صدر أخيراً مؤشر السلام العالمي، والدول العشر الأولى هي على التوالي ايسلندا ثم الدنمارك والنمسا ونيوزيلندا والبرتغال وتشيخيا وسويسرا وكندا واليابان وسلوفينيا. هل لاحظ القارئ شيئاً؟ سبع من الدول العشر الأولى أوروبية ونيوزيلندا وكندا من أصول أوروبية، بريطانية وفرنسية.
القائمة تضم 163 دولة والعشر الأخيرة بدءاً بالرقم 154 هي ليبيا ثم السودان وأوكرانيا وجمهورية أفريقيا الوسطى واليمن والصومال وأفغانستان والعراق وجنوب السودان وسورية في المركز الأخير.
الأوروبيون احتلوا المراكز الأولى ونحن انتزعنا المراكز الأخيرة.
الإيسلندي بلاده باردة جداً، والغزاة سيموتون برداً، والنمسوي له ليالي الأنس التي غنتها أسمهان، والسويسري يأكل جبنة. نحن في المقابل نقتل بعضنا بعضاً. ليبيا أزاحت القذافي من دون أن تزيح كابوسه، والسودان قُسِّم في بلدين ولا يزال بائساً، واليمن كان سعيداً يوماً وهو الآن ساحة قتال أو قتل، والعراق هو بلاد ما بين النهرين التي أطلقت حضارة العالم وانتهى ساحة حرب أو حروب.
سورية من سيء إلى أسوأ. لو قال لي أحد سنة 2010 أو قبلها إنها ستكون أسوأ دولة في العالم لما صدقت. سورية سهول وأنهار، وبترول، وشعب يضم بعض أذكى رجال الأرض وبعض أجمل نسائها. سورية يا حبيبتي، خذلناك جميعاً.
ماذا عن الدول العربية الأخرى في المؤشر؟ قطر في المركز الرابع والثلاثين، الكويت 54، الإمارات العربية المتحدة 62، تونس 64، عُمان 74، المغرب 91، الأردن 96، الجزائر 108، المملكة العربية السعودية 129، البحرين 132، مصر 142، لبنان 146، فلسطين 148، ليبيا 154، السودان 155، اليمن 158، العراق 161، سورية 163.
بعض الأرقام هذه خاطئ في رأيي، فلا أفهم الموقع المتأخر للسعودية وقدراتها الاقتصادية هائلة، أو البحرين والإرهاب انحسر، أو مصر التي تجاوزت سنةَ الإخوان ومعظم مشاكل الإرهاب والاضطراب.
أفهم تأخر فلسطين، فأي بلد جاره إسرائيل يجب أن يخاف على حياة أولاده، وعلى مستقبله. أقول هذا ثم أؤيد وجود إسرائيل في المركز 144 فهي تستحق كل مصائب الدنيا لأنها مصيبة.
ليبيا والعراق أجد أن مشاكلهما من صنع أيديهما لا صنع الصهيونية أو الاستعمار. ثم هناك سورية وفيها إمكانات أن تعتبر جنّة الله على أرضه، إلا أن القتل مستمر، وأسمع عن جوع في أحد أخصب بقاع الدنيا، وهناك إرهاب يجب أن يُعامَل بسلاحه، فيستسلم الإرهابيون أو يُقتَلون.
ثم هناك لبنان الذي كان واحة العرب جميعاً أصبح وحلاً وطيناً وظلاماً في الظهيرة. لا أحتاج إلى أن أحكي لقارئ عربي عن جمال لبنان، عن كرَم أهله، عن تاريخه القريب والبعيد. الجميع يعرفه. كل ما أقول إن أسوأ ما في الوضع اللبناني السيء أن لا سبب منطقياً لتوقع خروجه من أزماته غداً أو بعد غد. لا أقول عن لبنان سوى: رحمتك يا رب.
المؤشر يضم جداول عن الاقتصاد، السلم الأهلي، التسلح، الظروف المعيشية، فرص العمل، توقعات المستقبل.
عندي مؤشرات كثيرة أخرى، ولا بد أن أعود إلى بعضها في المستقبل أما اليوم فأختتم بخبر أميركي تزامن مع الإرهاب في أورلاندو بولاية فلوريدا، فهو استهدف زبائن بار للشاذين، أو الأحاديي الجنس. الخبر يورِد أسماء عشر دول تقتل ممارسي الشذوذ وكلها دول عربية وإسلامية. لا تعليق عندي غير أن أتمنى أن نرى أياماً أفضل.