جهاد الخازن
كتبت غير مرة عن حملات في الميديا الغربية على المملكة العربية السعودية، أو دول مجلس التعاون الأخرى، وموضوعي اليوم مصر والبحرين، فهما مستهدفتان يومياً من مصادر بعضها ليكودي وبعضها الآخر جاهل.
كنت أريد أن يكون تعليقي على اجتماع البرلمان المصري بعد انقطاع ثلاث سنوات أو نحوها، إلا أن أخباراً أخرى جعلتني أهتم بالأهم بدل المهم، كما كان يقول مُنَح الصلح. جماعة حقوق الإنسان الأميركية تعطي نفسها حق أن تقرر ما ينفع أهل مصر، وأمامي تقرير منها في 17 صفحة يأمر البرلمان الجديد بتعديل «القوانين التعسفية».
هناك افتتاحية في «نيويورك تايمز» قبل يومين عنوانها «رئيس مصر ينقل القمع إلى فايسبوك». قلت مرة بعد مرة أن بعض كاتب هذه الافتتاحية ليكودي حقير، وأكرر ذلك اليوم.
الافتتاحية تقول أن 26 مليون مصري، أو ثلث المصريين، يستعملون فايسبوك، وأن الحكومة المصرية أوقفت خدمة مجانية لدخول الإنترنت، وتضيف «يبدو أن النظام قلِق من احتمال ثورة شعبية أخرى ذات علاقة بالذكرى الخامسة (للثورة الشعبية) لذلك أغلق خدمة فايسبوك واعتقل ناشطين».
النظام المصري قوي وصامد وأوقف خدمةً لا فايسبوك. أنا صحافي منذ أيام الجامعة، وقضيت السنوات الأربعين الأخيرة في الغرب، وأريد حرية صحافية مطلقة ضمن نطاق القانون في كل بلد عربي خصوصاً مصر، أكبر الدول العربية.
هذه الرغبة تصطدم اليوم بالإرهاب، وقتل جنود أو غيرهم في سيناء أو حيث يستطيع الإرهابيون الوصول إليهم كما حدث في الغردقة قبل أيام. إطلاق الحريات المدنية يعني أن يستخدم الإرهابيون الميديا، بما فيها الإنترنت، للترويج لإرهابهم وتبريره، وهم سيخدعون الفقراء بوعود في الجنة، كما فعلوا في كل بلد، ما يسرّ كتّاب افتتاحية جريدة أميركية.
عندما يُقضى على الإرهاب في مصر سأكون المطالِب الأول بإطلاق الحريات المدنية كافة، والمعارِض الأول إذا لم يحدث هذا.
البحرين في وضع إعلامي أسوأ من مصر، فجماعات الحقوق المدنية من نوع منظمة العفو الدولية وجماعة مراقبة حقوق الإنسان لا عمل لها سوى مهاجمة كل قرار للبحرين والدفاع عن معارضين بعضهم عملاء معلنون لإيران. متى أصبح كل من علي سلمان أو عيسى قاسم مواطناً بحرينياً؟ أعتقد أن هذا أو ذاك كسب الجنسية البحرينية في ثمانينات القرن الماضي بعد قدومه من قم.
جماعة مراقبة حقوق الإنسان تضم ناشطين لا أشك في حسن نياتهم، وإنما أشك في مدى معرفتهم ما يجري، فهم أخذوا جانب المعارضة «على عَماها»، وإلى درجة إدانة ترشيح الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة نفسه لرئاسة فيفا. هو لن يفوز، وأهم من ذلك أنه رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أي أن آسيا كلها قبلته، ثم تأتي منظمة مقرها نيويورك لتعارضه بحجة أنه لم يدافع عن لاعبي كرة سُجِنوا في البحرين.
وكان الملك حمد بن عيسى عفا عن المعارض البحريني نبيل رجب في الصيف، ثم مُنِع رجب من السفر ووجدت جماعة حقوق الإنسان النيويوركية سبباً آخر لمهاجمة حكومة البحرين. المعارضة حق، لكن الولاء للأجنبي خيانة، وهذا ما تمارس جماعة الوفاق فأُدين قيادتها وكل مَنْ يدافع عنها.
بالمناسبة، نبيل رجب أرسل رسالة إلى الرئيس باراك أوباما وهو في السجن يتباكى فيها على سجناء، ويتزلّف ويحرِّض الرئيس الأميركي على التدخل في البحرين والسعودية ودول الخليج الأخرى واليمن (ونسي مصر).
الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل على حساب كل دولة عربية، وأرفض إطلاقاً أن تتدخل في شؤوننا فالطلب خيانة، يدين مَنْ يقف وراءه.