جهاد الخازن
الكل يريد حلاً في سورية يقضي على الإرهاب، وهو حل أريده كمواطن عربي يعتبر سورية بلده، إلا أن كثرة الطباخين تحرق الطبخة، كما يقول مَثل شعبي، أو لعلها «طبخة بحص»، بمعنى حصى، كما يقول مَثل آخر.
مؤتمرات فيينا لم تؤدِ إلى شيء ملموس مفيد، والآن قررت جهات الحل والربط نقل المؤتمر المقبل إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وهناك جلسة مقررة في 16 من هذا الشهر.
المملكة العربية السعودية تحاول بدورها وهناك مؤتمر في الرياض في 8-10 من هذا الشهر، إلا أنني أقرأ أن المعارضة الوطنية تعصف بها خلافات على أسماء المشاركين، وهناك فيتو بعد فيتو على أسماء أفراد ومنظمات. مع ذلك أرجو أن تسفر الجهود السعودية عن اتفاق بين المعارضين ليمثلهم في المؤتمر شخصيات تتحدث باسم السوريين جميعاً خارج أنصار النظام والإرهاب، وأن تتفق على وثيقة مشتركة.
كان يُفتَرَض أن تسبق اجتماعات الرياض استشارات أمنية في الأردن، والأمن الأردني مشهور بقدرته، إلا أنني أجد أن البحث سيدور على ثلاث قوائم، واحدة للمنظمات الإرهابية، وثانية للمنظمات الوطنية، وثالثة لمنظمات لم أفهم صفتها، فهي من جنس «لا أنثى ولا ذكر» أو «شَكـَر» باللهجة العاميّة.
في غضون ذلك مؤشر الإرهاب العالمي سجل أن الهجمات الإرهابية حول العالم زادت زيادة هائلة في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، أي منذ بدء الحرب الأميركية على الإرهاب، وشهدت السنة الماضية رقماً قياسياً في الهجمات الإرهابية، وربما سجلت هذه السنة رقماً جديداً، وقد زاد عدد قتلى الإرهاب تسع مرات منذ سنة ألفين، أي منذ بدء محاربته.
هذا يجعلني أراجع تصويت البرلمان البريطاني مؤيداً دخول بريطانيا الحرب في سورية بغالبية 174 صوتاً. رئيس الوزراء ديفيد كامرون قال إن هدف الغارات سيكون حماية بلاده من الهجمات الإرهابية. أقول إن الغارات قد تشجع الإرهابيين على استهداف بريطانيا، كما فعلوا في 7/7/2005. ثم أن كامرون تحدث عن 70 ألف معارض معتدل يقاتلون في سورية. أين هم؟ هو أيضاً تحدث عن 25 ألف مقاتل آخر قالهم عنهم «ليسوا حلفاءنا ولن يكونوا». أسأل مرة ثانية: أين هم؟
هل أكمل بليبيا؟ كان لبريطانيا دور في إسقاط معمر القذافي وخلفته منظمات إرهابية أسوأ منه إذا كان هذا ممكناً. والآن أصبحت سرت، مسقط رأس القذافي، عاصمة داعش في ليبيا وأقرأ أن فيها ثلاثة آلاف مسلح أجنبي... يعني «إرهابي». هناك إرهاب فالت من كل عقال في كل جزء من ليبيا، وقد قتِل ألوف الليبيين الأبرياء منذ 2011 والقتل لا يزال مستمراً.
اليوم تخوض الولايات المتحدة وروسيا حرباً غير مباشرة في سورية عن طريق حلفاء أو عملاء. السوريون يدفعون الثمن كل يوم، وروسيا لها قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة حميميم في اللاذقية ومطار الشعيرات وتبني قاعدة جنوب حمص. في الولايات المتحدة هناك 27 ولاية أعلنت أنها لا تريد مهاجرين سوريين فكأنها تفضل أن يموتوا في بلادهم. غير أن مؤسسة غالوب أجرت استطلاعاً أظهر أن ستة في المئة فقط من السوريين يريد أن يهاجر إلى الولايات المتحدة وكندا، مقابل 39 في المئة يفضلون الهجرة إلى أوروبا، و35 في المئة اختاروا الدول العربية.
أميركا تؤيد إسرائيل ولا أحد منا، والسوريون لا يريدونها، فلعلهم تحدثوا باسم العرب جميعاً. (غداً داعش).