جهاد الخازن
بلغة عامية يفهمها الجميع: عايز أعرف ايه دخل الادارة الأميركية في السياسة الداخلية المصرية؟ مين أعطاهم حق يقولوا عايزين كده والا كده والا كده؟
أستطيع أن أقول: يلعن المنيح (الكوَيِّس) فيهم، فلا أشتم أحداً لأن لا أحد فيهم له صفة جيد أو طيب ويريد الخير لنا.
الرئيس باراك أوباما قال تعليقاً على تدخل القوات المسلحة المصرية لإنهاء أزمة الحكم أن الشعب المصري وحده يقرر مستقبل بلاده. إلا أنه أكمل فوراً «اننا قلقون ازاء قرار القوات المسلحة المصرية عزل الرئيس مرسي وتعليق الدستور». هل رأى الرئيس القلِق ملايين المصريين في ميدان التحرير والمحافظات يتبادلون التهاني عشية القرار التاريخي؟
ماذا يُقلق الادارة الأميركية الآن ولم يقلقها عندما كان نظام الجماعة ينتقل من فشل الى فشل أكبر منه ويضع غالبية من الشعب المصري على حافة الجوع؟
الجواب نجده في التصريح نفسه فالرئيس قال إنه وجّه الوكالات الحكومية المختصّة أن تراجع إنعكاسات القرار العسكري المصري.
ما يقول الرئيس هو إن الولايات المتحدة تقدم الى مصر مساعدات عسكرية وإقتصادية سنوية. ما لا يقول هو إن هذه المساعدات لاسرائيل وليست لمصر، والشرط الوحيد، الأول والأخير، هو أن تبقى مصر في معاهدة السلام مع اسرائيل وهذه يسكنها ستة ملايين محتل وتتلقى مباشرة ضعفَي المساعدة لمصر التي يزيد عدد سكانها 15 ضعفاً على سكان اسرائيل.
يوماً بعد يوم هناك بيان أميركي يقول ما تريد الادارة الأميركية أن يحدث في ليبيا أو سورية أو العراق وكل بلد عربي.
أسأل بالفصحى هذه المرة: هل هناك تفويض عربي يعطي الادارة الأميركية، أي إدارة، حق إدارة شؤوننا؟ الولايات المتحدة لم تكن بلداً مستعمِراً في أراضينا ولم يكن بيننا وبينها أي خلاف، بل شكرنا لها موقفها من مصر خلال عدوان 1956، والمساعدات عبر «النقطة الرابعة» للدول العربية الحديثة الاستقلال.
ثم جاءت سيطرة عصابة اسرائيل على السياسة الخارجية الاميركية وأصبحت الادارات الاميركية المتتالية شريكة في الاحتلال والقتل والتدمير، وهي تزوّد اسرائيل بالسلاح والمال وتحميها بفيتو في مجلس الأمن.
باراك أوباما الحقيقي هو صاحب الخطاب في جامعة القاهرة سنة 2009، إلا أن الرئيس اوباما أسير الكونغرس، خصوصاً مجلس النواب الذي أشتراه لوبي اسرائيل ووضعه في جيبه، وهو لا يحاول إتخاذ قرار معتدل ازاء بلادنا حتى تعطله عصابة الشر من محافظين جدد زوّروا الأدلة لحروب على العرب والمسلمين ولا يزالون يسعون لحروب أخرى. فبعد ليبيا التي تركوها مباحة للإرهاب، وبعد العراق قبل ذلك الذي سلّموه لحلفاء ايران، هناك سورية وإمكان تدمير ما بقي منها، وربما ايران، وهذا مع إستمرار القتل في أفغانستان، وأحياناً باكستان.
هذه أميركا المحافظين الجدد واللوبي، وإذا كان رئيس عنـده كل النـوايا الحـسـنة مثـل باراك اوباما لا يستطيع أن يفعل شيئاً، فإننا لا نتوقع اداء أفضل من أي رئـيـس سـيأتي بعده، فكـلهم على شـاكلة لـيندون جونسـون وعـشيـقته ماتيلدا كْرِيم.
لاحظت أن الإستياء من السياسة الأميركية إنعكس في ميدان مصر على السفيرة السيدة آن باترسون، والمعارضة تتهمها بدعم النظام، وأنصار النظام يتهمونها باتصالات سرية مع المعارضة. التهم المتناقضة دليل براءتها من «التآمر» المزعوم، وأراها ديبلوماسية محترفة تعمل لمصلحة بلدها.
ربما يأتي يوم نعمل فيه جميعاً لمصلحة بلادنا، وبما يغنينا عن الحاجة الى مساعدات مشروطة لا خير فيها.