جهاد الخازن
قرأت مرة قول طالب صحافة، ربما كان بريطانياً، إنه فكر في قسم من المهنة يختص فيه ويركز عليه لينجح، وهو وجد السياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية معقدة وصعبة، وفكر أن يصبح رسام كاريكاتور فهذا لا يتطلب أكثر من فكرة واحدة في اليوم، ثم اختار الصحافة الرياضية لأنها لا تحتاج الى أي فكرة في يوم أو سنة.
الرياضة شيء جميل، وهي أجمل عندما يتابعها الانسان العادي، بدل أن يمارسها، فمقابل كل رونالدو وميسي هناك مليون لاعب فاشل إعتقدَ أنه سيجعل الناس تنسى أبطال كرة القدم قبله.
أتكلم عن معرفة فعندما أصبح معي فلوس حضرت الألعاب الاولمبية في المانيا سنة 1972 وكأس العالم في كرة القدم، أيضاً في ميونيخ بعد ذلك بسنتين. وذهبت الى المكسيك لحضور الألعاب الاولمبية سنة 1968، وأنا طالب، وكما حضرت مباريات في كرة القدم من لبنان الى اوروبا والخليج.
في لبنان كان المتفرجون ينقسمون الى قسمين، وقبل بدء المباراة تسمع نصفهم يشتم شتيمة قبيحة، ويرد النصف الثاني «يا حَكَم»، أي أن المقصود بالشتم الحَكَم الذي لم يصفّر لبدء المباراة بعد. أذكر من حكام تلك الأيام سبع فلاح وسركسيس دمرجيان، وكانا محترفين ومن مستوى عالمي.
لماذا أكتب عن هذا الموضوع اليوم؟ هناك أسباب عدة ففي الولايات المتحدة قامت ضجة لم تهدأ بعد حول دونالد ستيرلنغ مالك فريق كرة السلة لوس انجليس كليبرز بعد أن سُرِّبَ شريط تحدث فيه مع عشيقته فينيسا ستيفيانو وتضمن كلاماً عنصرياً كريهاً ضد الاميركيين السود، وبينهم أفضل لاعبي كرة السلة. هو مُنِعَ من أي علاقة مع كرة السلة الاميركية مدى الحياة، أي أنه حكم مؤبد. لن أدخل في تفاصيل حميمة عن الموضوع وما أثير عن قضية رفعتها زوجة ستيرلنغ على عشيقته بتهمة أنها تريد سرقة زوجها الثري، وإنما أبقى مع الرياضة.
قبل أشهر ثارت في فرنسا ضجة هائلة بعد أن رسم الكوميدي مبالا مبالا إشارة اسمها «ديودون» على صدره قيل إنها تحية «نازية» مقلوبة. وعندما قلده اللاعب الأسود مثله نيكولاس انيلكا في بريطانيا، بعد تسجيل هدفٍ، عوقب. الكوميدي حُرِمَ من تأدية برنامجه الكوميدي على المسارح، وانيلكا، وهو بالمناسبة فرنسي أيضاً، حُرِمَ من اللعب مباريات عدة، وأتّهِم الاثنين بالجهل قبل اللاساميّة، وأزيد أن التركيز على أمثال هؤلاء يعطيهم شهرة وانتشاراً ويضاعف عدد مؤيديهم، وهذا حتماً ما حدث مع الكوميدي الفرنسي الذي لم يكن سمع به أحد خارج محيطه الضيّق في فرنسا قبل أن يُتَّهَم بتلك التحية النازية المزعومة.
قلت إن عندي أسباباً عدة للكتابة عن هذا الموضوع اليوم، فأختتم بأهمها وهو قراءتي تحقيقاً في «واشنطن بوست» عنوانه: قابلوا أسوأ مالك فريق رياضي في العالم. وفي الداخل يقول عنوان آخر: هو للأسف ليس دونالد ستيرلنغ.
التحقيق يتحدث عن جورج بيكالي الذي يملك فريق كرة القدم ستوا بوخارست، وهو بليونير فريقه الأشهر في رومانيا، والرجل ينفذ عقوبة في السجن وسجله الشخصي حافل، من عنصرية الى صفقات مشبوهة الى دور سياسي اوروبي ومحلي.
قرأت وقرأت حتى وصلت الى ما توقعت فالتحقيق يهاجمه بتهمة اللاساميّة وتخوفه من تسلل اليهود الى السياسة الرومانية. الرجل قد يكون بليونيراً إلا أنه أحمق جاهل ولا تبرير لتطرفه سوى القول إن هذا متوقع في دنيا الرياضة حيث يفكر الناس بأقدامهم.