جهاد الخازن
أتابع أعنف حملات في الميديا العالمية على المملكة العربية السعودية منذ عقود، وتجاهلها أو إنكارها هو في سوء الحملات أو أسوأ.
هناك في موقع الحكم في السعودية أعضاء درسوا في الخارج، خصوصاً الولايات المتحدة، ولا بد أنهم يتابعون ما يُكتب في صحف ومجلات ومواقع الكترونية ضد بلادهم. أقول لهم إن السكوت عمّا يجري خطأ لأنه يشجع أفراداً وجهات ودولاً على الاستمرار (عندي المادة لمَنْ يريد من أهل الحكم).
مع السقوط العربي المستمر ثمة مئة موضوع أستطيع أن أعلّق عليها، إلا أنني اخترت المركب الصعب اليوم، وأنا أدرك أنني قد لا أطلع بخير «مع سيدي أو مع ستي»، كما نقول في لبنان، فأعداء السعودية سيعتبرون موقفي دفاعاً عنها إزاء ما يتهمونها به، وأنصار السعودية، خصوصاً من المتشددين، سيقولون إنني أروّج للحملات وأنا أزعم انتقادها.
لن أروّج لأحد أو لشيء، وإنما أقول إن الميـــديا الغربـــية نقلــــت عن الإعلام السعودي أن 50 حكـــم إعدام ستنفذ في الأيام القليلة المقبلة، وأن السعودية تحارب «داعش» وتساندها بالفكر، حتى أن كاتباً في «نيويورك تايمز» قال إن احتلال العراق أم «داعش»، ولكن السعودية أبوها. بعض آخر يقول إن السعودية مظلومة، وإذا كانت كذلك فالواجب يتطلب حملة لإظهار أوجه الظلم.
هناك أفراد في السعودية يؤيدون «داعش»، وبعضهم يدعمها بالمال، إلا أنني أعرف رجال القيادة السعودية جميعاً، وأجد أن من المستحيل أن يوافقوا على أهداف «داعش». أكتب على أساس معرفة شخصية مباشرة، ثم يأتي ليكودي أميركي عن بعد عشرة آلاف كيلومتر ليتباكى على ضحية إعدام لم ينفذ، واسرائيل تقتل الرجال والنساء والأطفال كل يوم. هناك كاريكاتور في صدر جريدة «الاندبندنت» عن إعدامات لم تجرِ بعد وقد لا تُنفذ.
مرة أخرى، ليس غرضي اليوم الدفاع عن أي إجراءات سعودية، فأنا ضد حكم الإعدام منذ أيام المراهقة، ولا أوافق عليه إلا في حالات اغتصاب أطفال صغار. وعندي قصة للقراء تخفيفاً لوطأة الموضوع، فقد كان الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، صديقاً عزيزاً كانت كل جلسة ليلية لي معه في مكتبه في وزارة الداخلية، قبل أن يصبح ولي العهد، تمتد ساعات. وناقشته مرة في موضوع الإعدام واختلفت معه. هو قال لي: «مشكلتي معك أنك تفكر في القاتل. أنا أفكر في الضحية، وألم الأسرة والأهل».
لا أحد في بلادنا كان أنجح في مكافحة الإرهاب والإرهابيين من الأمير نايف، وعندما تسلّم الأمن ابنه محمد قال لي الأمير نايف إنه ارتاح من الموضوع لأن الابن يقوم بالمهمة بنجاح كبير.
ولا أحتاج اليوم الى أي دفاع عن الملك سلمان، فما أعرف عنه عبر عقود أنه عادل معتدل، وهو هادئ الأعصاب لا يُستَفَز، وكان أحياناً يعطيني معلومات صحافية فاتتني.
مرة أخرى، لا أكتب دفاعاً عن المملكة العربية السعودية، فهي بلد محافظ وأنا ليبرالي، وإنما أسجل حاجة القيادة السعودية الى التعامل مع الحملات المستمرة عليها، فبعضها مفضوح وراءه أنصار لخصوم أو أعداء في المنطقة أو خارجها، إلا أن بعضها الآخر يتحدث عن قضايا حقيقية يجب أن يكون التعامل معها بمنظور عصري يُخرِس ألسنة السوء.
لو كنت أريد راحة رأسي لاخترت من بضعة عشر موضوعاً ما أكتب عنه اليوم.