جهاد الخازن
تجتاح الأراضي الفلسطينية انتفاضة ثالثة من دون قيادة، فالفلسطينيون تحت الاحتلال «طلعت روحهم» من جرائم حكومة نازية جديدة تقتل الأطفال، فكانت الشرارة قتل الشرطة الإسرائيلية الولد محمد سنقراط (16 سنة) وقتل آخرين بعده، ما يذكرنا بالثورات العربية بعد أن أضرم التونسي محمد البوعزيزي النار في جسمه احتجاجاً على موقف الشرطة المحلية منه.
مجرم الحرب بنيامين نتانياهو قال لفلسطينيي 1948 إن الذي لا يعجبه الوضع يستطيع أن يرحل. لماذا لا يرحل هو؟ هم في بلادهم منذ ألوف السنين، ولهم ألف أثر على وجودهم المستمر. هو اشكنازي أصله من جبال القوقاز مجبول بالكذب وخرافات التوراة لتبرير سرقة وطن شعب آخر.
جبل الهيكل خرافة، والمستوطنون يدنسون الحرم الشريف يوماً بعد يوم، وقوات الاحتلال تمنع المسلمين من الصلاة في ثالث الحرمَيْن الشريفين، والفرق بين الاسلام واليهودية أن الاسلام جاء في ضوء التاريخ وآثاره قائمة، وأن اليهودية اختراع لا آثار على الأرض تسنده، بل كذب صفيق.
لماذا لا يرحل مع نتانياهو افيغدور ليبرمان ونفتالي بنيت وموشي يعالون وغيرهم من الغزاة المحتلين فهم إما من مولدافا أو الولايات المتحدة أو اوكرانيا، ويقابلهم من الفلسطينيين المسلم السنّي ابن نُسيبة الذي تحمل أسرته مفتاح كنيسة القيامة منذ 1400 سنة، ومعه ملايين الفلسطينيين.
لولا جدية الموضوع لاعتبرت الأمر «نكتة» وأنا أقرأ في موقع ليكودي أن الاسرائيليين المتطرفين (هناك معتدلون طلاب سلام) ضاقوا ذرعاً بنتانياهو ويريدون أن يستبدلوا ليبرمان به... يعني من دجّال حتى الحكومة الاميركية الحليفة وصفته بأنه «براز دجاج» الى حارس مواخير مولدافي لا علاقة له بفلسطين.
في صحيفة اسرائيلية أخرى العنوان «نتانياهو يتحول الى اليمين في إجتماع اللجنة المركزية لليكود». هو على يمين اليمين، وأي تحوّل سيعني سقوطه في هوة أخرى من الجريمة.
كانت إدارة اوباما ترى أن نتانياهو لا يريد السلام، وأن خطوات حكومته محسوبة لإثارة الفلسطينيين، وخلق جو يبرر استمرار إحتلال الأرض وقتل الأطفال. وفي الأخبار أن حكومة الجريمة ستصادر ثلاثة آلاف آكر/فدان آخر في الضفة الغربية، أو حوالى 12 مليون متر مربع. الآن أصبح الاميركيون يعتبرون نتانياهو «خطراً»، فهو خطر على الفلسطينيين وإسرائيل والسياسة الاميركية في الشرق الأوسط، إلا أنه يتمتع بتأييد مجلسي الكونغرس الاميركي حيث يشكل الجمهوريون غالبية، لذلك يستطيع المضي في سياسة الاحتلال والقتل بغطاء اميركي رغم العداوة، وليس مجرد الاختلاف، مع إدارة اوباما.
في غضون ذلك، هناك انتفاضة فلسطينية ثالثة شعبية لا قيادة لها، كانت ستصبح أكثر تأثيراً لولا الخلاف بين الفلسطينيين، وهو خلاف أحمِّل حماس المسؤولية كاملة عنه، فالقيادة في غزة تعمل ضد منطق التاريخ، وتنفذ سياسة نكبت أهل قطاع غزة، وتتهم الرئيس محمود عباس بالكذب، وهي التي جعلت الكذب سياسة. ثم ترفض أن ترى أن الاخوان المسلمين في مصر، وهي منهم، سقطوا ولا قيام لهم، بل أنها تتجاهل إعلان جماعة «أنصار بيت المقدس» الولاء لداعش، أي الانضمام الى إرهاب يقتل المسلمين لأنه لا يجد عدواً حقيقياً أو متوَهماً يقتله.
مصر أقامت منطقة عازلة مع قطاع غزة، وهذا لا يكفي، فقد طالبتُ يوماً بعودة مصر الى إدارة القطاع تمهيداً لتوحيد القيادة السياسية الفلسطينية. الأحداث الأخيرة في شمال سيناء تؤكد صحة إقتراحي الذي يفيد مصر بخنق خطوط الارهاب، ويفيد الفلسطينيين بتوحيدهم، ويفوّت على إسرائيل فرصة تدمير القطاع مرة أخرى أو خامسة. الانتفاضة الثالثة ستستمر، وأطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي بقرار جريء، وهو قادر.