جهاد الخازن
على مثل الملك عبدالله بن عبدالعزيز تبكي البواكي. مشاعر الحزن التي عمَّت المملكة العربية السعودية والوطن العربي وبلاد المسلمين هي كلمة الحق في رجل سجل إنجازات غير مسبوقة في عقدين من الحكم.
التعليم. التعمير. حقوق المرأة. العلاقات العربية. الإسلام الصحيح. مكافحة الإرهاب. عناوين كلٌ منها يكفي إنجازاً وفخراً.
شعرتُ بأن النهاية قريبة وسجلت رأيي في الملك عبدالله وهو معنا أملاً بأن يُنقَل إليه. قلت في 4/1/2015:
«هو أدار الحكم بعد 1996 عندما تعرض الملك فهد لأزمة صحية أقعدته، وأستطيع أن أقول بثقة إنه سار ببلاده في طريق التقدم، وأرضى الجيل الجديد من دون أن يُغضِب محافظين يعتبرون التغيير بدعة أو ضلالة، هم انشغلوا بـ «سواقة النسوان» فيما كانت سياسة الملك تضمن تقدمهن سنوات ضوئية.
في سنوات حكم الملك عبدالله بُنيت 12 جامعة جديدة أكثرها للعلوم والتكنولوجيا، مع مستشفيات مرافقة، وجرى توسيع جامعات أخرى وتطويرها، مع تركيز على تعليم البنات، ومع فتح عضوية مجلس الشورى أمام النساء. التعليم العالي متوافر للجميع، وربما كان هناك 15 ألف طالب علم سعودي في الخارج بالاتفاق بين جامعات سعودية وغربية.
الملك عبدالله سعى إلى رفع نسبة العمالة السعودية في مشاريع بناء البلد، لتصبح ثلاثة أضعاف ما كانت في السابق، وأطلق مشاريع طرق جديدة مع تطوير البنية التحتية. هناك مشاريع لقطار سريع يربط جدة والطائف مع مكة والمدينة، كما أن هناك خططاً لبناء مترو أنفاق في المدن الكبرى. وطبعاً لا يمكن أن ينسى السعوديون والمسلمون حول العالم دور الملك وفضله في توسعة الحرمين الشريفين».
أيضاً وجدتُ أن كتّاباً ظلاميين من أنصار الحرب والشر يروّجون لأزمة حكم بعد الملك عبدالله. وكتبت يوم الأربعاء الماضي أن التجربة تؤكد انتقال الحكم من ملك سعودي إلى آخر في دقائق. ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز تسلم المُلك فوراً ليكمل المسيرة وليقطع ألسنة الشر، والأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد ولا أزمة إطلاقاً، وعُيَّن الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، ولا أعرف في العالم استمرارية في الحكم أكثر شفافية وسرعة من هذا.
قلت في مقال الأربعاء:
«في كل مرة انتقل ملك سعودي إلى جوار ربه كان الحكم ينتقل في دقائق إلى ولي العهد. وقد سمعت من الأخوين علي وعثمان حافظ، رحمهما الله، أن الملك فيصل أراد الأمير محمد بن عبدالعزيز ولياً لعهده، إلا أنه اعتذر لثقل المهمة ورشح شقيقه الأمير خالد وهكذا كان.
أسجل من منطلق المعرفة لا أي غرض أو مرض أن لا سابقة لخلاف على انتقال الحكم في السعودية فقد كان يتم في دقائق، وأرمي قفاز التحدي وأقول إن هذا ما سيحدث في المرة القادمة، ثم أدعو للملك عبدالله بالصحة وطول العمر.
أقول إنني عرفت أبناء الملك عبدالعزيز، وبينهم وليا العهد الأمير سلطان ثم الأمير نايف، رحمهما الله، وأعرف ولي العهد الأمير سلمان منذ عقود ولي اتصال مباشر معه، كما أعرف أبناء الأبناء في الحكم وحوله، ولا أتوقع خلافاً أو انقساماً، فهو لم يحدث إطلاقاً في المناسبات المماثلة في السابق، ولا سبب منطقياً لتوقع حدوثه في المرة القادمة».
رحم الله الملك عبدالله. على مثله تبكي البواكي. كان إنساناً عظيماً. في سلمان بن عبدالعزيز مَلكاً عزاءٌ كافٍ.