النصب التذكاري للفساد
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

النصب التذكاري للفساد

النصب التذكاري للفساد

 العرب اليوم -

النصب التذكاري للفساد

بقلم : مأمون فندي

في قلب القاهرة وفي حي الزمالك الفخم يقف «النصب التذكاري للفساد» وهو مبنى عملاق بطوابق تصل إلى 50  ً دورا، أي أكبر من أي عمارة في مصر، يمكنك من فوقه أن ترى أهرامات الجيزة والقلعة حتى المطار، ً مبنى بدأ مخالفا منذ عصر الرئيس الراحل أنور السادات كمبنى تم الترخيص له عام 1972 ثم تصريح آخر كبناء من تسعة طوابق ثم صرح له عام 1973 من قبل وزارة السياحة كفندق من 44  ً طابقا ثم تم استثناؤه ً من الارتفاعات حتى بلغ خمسين طابق ً ا، هذا المبنى الدائري العملاق بقي مهجورا طوال عهد مبارك تسكنه ً الأشباح حتى يومنا هذا، أكثر من أربعين عاما.

ً بنى هذا المبنى ضد كل القوانين المعروفة ليس وزيرا بل أحد وكلاء الوزارة المتنفذين في عهد مبارك، بمخالفة لكل القوانين من حيث الارتفاع وغياب أي مرآب أرضي. حاول صاحبه شراء أرض إضافية من نادي الجزيرة الذي يقبع إلى جواره، ولكنه فشل لأن النادي يتمسك بقيم حي الزمالك القديم أو ربما لأسباب أخرى باطنية لا ظاهرية؟ المهم في هذا كله ورغم أعداد أطفال الشوارع في القاهرة وأزمة المساكن، يوجد مبنى في قلب الزمالك به أكثر من ألف غرفة فارغة، ومثله كثير حتى نصل إلى «النصب التذكاري الثاني للفساد»، المعروف ببرج القطن في الإسكندرية.

ً منذ عهد عبد الناصر حتى عهد السيسي وكل عام تعلن الدولة حرب ً ا على الفساد، وما زال الفساد قائما نخشى اقتلاعه حتى لا تنهار الدولة ومؤسساتها، لأن الفساد والدولة أصبحا ص َنوين أو توأمين ملتصقين لا تستطيع فك أحدهما عن الآخر دون موت الاثنين أو انهيار الدولة قبل انهيار مؤسسات الفساد.

كل من كانوا ضد ثورة 25 يناير يقولون بأن الشباب الذين قاموا بالثورة أرادوا لمؤسسات الدولة أن تنهار، الحقيقة هي أن الفساد كما دابة سليمان تأكل منسأة الدولة وهو السبب الأول للانهيار.

يظهر الفساد في الدول التي تحكمها قوانين ولوائح غائمة وغامضة، متراكمة بعضها فوق بعض وفي كثير ً من الأحيان متناقضة، هذا المظهر أيضا واضح وجلي في معظم بلداننا العربية قديمها وحديثها، ومع ذلك تبقى حالة الفساد في مصر غير مسبوقة في الإقليم.

ً فاللوائح والقوانين ليست فقط متراكمة، فهي في معظم الأحيان متناقضة أيضا. ً  الفساد أيضا يظهر حال تركز السلطات والصلاحيات التي لا تخضع للرقابة، في يد كبار المسؤولين، سواء كانوا حكوميين أو من المجتمع العادي أو القطاع الخاص. وأظن أن هذه النقطة ومظاهرها واضحة للعيان وغنية عن البيان في ً الحالة المصرية، خصوصا بعد أن اتضح للجميع أن الدستور أضحى مجرد صورة، ويعمل الإعلام (المفروض أنه سلطة رابعة رهن الإشارة» ً ، إذن لا بد أن يترك هذا المبنى الفخم في الزمالك مهجورا، شريطة أن يطلقً عليه وبلافتة علنية مكتوبة بالخط العريض يراها الجميع؛ النصب التذكاري لخمسين عاما من الفساد المستمر وغير المنقطع.

أتمنى ألا يظن القارئ، أن الفساد هو مشكلة حكومية فقط. فالفساد له قوانينه الحاكمة مثل قوانين الاقتصاد العام. معادلة الفساد هي مثل معادلة الاقتصاد، أو معادلة السوق، عرض وطلب. إذا ما زاد العرض قل الطلب والعكس. بمعنى أنه حتى لو كانت الحكومات طالبة للفساد، فلا بد من وجود عرض حتى يتسنى لميكانيزمات الفساد ومحركاته أن تعمل. المجتمع، وكذلك القطاع الخاص في مصر، يعرضان الفساد على قدر طلب الحكومات. والعاملون في الشركات يعرضون الفساد على قدر طلب الرؤساء، فحتى تكون للفساد قيمة ً اجتماعية، فلا بد للفاسد أن يكون مطلوب ً ا ومرغوبا. ومن هنا تكون بداية الحل هي في تقليل المعروض من الفساد، حتى يرتفع سعره وتقبل عليه الحكومات بدرجة تنظمها ميكانيزمات السوق وآلياته المحركة.

ً في مصر المعروض من الفساد كثير جدا ورغم ثورتين، فإن اختيار القادة في كل مرحلة من الثورتين له معيار واحد لا غير وهو الفساد.

الاختبار الحقيقي ليس تشجيع الاستثمار كما جاء في القوانين الأخيرة التي أقرتها حكومة الرئيس السيسي، القوانين الجديدة ستجلب أموالا من البنك والصندوق الدوليين ومن دول الجوار، أموال سيبتلعها الثقب الكوني الأسود (hole black (المعروف بالفساد، وما برج الزمالك سالف الذكر إلا رمز له وعنوان. لو كان الرئاسة تريد امتحانًا لقدرتها على مقاومة الفساد فلتبدأ بإزالتها هذا البرج القبيح وأبراج أخرى غيره، ًصبا تذكارية للفساد والكل يراها كل يوم، ولكنها تبدو وكأنها موافقة على أن الفساد كان عنوان أصبحت المرحلة منذ عام 1952 حتى اليوم، فقط يمط الفرد شفتيه وكأنه يقول «فوضت أمري إلى الله»، أتمنى أن يأتي اليوم الذي يفوض المرء أمره في الأمور الدنيوية إلى دولة أساسها علاقة بين الحاكم والمحكوم أساسها الدستور وحكم القانون.

الفرصة ما زالت قائمة أمام الرئاسة لتبين للعالم بالفعل المادي المجرد حرصها على إزالة النصب التذكارية للفساد في بر مصر، من أقصى جزيرة التمساح في الأقصر إلى برج الزمالك.

arabstoday

GMT 00:04 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

GMT 00:09 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إعادة إعمار العقول والقلوب

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 00:01 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

البطيخة: العنصرية والمقاومة

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النصب التذكاري للفساد النصب التذكاري للفساد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:53 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
 العرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 04:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab