يجب على هذه الأمة أن تهزم الإرهاب هزيمة نهائية قبل أن يدمر حاضرها ومستقبلها. كان هذا درس يوم الجمعة الأسود، ولا درس غيره. الإرهابيون اختاروا يوم صلاة وصوم ليقتلوا مسلمين ومستأمنين.
الإرهاب عدو الإسلام والمسلمين قبل أي عدو آخر. هو حليف إسرائيل أو صنيعتها. وما كنا نحتاج لنعرف هذا أن يُقتَل 27 ويُجرَح 227 في مسجد شيعي في الكويت أو يُقتَل 38 سائحاً في تونس ويُجرَح 36 آخرون، أو تجزّ عنق رجل في فرنسا، أو يُقتَل 206 من سكان عين العرب (كوباني).
الشيعة الجعفرية الاثنا عشرية طائفة مسلمة. هذا ما يقوله الأزهر الشريف، وما سمعت من الملك الحسن الثاني في بوزنيقة، وما أعلن مؤتمر إسلامي جامع في الأردن سنة 2005 هو أضخم ما رأيت في حياتي.
في وحشية الإرهاب أن أقرأ أن تنظيم «داعش» أنذر المسيحيين في القدس بمغادرتها أو يُذبَحون. الخليفة عمر بن الخطاب طرد اليهود من القدس وسلمها للنصارى، و «داعش» يريد طرد المسيحيين من القدس وتسليمها لليهود.
لا أحد في العالم اليوم، أو في أي يوم، أكثر إسلاماً من الفاروق، والعهدة العُمَرية لنصارى القدس سبقها عهد رسول الله لنصارى نجران. وفي القرآن الكريم «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى» (سورة المائدة 82)، وهذا فصل الخطاب.
إرهابي من «داعش»، طالب هندسة أو طالب جريمة، قتل السياح في سوسة. ماذا في تونس غير السياحة؟ هي الجزء الأهم من اقتصاد البلاد والإرهابي أصصاب أهل بلده في رزق يومهم. الآن نسمع أن شركات السياحة الغربية بدأت تلغي حجوزاتها في تونس.
إذا كان في تونس بترول وسهول وأنهار فأنا لم أسمع عنها، وإنما رأيت فيها سياحة مزدهرة وسياحاً أكثرهم من أوروبا يتمتعون بأجمل طقس وضيافة كريمة. ثم يأتي مجرم ضال ليهدم البلد على رأس أهله قبل أن يصيب رصاصه أي سائح.
في الكويت، هناك أوسع مساحة حرية في الوطن العربي كله وأمير هو الشيخ صباح الأحمد الصباح، حكيم الخليج والأمة، العادل المعتدل الذي يطلب الخير للجميع. لا مقارنة بـ «داعش» إطلاقاً فأنا لن أقارن بين خير وشر، والأقلية الشيعية في الكويت يحميها القانون، ولعل كل شيعي عاقل في كل بلد يتمنى لو ينعم بمثل ما ينعم به شيعة الكويت.
الإرهاب لا عقل له ولا دين، ولا منطق أبداً، والدولة الإسلامية اسمها إهانة للمسلمين ودينهم الوَسطي، ولا مخرج بغير اجتثاث الإرهاب من جذوره، فلا نقضي فقط على الإرهابيين وإنما نلغي فكرهم الظلامي، فهناك كثيرون يؤيدونهم وقد يمدونهم بالمال ويشملونهم بالحماية إذا استطاعوا. الفكر المؤيد للإرهاب إرهابي، ويتحمل نصيبه من قتل المسلمين باسم الإسلام.
كان يوم جمعة أسودَ قاتماً، وكنت بين مطار ومطار أسرع بحثاً عن تلفزيون لمتابعة الأخبار وأزداد يأساً وحزناً وإحباطاً. هناك في الغرب «يوم إثنين أسود»، أو «يوم جمعة أسود»، إلا أن العبارة تعود إلى «البزنس» أو البورصة. عندنا اليوم الأسود هو يوم قتل وموت وخراب.
هل من نهاية؟ «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» (سورة الرعد 11). كلنا قرأ هذا أو سمعه وحفظه، ولكن لا يعمل به وسنظل ندفع الثمن من أرواحنا ومستقبلنا حتى نتعلم.
الإرهابيون من «داعش» وغيره يقتلون المسلمين، ويقومون بعمل الأعداء حتى أجدهم أفضل سلاح وأمضى سلاح في يد إسرائيل ضدنا. واجب المسلمين أن يقتلوا الإرهابيين قبل أن يقتلوهم. الدفاع عن النفس في كل دين وشرع، والوقوف ضد الإرهاب ليس مجرد حماية للروح وإنما حماية لمستقبل أولادنا.