ يقول محدثي: في اليمن لدينا النفط في المحافظات الجنوبية (حضرموت) ولدينا في الشمال أكبر مشروع غاز في القرن الأفريقي، يخرج الغاز من مأرب في الشمال إنما يصدر من شبوة في الجنوب. هنا أهمية الوحدة والتداخل. يطالب أن تركز الحكومة على 3 أمور: الأمن الذي يعني عودة السياحة، والثروة السمكية: «عندنا 200 جزيرة وتعتبر جزيرة سومطرة جزيرة الأحلام ويبلغ طول الحدود البحرية لليمن 2500 كلم»، والمصالحة الوطنية بين كل الأطراف ما عدا أنصار الشريعة (القاعدة)، لكنه يقول: لا يمكن معالجة «القاعدة» بالجانب الأمني فقط يجب أن نبحث في موضوع التعليم والخطأ فيه، دور المساجد، البطالة ومعالجتها.

أين كان اليمن وأين أصبح. تاريخه 7 آلاف سنة، حكمته ملكة سبأ. أول من مارس الشورى في المنطقة وتقريبا في العالم. هل سيعود سعيدا؟

يعود محدثي إلى القول: سيعود سعيدا، أنا واثق من أن السعودية لن تترك اليمن. نحن في منطقة غاية في الأهمية الاستراتيجية ويمن مستقر آمن هو من مصلحة الجميع ولمصلحة الجميع.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن الواحد في إقليمين اليمن الواحد في إقليمين



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 07:28 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تمازح الجمهور قبل طرح أغنيتها الجديدة
 العرب اليوم - بسمة بوسيل تمازح الجمهور قبل طرح أغنيتها الجديدة

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab