جهاد الخازن
إرهاب الدولة اللاإسلامية، أو داعش، و القاعدة و النصرة وكل الارهابيين الآخرين، ترك سمعة العرب و المسلمين حول العالم «في الأرض». غير أنني أقول بموضوعية ومسؤولية إن سمعتنا تظل أفضل من سمعة اسرائيل فهي في الحضيض، ولن تخرج من وحول الارهاب والاحتلال والقتل في المستقبل القريب.
كان بيل ماهر، وهو نجم تلفزيوني وكوميدي، أي مهرِّج، أميركي قال إن الاسلام ليس مثل أي دين وإنما يشبه المافيا فهو يقتل كل مَنْ يتحدث عنه بسوء. وقد ردَّ عليه بحدَّة بن افليك، وهو ممثل ومخرج يساري واتهمَه بالعنصرية. ولكن أفضل رد على ماهر، الذي يقول إنه غير مؤمن، كان ما قرأت على لسان البروفسور الاسرائيلي شلومو ساند، مؤلف الكتاب «اختراع اليهود» فهو في مقال طويل في «الغارديان» اللندنية قال إنه يريد أن يستقيل من يهوديته لأنه يعتقد أن في اسرائيل أسوأ مجتمع عنصري في الغرب لذلك لم يعد يريد أن يبقى يهودياً.
أفترض أن المهرج ماهر لا يعرف الاسلام، ثم أفترض أنه يعرف الدين اليهودي، فأمه يهودية من أصل هنغاري، وأنطلق من هذه الفرضية لأسأل كيف يمكن لأي إنسان يعرف ما تضم التوراة من إبادة جنس أن يهاجم أي دين آخر؟ الجهل لم يمنع ماهر من دخول جدل مع زعيم حزب العمال البريطاني إد ميليباند عن الشريعة.
الإسلام بريء من الإرهاب والإرهابيين، وهو يطلب من المسلم أن يجير المشرك إذا استجاره، وأن يُسمعه كلام الله، ثم يبلغه مأمنه. القرآن الكريم لا يأمر أبداً بقتل الرجال والنساء والأطفال كالتوراة، ولا يستثني من القتل زانية (راحاب) مع أسرتها.
أنصار اسرائيل يتخبطون يائسين، فالكنائس والجامعات ضدهم، وهناك يهود من طلاب السلام ينتصرون للفلسطينيين ضد اسرائيل، ودول أوروبية تعترف بدولة فلسطين، وهذه حتماً أكثر شعبية من اسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالعالم كله يصفق للرئيس محمود عباس، ولا يصفق لرئيس الوزراء الإرهابي بنيامين نتانياهو غير وفد اسرائيل والوفد الاميركي.
بلغ من عزلة اسرائيل واعتبارها دولة منبوذة أن أنصارها يلجأون الى أساليب تكاد تكون مضحكة لولا جديّة الموضوع. أقرأ لعصابة الشر والحرب أن المسيحية واليهودية تشتركان في أمور كثيرة، وهذا مستحيل، فاليهود قتلوا المسيح وصلبوه بحسب كلام أناجيل المسيحيين، ولا شيء مشتركاً بينهما. المسيحية دين سلام يدعو أتباعه الى أن يحبوا أعداءهم ويباركوهم، فيما اليهودي في سفر التثنية يُمنَع من الربا ضد يهودي آخر ولكن يُسمح له بالربا ضد كل إنسان غير يهودي، أي مسيحي أو مسلم، أو حتى بوذي أو شنتو.
أيضاً أقرأ مقالاً عنوانه «تذكروا معركة بوانييه» والمقصود بلاط الشهداء التي كان قائدها العربي عبدالرحمن الغافقي، وقائد الفرنسيين فيها شارل مارتيل. هي خرافة غربية عن أن هزيمة المسلمين في تلك المعركة سنة 712 ميلادية أوقفت انتشار الاسلام في اوروبا. كل تاريخ كتبه العرب عن الأندلس، وبعض الكتب كان مرافقاً الأحداث، لا يقول عن بلاط الشهداء سوى إنها غزوة مثلها عشرات سبقتها أو تبعتها، ولم تكن تهدف الى أكثر من ذلك. أتحداهم أن يأتوا بمؤرخ عربي واحد من تلك الفترة تحدث عن المعركة بأكثر من سطور قليلة.
أغرب ما وجدت في العودة الى الماضي أن أنصار اسرائيل يحاولون الخروج بشيء إيجابي عن دولة الجريمة والارهاب في زمان شهد لاساميّة هائلة ضد اليهود فالعرب حموهم في الأندلس، والاسبان قتلوهم أو شردوهم.
حتى الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين ربطه الارهابيون باعتراف بريطانيا بحق ألمان «سودنتن» في تقرير المصير سنة 1938. بل قرأت عظة لحاخام عنوانها 5775، ولم يُشِر الرقم الى قتلى وإنما الى السنة العبرية. هي خرافة أخرى فلا وجود لهم في بلادنا، وقد انكشفوا أمام العالم كله دولة جريمة وإرهاب منبوذة معزولة... إلا في الكونغرس الأميركي طبعاً.