جهاد الخازن
يأمل قادة الحزب الجمهوري بأن يدمر المتنافسان على الرئاسة الأميركية دونالد ترامب وتد كروز أحدهما الآخر لتسهيل صعود ماركو روبيو سلم المنافسة، ولإنقاذ الحزب من هزيمة منكرة في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
الآمال لم تتحقق في ايوا، فقد نال كروز 28 في المئة من أصوات أعضاء الحزب مقابل 24 في المئة لترامب، و23 في المئة لروبيو. استطلاعات الرأي العام لم تتوقع هذه النتيجة، وأخشى أن نقضي أياماً و»الخبراء» يدرسون أين وقع الخطأ، كما حدث مع الانتخابات البرلمانية في بريطانيا، فقد كانت في 7 أيار (مايو) الماضي، وحتى اليوم لا أزال أقرأ «تحليلات» لخطأ الاستطلاعات في توقع فوز المحافظين بغالبية برلمانية.
بالنسبة الى الديمقراطيين كانت النتيجة متوقعَة فقد اقتُسمت الأصوات مناصفة، ونالت هيلاري كلينتون 49.9 في المئة ونال بيرني ساندرز 49.5 في المئة، ويبدو أن مرشح الحزب لن يُعرَف قبل عدد من جولات الانتخابات التمهيدية المقبلة، وأقربها في ولاية نيو هامبشير في الثامن من هذا الشهر.
جريدة «نيويورك تايمز» النافذة أيّدت في افتتاحية هيلاري كلينتون للرئاسة، ورأت أن سجلها مشجع كسيدة أولى الى جانب زوجها بيل كلينتون، وعضو مجلس شيوخ عن ولاية كبرى هي نيويورك، ثم وزيرة خارجية في ولاية باراك أوباما الأولى. ورأت الافتتاحية أن ساندرز الذي يقدم نفسه على أنه ديموقراطي اشتراكي لا يملك خبرة عملية للحكم.
إذا كان هذا هو المقياس فنحن نستطيع القول إن المنافسة بين ترامب وكروز هي بين اثنين من المتطرفين، الأول أحمق والثاني خبيث، وكلاهما خطر على مصالح الولايات المتحدة والعالم كله. وهذا ليس مجرد رأي، وإنما هو قناعتي بعد أن رصدتُ تصريحات الرجلين، ووجدتها تجمع بين التطرف والجهل، وهما مزيج قاتل.
ترامب رجل أعمال بلا خبرة سياسية ولا رغبة في تعلم السياسة، وإنما يعتمد على الغاضبين من الناخبين، وأكثرهم جهلة. هو يريد طرد المهاجرين المكسيكيين وبناء سور بين بلاده وبلادهم تدفع ثمنه المكسيك، ومنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ومراقبة المساجد. هو يكره النساء، وله مواقف مسجلة، ويدّعي أنه مسيحي ملتزم ولكن عندما سُئل عن نصّ يفضله في الكتاب المقدس لم يستطع أن يقدم مثلاً واحداً.
في المقابل تد كروز له سجل سيّء جداً في مجلس الشيوخ بعد ثلاث سنوات من وجوده فيه، فقد اختلف مع أعضاء كثيرين، وسعى الى إغلاق عمل الحكومة، وله اقتراحات اقتصادية تؤذي مصالح الطبقة المتوسطة، ثم هو قال يوماً إنه إذا انتُخِبَ رئيساً فسيشن غارات شاملة مدمرة على سورية.
إذا كانت ولاية ايوا مؤشراً إلى المستقبل فقد وقع ترامب في شر أعماله. هو اليوم جمهوري، إلا أنه ترك الحزب الجمهوري عام 1999 وأصبح مستقلاً، ثم ديموقراطياً عام 2001، وعاد الى الحزب الجمهوري عام 2011. ترامب عضو في حزب ترامب فقط.
لن أجزم اليوم برأي في حظوظ المتنافسين على الرئاسة، وإنما أجد أن الانتخابات التمهيدية في نيوهامبشير بعد أيام قد تكون مؤشراً أفضل إلى حظوظ المتنافسين من الحزبين. ما أجزم به هو أن الفائز سيؤيد إسرائيل على حسابنا.