جهاد الخازن
الدولة اللاإسلامية، أو داعش، أكبر خطر على الإسلام والمسلمين، وأسوأ عدو كما قالت المرجعيات الأعلى لدى المسلمين. هي أيضاً عدو الإنسانية وستزول، ولكن متى؟
كيف قامت هذه المنظمة الإرهابية، ومتى تسقط؟ أعرف أنها ستسقط، وأرجو أن يكون سقوطها قريباً. هي تقول داعش «باقٍ ويتمدد»، وأقول «زائل ويتقلص».
أسهل أن نراجع الماضي ومعلومات مؤكدة من أن ننظر في كرة بلورية غير موجودة لنعرف المستقبل.
الأنظمة القومية واليسارية والعسكرية بعد الاستقلال فشلت في حل مشاكل الفقر والتعليم والصحة والعمل، واقتصر نجاحها على قمع شعوبها.
وكان أن فازت حماس الإسلامية في انتخابات نزيهة، واعتقد الإسلاميون العرب أنهم وصلوا، إلا أنهم وجدوا حماس تحاصَر في غزة، وقرروا أن الطريق للوصول إلى الحكم ليس عبر الانتخابات، وإنما العنف.
عناصر عدة تتابعت، وليس بينها عنصر طاغٍ، إلا أن مجموعها مخيف، ورأينا تفكيك الجيش العراقي واجتثاث البعث، ثم الطريقة المُهينة التي أعدِم بها صدام حسين، ما أطلق شعور السنّة بالاضطهاد، وجاء نوري المالكي ليعزز هذا الشعور برئاسته حكومة طائفية سلمت العراق إلى ايران، وكان أن زاد شعور سنّة العراق بالعزلة والاضطهاد.
رفيق الحريري الذي يمثل جناحاً سنياً معتدلاً اغتيل، ودول العالم سكتت ثلاث سنوات ونصف السنة والسوريون يقتَلون، وركزت هي ودول عربية على أولوية إسقاط بشار الأسد فلم يسقط، والآن خسرت المعارضة المعتدلة، التي توجه أعضاء فيها للانضمام الى الجماعات الإرهابية.
الإرهابيون كانوا قلة، إلا أن المتطوعين يتدفقون عليهم من كل بلد عربي، وتونس بورقيبة في المقدمة، كذلك هناك متطوعون من أوروبا وأميركا وغيرها يدخلون سورية والعراق عبر بوابة تركيا. والعبارة الإنكليزية تقول إن ما يدور يعود من حيث بدأ، لذلك فالدول الغربية التي تصدِّر الآن الإرهابيين الى بلادنا تخشى أن يعود هؤلاء لممارسة الإرهاب فيها، وهي بالتالي بدأت تمنع خروج المشتَبَه في ولائهم، أو تمنع عودتهم، وتراقب حدودها خوفاً من إرهاب قادم.
هكذا قامت داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وهي تعمل في أرض خصبة ستمكنها من الاستمرار، وربما التوسع، إذا لم تتغير الاستراتيجية الغربية (وهي في الأساس أميركية) والعربية في مواجهة المتطرفين، وأصرّ على أن داعش ستسقط، فهي ضد منطق التاريخ.
ألف غارة جوية في الشهر لن تهزم الإرهاب، فثمة حاجة إلى قوات على الأرض، وإذا كان الرئيس باراك أوباما لا يزال ضد فكرة إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية الأميركية، فهناك تقدم على جبهة العراق حيث يسلح الأميركيون الجنود ويدربونهم استعداداً لحملة على داعش. شخصياً، عندي قدر كبير من الشك في قدرة الجنود العراقيين واستعدادهم للقتال، فأساس تسليح داعش اليوم انسحاب الجنود العراقيين أو فرارهم، وداعش تحتل الموصل، فاستولى الإرهابيون على أربع قواعد عسكرية عراقية بكل ما فيها من سلاح، وهذا يشمل أسلحة ودبابات وصواريخ.
ما نعرف الآن أن الاستراتيجية الأميركية لا تشمل سورية، حيث أيدت دولٌ وأفراد الإرهابيين، مع أن ألف مرة بشار ولا مرة داعش. سورية بلد 75 في المئة من سكانه مسلمون سنّة، وهم أصحاب مصلحة في مقاومة الإرهاب وربما كانوا الأكثر قدرة على ذلك. حتى إشعار آخر لا أحد يعطيهم فرصة الدفاع عن بلادهم.