بقلم : جهاد الخازن
رجل وُلِدَ في نيويورك لأبوين مهاجرين من أفغانستان قتل 49 شخصاً وأصاب 53 بجروح في نادٍ في أورلاندو، بولاية فلوريدا، وانقسم الأميركيون فوراً بين أنصار الشاذين، أو أحاديي الجنس من رواد النادي، وبين معارضيهم، وبين أنصار حمل السلاح وبين معارضي حمله، مع حملة بذيئة على الإسلام والمسلمين.
عمر متين كان يحمل مسدساً وبندقية أوتوماتيكية من نوع استُخدِم في جرائم مماثلة، في أورورا بولاية كولورادو حيت قُتِل 12 شخصاً سنة 2012، وفي مدرسة في نيوتن، بولاية كنتكت، حيث قُتِل 20 صغيراً وستة بالغين أيضاً سنة 2012، وفي سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا، حيث قُتِل 14 شخصاً في آخر شهر من السنة الماضية.
الرئيس باراك أوباما وصف الجريمة، وهي الأفظع من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، بأنها عمل إرهابي، عمل كره. غير أن الخلاف بين الأميركيين استمر، فالمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب قال إنه إذا أغفل الرئيس أوباما قول «الإرهاب الإسلامي الرديكالي» يجب عليه الاستقالة خزياً، وطالب بمراقبة المساجد ومنع المسلمين (المتطرفين) من الدخول. في المقابل، منافسته عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون أبدت الحزن على الضحايا والتعاطف مع أهلهم، وأشارت إلى الإرهاب وحقوق مثليي الجنس وحمل السلاح. وهي أيضاً طلبت وقف بيانات ودعايات الإرهابيين على الإنترنت، كما هاجمت ترامب لموقفه ضد المسلمين، وهاجمه أوباما أيضاً.
القاتل عمر متين عمِل حارساً ويتقن استعمال السلاح، وهو اشترى المسدس والبندقية بطريقة شرعية، بل حمل رخصة لحمل سلاح مخفي. والمجرم اتصل بالشرطة وهو يقتل الناس ليقول إنه يؤيد الدولة الإسلامية المزعومة. هي ليست إسلامية أو دولة، ولا دليل على اتصاله بها مباشرة، مع أن الشرطة كانت حققت معه مرتين ولم تجِدْ ما يدينه. ربما كان الأقرب إلى الصواب قول مطلقته سيتورا يوسفي إنه كان سريع الغضب، ويضربها لأتفه الأسباب. هي هربت منه بمساعدة أسرتها. القاتل له ابن من امرأة أخرى.
والد القاتل قال إن ابنه كان مهذباً لطيفاً، إلا أن أصدقاء له قالوا إنه تحوّل تدريجياً إلى التطرف، وكان عصبي المزاج. وقرأت أنه فقد أعصابه عندما رأى رجلين من الشاذين يتعانقان في الشارع، إلا أن هذا وحده لا يمكن أن يُعتبَر سبباً لقتل الناس. عمله إرهاب ومثله قتل إرهابي شرطياً وزوجته في شمال فرنسا. كله إرهاب.
بما أنني متخلف ومن العالم الثالث، أو العاشر، فأنني سأبدي رأياً مهذباً أجده متوازناً عن الموضوع. هناك شاذون في العالم أجمع، ولا أدين حتى لا أدان، فكل ما أقول إن أصحاب الميول الخارجة عن الطبيعة العامة للبشر يجب عليهم «الستر» فلا يعلنون مواقفهم من على السطوح. جريمة أورلاندو حصلت قبل أسبوعين فقط من احتفال الشاذين، أو المثليين، بمرور سنة على قرار المحكمة العليا الأميركية الذي أباح الشذوذ. مرة أخرى، لا أدين وإنما أقول إن الأديان السماوية كافة تمنع هذا العمل، ثم أزعم أن الموضوع يجابهني أو يجبهني، منذ 40 سنة، وهو تاريخ بدء إقامتي في لندن، ففي تلك الأيام، وفي شارع الصحافة «فليت ستريت» كانت تجري تظاهرات شبه يومية للشاذين مطالبين بحقوقهم، فالشارع قرب مستديرة الدويتش حيث توجد محاكم الملكة. هم حصلوا على «حقهم» في النهاية، إلا أنني لا أذكر أن هذا الحق شمل الإعلان عنه بمكبرات الصوت.
نحن تعلمنا «إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا»، وهو قول يصلح لكل زمان ومكان، وأعتقد لو أن المثليين يكتمون سرهم لما تعرضوا لقتل أو كره.
مرة أخرى، ليس هذا الموضوع شيئاً يرغب كاتب عربي أن يثيره، إلا أن الجريمة في الولايات المتحدة تجد مَنْ يتخذها عذراً ضد جميع المسلمين، وهذا لا يجوز إطلاقاً.