جهاد الخازن
أخشى أن تمديد المفاوضات أربعة أشهر بين إيران والدول الست على برنامجها النووي يعني تأجيل الفشل لا ضمان النجاح.
الرئيس باراك أوباما وأركان إدارته يريدون الوصول إلى حل، إلا أن الكونغرس بمجلسيه ولوبي إسرائيل والحكومة الإرهابية في إسرائيل وعصابة الحرب والشر الأميركية لا تريد اتفاقاً، بل تريد إيران غير نووية، حتى لو كان برنامجها سلمياً، لتبقى إسرائيل وحدها في الشرق الأوسط بترسانة نووية مؤكدة تهدد بها القريب والبعيد.
هل أحتاج أن أسأل مَنْ أقوى في السياسة الخارجية الأميركية، الرئيس الأميركي أو إسرائيل؟
الرئيس أوباما يريد تقديم مزيد من الحوافز لإيران عبر مجلس الشيوخ حيث الديمقراطيون غالبية قد تنتهي بعد الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. غير أن مصادر البيت الأبيض تعترف بوجود معارضة هائلة لأي صفقة مع إيران رغم إحراز تقدم واضح في الأشهر الأخيرة، ورغم أن إيران تنفذ بدقة الاتفاق الموقت بينها وبين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا.
الأرجح أن الرئيس أوباما سيستخدم الفيتو لمنع فرض عقوبات إضافية على إيران في الأشهر الأربعة المقبلة، فهو يفضّل استخدام الحوافز في هذه الفترة، مع التهديد بمزيد من العقوبات والحصار، وربما بتدخل عسكري إذا لم يصل الجانبان إلى اتفاق نهائي.
إسرائيل وأنصارها لهم رأي آخر. والسيناتور مارك كيرك، وهو جمهوري من إلينوي، كتب تقريراً مع السيناتور روبرت منديز، الديموقراطي من نيو جيرسي، يدعو إلى تشديد العقوبات، ويطالب بضمانات مستحيلة لعدم وجود برنامج نووي عسكري إيراني. والكونغرس يقول إن العقوبات والحصار والتهديد هي التي أدّت إلى قبول إيران التفاوض على برنامجها النووي، والواجب أن تستمر حتى يتم الاتفاق.
ما تريد إسرائيل، ومن ورائها الكونغرس والأميركيون الذين يخونون بلادهم لمصلحة دولة مُخترَعة تقتل الأطفال، هو أن تستسلم إيران من دون قيد أو شرط. هذا لن يحصل فالرئيس حسن روحاني معتدل، إلا أنه ليس معتدلاً إلى درجة الاستسلام، ثم إن المرشد آية الله خامنئي يعارض أي اتفاق لا يضمن حقوق إيران النووية.
في مثل هذا الوضع أرجح الفشل مع حلول الموعد «النهائي» الجديد في 24 تشرين الثاني، ولكن من دون إدانة إدارة أوباما فهي تحاول جهدها، وقد رأينا وزير الخارجية جون كيري ونائبه وليام بيرنز ووكيلة الوزارة وندي شيرمان في جنيف يفاوضون المسؤولين الإيرانيين الذين تقدمهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ويحاولون جهدهم تضييق شقة الخلاف. ولاحظت على هامش الجلسات أن شقيق الرئيس روحاني حضر بعضها وأسرع عائداً إلى طهران لينقل إلى أخيه التفاصيل.
مرة أخرى، الخلاف ليس الظاهر منه على مدى تخصيب اليورانيوم لتشغيل مفاعلات لتوليد الكهرباء، أو غير ذلك من استعمالات سلمية، وليس على مفاعل الماء الثقيل في آراك، وإنما هو على إصرار إسرائيل أن تكون قوة نووية عسكرية وحيدة في الشرق الأوسط. لذلك، نرى نشاط جماعات أميركية من نوع عصابة «متحدون ضد إيران نووية» التي تطالب باستمرار العقوبات وزيادتها إلى أن توقف إيران برنامجها النووي.
لست «مغروماً» بسياسة إيران إزاء دول الخليج، أو في قطاع غزة أو سورية ولبنان، إلا أنني حتماً أؤيدها ضد إسرائيل، فأكرر لازمة ترافق كل مقال لي عن إيران هي أنني أتمنى أن تكون حكومة إيران تكذب وأنها تملك برنامجاً نووياً عسكرياً، ثم أحض الدول العربية كلها، خصوصاً مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على بدء برامج نووية سلمية وعسكرية، فهذه هي الطريقة الوحيدة ليبدأ الشرق والغرب جهداً لتجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.