«حماة الديار» غبتم وتركتونا

«حماة الديار»: غبتم وتركتونا

«حماة الديار»: غبتم وتركتونا

 العرب اليوم -

«حماة الديار» غبتم وتركتونا

جهاد الخازن

حماة الديار عليكم سلام/ أبَت أن تذلّ النفوس الكرام/ عرين العروبة بيتٌ حرام/ وعرش الشموس حمًى لا يضام.
لست عاطفياً البتة ولم أبكِ يوماً إلا في وداع أفراد العائلة الأقربين، غير أنني وجدت نفسي أغالب الدموع وأنا أرى صورة على صفحتين في جريدة لندنية للاجئين سوريين تحاول شرطة مقدونيا أن تردهم عن حدودها. في وسط الصورة كان هناك طفلان سوريان يبكيان، وأم تبكي وقد فصلتها الشرطة عن الطفلين.
حماة الديار خربوا الديار، والنفوس الكرام ذلّت، وعرين العروبة انتهِك، والشمس في كسوف دائم.

النشيد الوطني السوري من تأليف خليل مردم بك وتلحين اللبناني محمد فليفل. جلست وحيداً أردد: ربوع الشآم بروج العلا/ تحاكي السماء بعالي السنا. ثم أزيد: نفوس أباة وماض مجيد/ وروح الأضاحي رقيب عتيد/ فمنا الوليد ومنا الرشيد/ فلِمْ لا نسود ولِمْ لا نشيد.
لا أحتاج أن أرد. ربوع الشآم استُبيحَت، وأهلها شُرِّدوا، والماضي المجيد، كما يدل اسمه، مضى، وبعد الوليد والرشيد هناك إرهاب يقتل السوريين ويدمر الآثار لطمس الماضي.

ومن «حماة الديار» إلى «يا ظلام السجن» أو ذلك النشيد الذي كتبه نجيب الريس وهو في السجن في جزيرة أرواد سنة 1922 لمعارضته الانتداب الفرنسي. أغلقت الغرفة عليّ وأخذت أردد: يا ظلام السجن خيِّم/ إننا نهوى الظلاما/ ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى. وزدت: قد هبطناك شبابا/ لا يهابون المنونا/ وتعاهدنا جميعاً يوم أقسمنا اليمينا. ووقفت ووجهي إلى الحائط وأنا أقول: لم أكن يوماً أثيما/ لم أخن يوماً نظاما/ إنما حب بلادي/ في فؤادي قد أقاما.
نجيب الريس هو والد الزميل العزيز رياض. والصحافي نجيب الريس رحل قبل أن يرى المصائب اللاحقة، وأخونا رياض مريض، أي في ليلين وطني وشخصي فأسأل الله أن يرد له صحته.

المجد الذي حلمنا به خلفه كابوس يقظة، والشباب قضوا، وحب بلادي واجب، ولكن بلادي لا تحبني، أو ربما خذلتها وخذلتني. كنا نقول: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة/ وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام. أقول اليوم لا هي بلادي ولا هم أهلي. أرفض أن أكون من بلاد يفنى أبناؤها هرباً من الموت فيها، ويأكلهم السمك في البحر أو يُستقبَلون بالغاز المسيل للدموع والهراوات. أهلي فيهم شهداء ولكن لا إرهابي واحد.

ومن سورية إلى العراق والنشيد: موطني موطني/ الجلال والجمال والسناء والبهاء/ في رباك في رباك/ والحياة والنجاة والهناء والرجاء/ في هواك في هواك.
النشيد الوطني العراقي هذا اعتُمِد بعد الاحتلال الأميركي سنة 2003، وهو من تأليف الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، وتلحين محمد وأحمد فليفل.

الجلال والجمال والهناء والرجاء «كان زمان». وأكمل: هل أراك هل أراك/ سالماً منعماً وغانماً مكرما/ هل أراك في علاك تبلغ السِّماك/ موطني موطني.
لست بكّاءً ولم أكن يوماً متشائماً، إلا أنني لم أعد أتوقع أن أرى سورية أو العراق وقد عادا إلى أهلهما ولا إرهاب. أكمل: نستقي من الردى ولن نكون للعدى/ كالعبيد كالعبيد/ لا نريد لا نريد/ ذلنا المؤبدا وعيشنا المنكدا/ لا نريد بل نعيد مجدنا التليد/ موطني موطني.

العدو من بيننا، وقد ذقنا الموت، وعدنا عبيداً وجواري، وراح المجد التليد والطارف، والوضع هو ردّ لاجئة سورية سألتها في شتورة عن المستقبل وقالت: إذا الله يرحمنا نموت بكرة (غداً).
نحن نموت كل يوم. أهل سورية هم الموتى الأحياء. وأتذكر قول جدتي في مثل هذه المناسبة: تخلّي. وكانت تقصد أن الله تخلّى عن عبيده أو عباده. هم تخلوا عنه ودفعوا الثمن إرهاباً يقتل الأبرياء.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماة الديار» غبتم وتركتونا «حماة الديار» غبتم وتركتونا



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab