حلب الحبيبة تموت

(حلب الحبيبة تموت)

(حلب الحبيبة تموت)

 العرب اليوم -

حلب الحبيبة تموت

بقلم : جهاد الخازن

عدد القتلى في سورية منذ 2011 يزيد على القتلى في هيروشيما وناغازاكي مجتمعتَيْن بعد إلقاء الأميركيين قنبلة ذرية على الأولى في 6/8/1945 وعلى الثانية بعد ثلاثة أيام. الضحايا في سورية تجاوز عددهم 400 ألف وربما 450 ألفاً، مقابل حوالى 200 ألف في المدينتَيْن اليابانيتَيْن، مع أن عدداً أكبر توفي في الأيام والأسابيع اللاحقة من التلوث النووي.

قبل حلب، وفي أيام يذكرها القارئ جيداً، قُتِلَ أكثر من 20 ألفاً في حماة سنة 1982، وقُتِلَ آلاف في حمص منذ 2011 ولا يزال القتل مستمراً.

عرفت حلب صغيراً كبيراً، وأذكر من أيام المراهقة أن سندويش الفلافل في حلب يزيدون عليه اللبن وليس الطحينة (طراطور)، وأذكر من السنوات الأخيرة أن الرئيس بشّار الأسد استُقبِلَ بحفاوة في المدينة خلال احتفال دعيتُ إليه بألفية مار مارون، وهو ضيَّع شعبيته في أقل من أسبوع بعد أحداث درعا.

مرشح أميركي للرئاسة سأل: ما هو حلب؟ أنا أقول له.

قرأت عن حلب أنها مدينة عظيمة مسوَّرة ونهر قويق يجري على بابها، وفي جانبها قلعة منيعة، ولها سبعة أبواب منها باب الجنان وباب أربعين وباب أنطاكية وباب الفراديس. وأسواق حلب مسقفة، وفيها جماعة من النصارى (نسطوريين) ويهود.

قال بعضهم حلب قدرها خطير وذكرها في كل زمن يطير. في القلعة ماء نابع فيها لا يُخاف معه الظمأ، والطعام يصبر فيها الدهر كله، وعليها سوران وراءهما خندق لا يكاد البصر يبلغ مدى عمقه، والبلد حفيل الترتيب بديع الحسن واسع الأسواق، وجامعها من أحسن الجوامع وأجملها، وفي صحنه بئران معينتان، وقد استفرعت الصنعة جهدها في منبره، واتصلت الصنعة الخشبية إلى المحراب فتخللت صفحاته كلها حسناً على تلك الصفة الغريبة، وكل ذلك مرصع بالعاج والأبنوس، وحسن هذا الجامع أكثر من أن يوصف، ويتصل به من الجانب الغربي مدرسة تناسب الجامع حسناً وإتقان صنعة، وجوارها الشرقي مفتح كله بيوتاً وغرفاً فوقها ولها طبقان يتصلان بعضها ببعض. وفي المدينة سوى هذه المدرسة أربع مدارس، أو خمس، وبها مارستان، وإن لها ربضاً كبيراً من الحمامات ما لا يحصى عدّه.

وكان بحلب سنة ست وثلاثين وأربعمئة وقيعة كبيرة على أرمانوس الرومي. وأمير حلب يومئذ شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس الكلابي، وأسر في الواقعة سبعة آلاف وخمسمئة من كبارهم وبطارقهم، وكثرت الغنائم والسبي بأيدي المسلمين حتى بيع الفرس من الروم بسرجه ولجامه بمثقالين...

أتوقف هنا لأقول إن ما سبق نقلته باختصار عن «الروض المعطار في خبر الأقطار» لمحمد بن عبدالرحمن الحميري، وتحقيق أستاذي إحسان عباس.

اليوم حلب الشهباء شهيدة، خيار أهلها المجاعة أو الموت، وأستعيد ذكرياتي فيها وعنها وأقول ما قال العربي القديم: ليتني متُّ قبل هذا.

مَنْ لي مِن حلب؟ صديقي رجل الأعمال عادل وزوجته الجميلة جويل، وهو يقضي وقته بين لبنان والخليج. صديقتي الشابة ديما تحمل دكتوراه في الفيزياء النووية من الولايات المتحدة وتعمل في كاليفورنيا، وأنا في لندن أبكي على الأطلال.

كانت حلب تذكرني بسيف الدولة، بالمتنبي، بأبي العلاء المعري، وهي الآن تذكرني بهيروشيما وناغازاكي، وبقنبلة نووية فُجِّرَت في كل منهما. كيف هبطت سورية إلى هذا الدرك؟ عندي ألف سؤال ولا جواب مقنعاً واحداً.

الشاعر الأندلسي ابن خروف القرطبي ورد حلب واستوطنها وقال فيها: حَلَبت الدهر أشطره / وفي حلبٍ صفا حلبي. أقول: كان زمان، والماضي لن يعود.

arabstoday

GMT 13:22 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 19:47 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 13:51 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 21:58 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلب الحبيبة تموت حلب الحبيبة تموت



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab