جهاد الخازن
حكومة النازيين الجدد في إسرائيل لا تمثل كل الإسرائيليين، وحتماً لا تمثل كل اليهود. هناك جماعات سلام يهودية في إسرائيل وحول العالم، وهناك أحزاب وسطية ويسارية في إسرائيل يمكن عقد سلام معها.
لا أرى أن صعود اليمين الإسرائيلي سيستمر، إنما أجد أنه سينتهي بكارثة تأخذ شكل حرب محلية أو إقليمية، فيستفيق الإسرائيليون على أنفسهم ويدركون أي خطأ ارتكبوا باختيار أحزاب تطرّف واحتلال وقتل وتدمير، وتُستأنف عملية سلام حقيقية. أقول الآن إن السلام كان في متناول اليد سنة 1995، إلا أن اليمين الإسرائيلي اغتال اسحق رابين ليخلفه مجرمو حرب من نوع بنيامين نتانياهو وآرييل شارون.
أقول عن نفسي فقط إن جميع جرائم حكومة نتانياهو لا تجعلني أتمنى حرباً، أو أطلب موت أحد، سواء كان إسرائيلياً أو فلسطينياً. وأكتب اليوم لمجرد الاعتراف بجهود أفراد وجماعات تريد السلام، ولا يجوز إنكارها لمجرد الغضب على دعاة الحرب.
في الولايات المتحدة أتابع نشاط جماعة «أصوات يهودية من أجل السلام» التي بلغ من إنصافها أنها تنشط لإطلاق النشطين الفلسطينيين (والإسرائيليين) من سجون إسرائيل، وتؤيد حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات على الشركات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ولعل أفضل شهادة في هذه الجماعة أن لوبي إسرائيل (إيباك) وميديا ليكود أميركا والمتطرفين من كل نوع، يهاجمونها بحدّة وشدّة وانتظام.
هناك جماعات سلام وأفراد داخل إسرائيل، وأسجل مرّة أخرى اسمَي نوريت بيليد، الأستاذة الجامعية ابنة الجنرال ماتي بيليد، وشقيقها ميكو فهما بين أنشط العاملين للسلام، والمدافعين عن حقوق الفلسطينيين.
في إسرائيل أيضاً جماعة «كسر جدار الصمت»، وتتألف من مجندين ومجندات سابقين رأوا ما ترتكب قوات الاحتلال وسجلوا شهادات شخصية عمّا خبروا بأنفسهم، وما لا تستطيع حكومة إنكاره. وقرأت:
- لم يكن مسلحاً ولكن قائد المجموعة أمرني بضربه بالرصاص وقتله.
- في حديـــث مع قائد كتيبتي عن تدمير بيت ليس موضع أي شبهة في قطاع غزة، قال القائد وهو يتأرجح بين الابتسام والحزن: يمكن أن تزيد هذا على قائمة جرائم الحرب التي ارتكبتها.
- إذا أزعج فلسطيني جندياً إسرائيلياً يرمونه في زنزانة صغيرة اسمها «جورا»، أو «جورة» باللهجة الفلسطينية، ومعناها حفرة.
موضوع الجماعات الإسرائيلية واليهودية التي تعمل للسلام لا يختزل في عجالة صحافية، إنما يستحق أن يجمع في كتاب موثق يحفظ للمستقبل عندما يسود سلام حقيقي الأراضي الفلسطينية.
في غضون ذلك أحيّي مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورجتاون حيث درست يوماً، فقد بدأ هذا الشهر مع صندوق فلسطين سلسلة أفلام الصيف.
السلسلة بدأت بالفيلم «لمّا شفتك» في 6/ 6، وهو فاز بجوائز كثيرة ويحكي قصة النازحين ومعاناتهم بعد حرب 1967. وتبعه برنامج في 16/ 6 عنوانه «السرقة الكبرى للكتب» عن 70 ألف كتاب فلسطيني سرقت بعد الاحتلال سنة 1948، وهناك ستة الآف منها في المكتبة الوطنية الإسرائيلية. في 18/ 6 عرض الفيلم «وادي الدموع» عن طفلة فلسطينية لاجئة في مخيم في لبنان. وفي 20/ 6 كان هناك «الحرب حولنا» الذي يحكي حرب إسرائيل على قطاع غزة في 2008 - 2009. والفيلم الأخير هو «من الأفضل أن تقفز» في 26/ 6 عن عكّا التي سكنها مسلمون ومسيحيون ويهود وبهائيون، والآن يحاول اليمين الإسرائيلي جعلها يهودية فقط.
لا أملك سوى أن أسجل وأشكر، وقد سجلت فأشكر طلاب السلام اليهود، كما أشكر كلّ من شارك في سلسلة أفلام الصيف في جورجتاون.