رصاصة في رأس مَن

رصاصة في رأس مَن؟

رصاصة في رأس مَن؟

 العرب اليوم -

رصاصة في رأس مَن

بقلم - مأمون فندي

المشهد المهيب الذي لفَّ فلسطين والعالم نتيجة إطلاق رصاصة على رأس مراسلة «الجزيرة» الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة، فتح رمزيات أوسع وأكبر تطرح سؤالاً: في رأس مَن سكنت تلك الرصاصة؟
بدايةً، سكنت في رؤوس الإسرائيليين أنفسهم، إذ فضحت شيرين في نعشها وحشية نظام عنصري، وأمام شاشات العالم كله رأى المشاهدون همجية إسرائيل التي أنكرت على الفلسطينيين لحظة وداع حزين لابنتهم، التي أصبحت رمزاً لكل آلامهم. ظهر الإسرائيليون في صورتهم الحقيقية بدمويتها وبُعدها عن أي شيء له علاقة بمعاني الحضارة وقيمها. لا أدري مَن في الغرب اليوم يمكنه أن يتجاهل همجية الجيش الإسرائيلي وهو يُقلق روحاً في نعشها بكل ما رأيناه من وحشية. الرصاصة سكنت في رأس إسرائيل، نظاماً وشعباً وديمقراطية مدّعاة وكاذبة.
سكنت الرصاصة أيضاً في رأس إدارة بايدن التي لم تفزع لمواطنة أميركية، فقط لأن الجاني هو الإسرائيلي القابض على تلابيب رقبة الإدارة مرة بأموال اللوبي الإسرائيلي، ومرة بالابتزاز القائل إن أي نقد لوحشية إسرائيل يصنَّف على أنه ضد السامية. الرصاصة سكنت في قلب الديمقراطية الأميركية وقيمها الخاصة بحرية التعبير وحرية الصحافة. سكنت الرصاصة في رأس التعديل الأول للدستور الأميركي الذي أنكر على مواطنة أميركية حريتها في التعبير وحريتها كصحافية. الرصاصة لم تسكن في رأس شيرين وحدها إذن.
تصريح الاتحاد الأوروبي الخجول يؤكد أن الرصاصة أيضاً اخترقت رأس أوروبا وعقلها، أوروبا سجينة الإحساس بالذنب لما حدث لليهود فيها، رأسها مخترَق برصاصة تجعلها لا تفرِّق بين همجية الجيش الإسرائيلي تجاه امرأة ميتة في تابوت، في طريقها إلى مثواها الأخير، وبين ذنب أوروبا لما قامت به ضد اليهود منذ أكثر من سبعة عقود مضت.
أما بريطانيا التي وعدت اليهود بوطن في فلسطين فلا يُرجَى منها الكثير، حتى وزيرة داخليتها فهي أكثر تطرفاً من المستوطنين الإسرائيليين فيما يخص فلسطين. الرصاصة وُجِّهت إلى كثير من الرؤوس.

 

أما عربياً، فقد اخترقت الرصاصة القلوب على مستوى الشعوب المكلومة دوماً، والتي لا تعرف إلا فن الرثاء والجنازات من كثرة الحزن والمآسي، رصاصة عمّقت شعورنا بالعقم وعدم القدرة وجعلت عجزنا واضحاً كشمس الظهيرة.
الرصاصة الإسرائيلية وُجّهت إلى كثير من الرؤوس وكشفت عورات كثيرة أولاها عورة الاحتلال البشع، وسلوك جنوده البدائي المفرغ من أي مضمون إنساني.
أما شيرين فقد وصلت بسلام إلى مثواها الأخير، بلغت خط النهاية بزفة وطنية لم تعهدها فلسطين من قبل، شيرين بمفردها وإنسانيتها ومهنيتها هزمت الاحتلال بالضربة القاضية، وردّت إليه الرصاصة بقوة أشد ستبقى عاراً يطارد نظاماً يدّعي الديمقراطية وبدت وحشيته واضحة للعالم أجمع. نظام عنصري يقتل الأحياء ويطارد الموتى حتى المدافن.
شيرين كشفت في عيون الفلسطينيين عمق المأساة، ولون الحقيقة ومعنى الوطن.
الرمزيات من المرأة إلى النعش الذي كاد يهوي كما السهم تحت عنف المحتل، فقط تتشبث به سواعد فتية آمنوا بربهم وبرموز قضيتهم، رمزيات المشهد الجنائزي حرَّكت في العالم العربي الكثير ورمزيات الهمجية الإسرائيلية حرَّكت في العالم ما هو أكثر.
شيرين كشفت فظائع الاحتلال وهي حيّة، من خلال تقاريرها التلفزيونية، وكشفت وحشيته وهي في تابوتها كأنها حتى آخر لحظة قبل الدفن تقول: «كانت معكم شيرين أبو عاقلة من فلسطين المحتلة»، ولكن هذه المرة لم تكن ترسل تقريراً إلى محطتها، بل إلى تلفزيونات العالم كله.
ومع ذلك يبقى هناك أمر يجب تناوله، وهو أن مقتل شيرين لم يكن بقرار جندي يحمل بندقية ذات تليسكوب ليحدد هدفه بوضوح، المتابع يعرف أن هناك قراراً من أعلى بقتل صحافي أو اثنين بهدف تخويف الإعلام كله شرقيّه وغربيّه، من تغطية عملية كبيرة لاجتياح الضفة كلها. إسرائيل تدرك أن العالم مشغول بالحرب في أوكرانيا وتلك فرصتها لتصفية القضية وتصفية السلطة. شيرين بموتها ربما أنقذت السلطة والضفة، أو ربما تلك هي بداية حرب أوسع في فلسطين وربما الجوار.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رصاصة في رأس مَن رصاصة في رأس مَن



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab