شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان

شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان

شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان

 العرب اليوم -

شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان

بقلم : مأمون فندي

قد يُكتب الكثير من الإطراء عن القمة ثلاثية الأبعاد التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، والتي بدأت بقمة ثنائية بين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية والرئيس الأميركي دونالد ترمب، ثم قمة خليجية - أميركية جمعت قادة مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة بالرئيس الأميركي، وقمة إسلامية تحدث فيها الرئيس الأميركي عن شراكة إسلامية - أميركية ضد التطرف، ولكن ليس الهدف هنا الإطراء أو الثناء على مواقف المملكة العربية السعودية ودورها الإقليمي، الهدف هو استقراء ملامح تحالفات كبرى ورؤية جديدة للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط، فهذه قمة غير مسبوقة من حيث الحضور ونوعية الدول الممثلة في هذه التظاهرة، فتبعاتها ليست إقليمية بل دولية في طبيعتها.

بداية تجميع هذا العدد من قادة الدول في عاصمة واحدة يوحي بأننا أمام ملك ذي رؤية استراتيجية بعيدة في نظرته للسياسة الدولية، وتوحي أيضاً بطريقته في التعامل مع ملفات الإقليم المعقدة. مَن اقترب مِن الملك سلمان لسنوات يعرف أن الرجل قارئ جيد للتاريخ، ومن الساسة المحنكين في الشؤون الدولية، ومن هنا لا يكون مستغرباً أن تتكشف رؤيته في مواجهة أعداء المملكة، من خلال بناء تحالفات كبرى تضم الدولة العظمى الوحيدة في النظام العالمي، ومعها تحالف عربي وإسلامي واسع. وهذا هو سلمان بن عبد العزيز من حيث التروي والرؤية الواسعة لأمور تبدو مستعجلة، ملك يزن الأمور بروية وهدوء، ويراها بعين السياسي الذي قرأ وشهد وشارك في صناعة القرارات الكبرى التي تخص استقرار المملكة العربية السعودية.

المؤشرات الأولى لما قام به الملك سلمان وما تقوم به المملكة العربية السعودية يمكن لكل من يتابع ردود فعل ما عُرف بـ«تيار الممانعة» في المنطقة على زيارة الرئيس دونالد ترمب للملكة أن يدرك كيف أن الملك سلمان نجح في بناء تحالف دولي كبير يهدف إلى عزل إيران إسلامياً ودولياً، وأن هذا العزل قد نجح، مما جعل كل حلفاء إيران في قلق وتوتر شديدين، وربما لهذا جاءت ردات الفعل من قبلهم انفعالية، وفيها كثير من التوتر والمراهقة، ولا أظن أن ردود الفعل هذه تعني الكثير بقدر ما هي مؤشر لحجم الألم الذي أحسَّت به إيران من الضربة الاستراتيجية التي وجهتها لها قمة الرياض.

بدا من خلال قمة الرياض الخليجية العربية والإسلامية الأميركية أنه في حال أي مواجهة بين المملكة العربية السعودية وإيران، فإن جلَّ العالم العربي والإسلامي ينحاز إلى صف المملكة، وذلك لما تمثله المملكة من قيمة رمزية وروحية لجميع المسلمين، وكذلك ما تعنيه المملكة من قيمة للعروبة ومنبعها.

هناك شق رمزي آخر في القمة، وهو تتويج المملكة العربية السعودية قائداً كبيراً للعالم العربي والإسلامي، وبحضور رئيس الولايات المتحدة الأميركية، كشاهد على هذا التتويج، فليس هناك دولة تستطيع جمع كل هؤلاء القادة في يومين لمناقشة أجندة مشتركة، وهذا يُحسَب للمملكة العربية السعودية شعباً وقيادة ويُحسَب للملك سلمان بن عبد العزيز وفريقه من المساعدين من ولي العهد إلى ولي ولي العهد، في تنفيذ رؤية استراتيجية ناجحة بشقيها الرمزي والموضوعي.

الولايات المتحدة طالما كانت تحتاج إلى هذا التحالف العربي الإسلامي في مواجهة الإرهاب والتطرف، وها هي المملكة العربية السعودية تقول وتفعل من حيث قدرتها على بناء مثل هذه التحالفات الكبيرة رمزاً ومضموناً.

من يظن أن القمة ثلاثية الأبعاد هي من أجل حصار إيران وحسب فهو واهم. نعم، في مواجهة إيران، انحازت أغلبية الدول العربية والإسلامية للسعودية لتتوجها قائداً إقليمياً، وهذا ليس غريباً على ملك استراتيجي مثل سلمان، ولكن القصة ليست فقط إيران ونوعية التحديات التي تفرضها على قادة الإقليم. القمة أكبر من إيران وحصار إيران فقط، فهي قمة أكبر وأوسع وأهم فيما يخص كل قضايا المنطقة، من الصراع العربي - الإسرائيلي إلى اليمن وسوريا وليبيا، وغيرها من نقاط الالتهابات والتوتر في المنطقة.

المملكة اليوم ترسم ملامح شرق أوسط جديد برؤية عربية، وليست فكرة الشرق الأوسط الكبير التي أعلنتها وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس. نحن أمام شرق أوسط جديد عربي برؤية سلمان.

في إطار التحديات التي تواجه العالم العربي من جوار غير عربي، تظهر رؤية سلمان بن عبد العزيز لترسم ملامح الخطوط الكبرى لتَصَوُّر أمن إقليمي بصبغة عربية مدعومة بتحالف إسلامي وعالمي واسع.

الملك سلمان رجل ذو رؤية واضحة لا يتردد في الاختلاف حتى مع الدولة العظمى الوحيدة، إذا كان هذا الاختلاف في صالح القضايا العربية.

والاختلاف طبيعي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، فالثانية قوة عالمية لها منظورها للعالم، والأولى قوة إقليمية ترى قضايا الاستقرار من منظور إقليمي فيجب ألا نتوقع تطابقاً في الرؤى، ولكننا نرى ملامح شراكة استراتيجية قادرة على تعظيم نقاط الاتفاق وإدارة مساحات الاختلاف.

بالطبع في هذا اللقاء أحاديث المليارات الاقتصادية التي تعود بالنفع على البلدين، ولكن من يعرف الملك سلمان يدرك أننا أمام ملك ذي رؤية استراتيجية سياسية قبل كل شيء، وأساس هذه الرؤية استقرار المملكة والعالم العربي من حولها.

نجحت المملكة في استضافة قمة غير مسبوقة، ولكن ما سيدركه العالم العربي بالتدريج هو التعرف على رؤية ملك لا يتحدث كثيراً، ولكنه ذو رؤية استراتيجية كبيرة أساسها الواقعية السياسية، وليس عالم الخيالات والأحلام والبطولات الوهمية الزائفة.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط
             

arabstoday

GMT 00:04 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

هل ينقسم الحزب الديمقراطي؟

GMT 00:09 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إعادة إعمار العقول والقلوب

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 00:01 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

البطيخة: العنصرية والمقاومة

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان شرق أوسط عربي جديد برؤية سلمان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab