جهاد الخازن
لو عُقد مؤتمر جنيف-2 اليوم على أساس نتائج محادثات مجموعة أصدقاء سورية في لندن هذا الأسبوع لانتهى بفشل كامل يتبعه تصعيد في المواجهات العسكرية، وهذه عبارة تعني شيئاً واحداً هو قتل المدنيين السوريين الأبرياء.
كان يُفترض أن يؤدي اجتماع لندن إلى قيام جبهة موحدة ضد نظام بشار الأسد إلا أنه لم يفعل غير تركيز الأضواء على الخلافات الهائلة بين جماعات المعارضة السورية، وعدم اتفاق «الأصدقاء» على رأي يجمعهم.
الولايات المتحدة ضد التدخل العسكري في سورية، وخطوطها الحمر خرافة، أما بريطانيا وفرنسا فتؤيدان التدخل العسكري غير أن قدراتهما محدودة. ألمانيا وإيطاليا ضد التدخل العسكري وهدفهما تقديم مساعدات إنسانية، وتركيا أخذت جانب المعارضة الإسلامية وهدفها الأول الآن أن تبقى الحرب الأهلية السورية داخل حدود سورية، وهذا هو أيضاً هدف الأردن الذي ركز على مساعدة اللاجئين السوريين. المملكة العربية السعودية تؤيد المعارضة الوطنية، إلا أن هذه لا تؤيد نفسها وقد أصبحت «معارضات» خلاف بعضها مع بعض أعنف منه مع النظام، وقطر تؤيد جماعات إسلامية، بعضها متطرف حتى لا نقول إنه إرهابي. أما الإمارات العربية المتحدة فتخشى النفوذ الإيراني في سورية وخطر زيادته، وهو خطر حقيقي، إذا هُزِمت المعارضة في سورية. ثم هناك مصر وكانت تقود المجموعة العربية في زمن مضى، إلا أنها اليوم بحاجة إلى مَنْ يساعدها ضد إرهاب الإخوان المسلمين وحلفائهم، ودورها محدود جداً.
وضع المعارضة السورية أسوأ كثيراً من وضع «الأصدقاء»، فالمعارضة السياسية، من نوع الائتلاف الوطني والمجلس، لا تجتمع على رأي وهناك خلافات داخل التنظيم الواحد. أما الجيش الحر فلم يبقَ منه سوى اسمه بعد أن أعلن عدد كبير من الكتائب المقاتلة أنه لا يعترف بقيادته.
بعض هذه المجموعات مجرد اسم لا يمثل وجوداً على الأرض، وبعضها عصابات جريمة، ثم هناك جماعات أصولية متطرفة.
أسوأ من كل ما سبق، إن كان بالإمكان أن يوجد ما هو أسوأ، أن سورية أصبحت الآن ميدان نشاط جماعات إرهابية مجرمة، وكان البدء مع جماعة النصرة، والآن هناك إرهابيون من الدولة الإسلامية في العراق وسورية وغيرهم، وهم جميعاً القاعدة مهما اختلفت الأسماء، وأي نجاح لهم يعني أن تخرج سورية من نظام سيء إلى ما هو أسوأ منه بكثير.
ربما حدثت تطورات قبل 23 تشرين الثاني (نوفمبر) تجعل فرص نجاح جنيف-2 أفضل مما هي الآن. غير أنني شخصياً لست متفائلاً، فالرئيس السوري يتحدث عن احتمال أن يرشح نفسه لولاية جديدة السنة المقبلة، و «الأصدقاء» والمعارضة يصران على أن لا دور له في مستقبل سورية، وهو يقول إنه يريد أن يعرف من تمثل المعارضة قبل الذهاب إلى جنيف، والمعارضة تقول إنها ترفض الجلوس مع النظام في جنيف، يعني أنها ذاهبة لتفاوض نفسها. وهو موقف مفهوم بالنظر إلى خلافاتها الهائلة.
في غضون ذلك، تتحدث منظمة الصحة العالمية عن عودة شلل الأطفال إلى سورية بعد 14 سنة من تسجيل آخر إصابة به هناك، وعن أمراض جلد في حلب مع وجود ألوف أطنان القمامة في الشوارع. ماذا ستكون المصيبة القادمة؟ الطوفان؟ الكل خذل شعب سورية.