«زارنا النبي»

«زارنا النبي»

«زارنا النبي»

 العرب اليوم -

«زارنا النبي»

بقلم - مأمون فندي

«زارنا النبي»؛ عبارة تقال عند عودة الحجاج وهم في زفة اجتماعية قوامها صبية يرقصون وبأيديهم سعف النخيل الأخضر، وصبايا يحملن الدفوف ويغنين للعائدين من الحج والزيارة، مشهد أقرب إلى استقبال النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم دخوله المدينة، وفيها الأغاني ذاتها: «طلع البدر علينا»، ومن هنا تكون عودة من زار النبي ويحمل في طيات ملابسه عبق المكان، فكأنما النبي هو الذي قد زارنا بعد أن زاره نفر من أهلنا.

«النبي يرد الزيارة»؛ قال رجل صوفي من أهل القرية، ونحن نثق ونصدق ما يقول: «هؤلاء يا بني ذهبوا للمدينة لإجراء عملية قلب مفتوح»، هكذا أكمل، وشرح لي ما لم أكن أعرفه، بأن عملية القلب المفتوح هذه حدثت لرسولنا الكريم مرتين: مرة في الاختيار الأول، ومرة في الإسراء والمعراج. تتغير طبيعة القلب لتحمل الوحي في الأولى، ولكي يتأهب لسدرة المنتهى في الثانية، أو هكذا قال. المهم أن الذين عادوا بعد عملية القلب المفتوح أثناء الزيارة، هم من يحملون عبق بردته (صلى الله عليه وسلم)، ويقسم البعض أنه شم رائحة النبوّة، ومن هنا يكون النبي قد زارنا كما زار قبرَه أهلُنا.

وقال: «يا ولدي، زيارة النبي هذه مرة واحدة، وذلك لأنه متى ما زار النبي قلبك فإنه لا يغادره أبداً، ولكن الناس يكررون الزيارة مرات، رغم أن كل ما تحتاجه هي زيارة واحدة، فهو لا يغادر قلبك». كان ذلك مفهوماً جديداً بالنسبة إليَّ؛ ليس في حبه (صلى الله عليه وسلم) ولكن في الحب على إطلاقه، فإن فتحتَ قلبك للمحبوب فهو لن يغادرك أبداً، القلب المفتوح، إلا من أتى الله بقلب سليم.

تستمر الاحتفالات في القرية، ويأتي الناس إلى بيوت الحجاج للسلام والتهنئة بالعودة، وأخذ هداياهم التي هي تحمل رائحة النبي. البعض يكون نصيبه مسبحة، والبعض سجادة صلاة. قال الحاج إنه اشترى المسبحة هذه من مكان معلوم في المدينة، وهي مسبحة مستعملة «فيها شغل»، هكذا قال؛ أي أن هناك من أهل البركة من سبَّحوا عليها من قبل، وفيها من أسرارهم وأسرار أورادهم التي تلقنوها عن شيوخهم الذين لا نعلمهم ولكن الله يعلمهم.

يحكي الحجاج ما شهدت أرواحهم في مكة والمدينة، وينصت القوم بقلوبهم مشدوهين وكأنهم يشاهدون المشهد كله، وهذا ربما كان «السيلفي» الروحي أيامها، فبدلاً من كاميرات حجاج هذا الزمان و«الموبايل» و«السيلفي» الحديث، كان هناك «سيلفي الأرواح»، قصص يرويها الحجاج عند عوتهم في رائحتهم ورائحة الحج، فيها تهدج أصواتهم، شيء أعلى بكثير من «السيلفي الميت» الذي يتصدر «الترند» هذه الأيام، فبينما تُبتذل الصورة الكلية في الفيديوهات القصيرة و«السيلفي» اليوم، كان السرد المباشر يضفي على الحج بهاءً، من خلال وجوه نيرة تحكي تجربتها الروحية.

بعد حالات الوصل هذه، كانت تنهمر الرؤى على أهل القرية، ليقول بعضهم إنه وبعد التسبيح بمسبحة المدينة، رأى النبي في منامه «ومن رآني فقد رآني حقاً»، هكذا يورد بعضهم الحديث بعد رواية منامه. وتبقى القرية أشهراً معدودات في تلك الحالة الروحية، أما الحاج فيدخل في مداخل أخرى تثبت تغير الحال، فما كان يفعله قبل الحج لا يصح أن يفعله بعده، يدخل مدخل الصدق لأنه لو كذب قيل له من المجتمع كله: «كيف تكذب وأنت حاج لبيت الله وزائر لقبر رسوله؟!»، إذن، الحج ينهى عن الفحشاء والمنكر بالضغط الاجتماعي، وبالشهود الذين شاهدوا الحاج يوم الخروج للحج، ويوم العودة.

وتجدد زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى قريتنا كلما زاره أحد من أهلنا، وتجدد العهد أو هكذا كان يرى جماعتنا، أو هكذا ألقي في قلوبهم أو أوحي إليهم، وإن الله بصير بالعباد، أو هكذا قال الشيخ ذو القلب المفتوح.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زارنا النبي» «زارنا النبي»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab