جهاد الخازن
الأزمة المالية التي أطلقتها إدارة بوش الابن ولفّت العالم كله تجاوزها الخليج، وجولتي فيه هذا الشهر تركتني واثقاً من أن عهد الرخاء عاد والمستقبل واعد، كما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة، في قصيدة عن الموضوع نشرتها الصحف المحلية.
وجدت الخليج كله مزدهراً، ويبقى لدبي فضل السبق، فهي إذا بنت مدينة إعلام تبعها هذا الجار أو ذاك، وإذا أسست شركة طيران عالمية قامت شركات مماثلة حولها، وكذلك إذا ابتكرت تسهيلات للاستثمار أو تجمعات صناعية، أو خدمات مصرفية جديدة، أو مناطق تجارة حرة.
وهكذا كان وحاولت في دبي أن أرصد ما فيها من جديد لأنني سأراه بعد ذلك عند الجيران. وشجعني على البحث أن جريدة «فاينانشال تايمز» المالية العالمية قالت في 14 من هذا الشهر إن حجم الصفقات يعكس تعافي اقتصاد دبي.
بعد مشروع الحكومة الذكية الذي قطع أشواطاً أطلق الشيخ محمد بن راشد الشهر الماضي مشروعاً مكملاً هو «المدينة الذكية» في دبي، وثمة ثلاثة مسارات رئيسية، الأول يعني بالخدمات الصحية والتعلمية وخدمات النقل والاتصالات والطاقة وغيرها، والثاني هدفه تحقيق «الاقتصاد الذكي»، والثالث «السياحة الذكية» لتوفير بيئة مريحة لزوار دبي.
الشهر الماضي أيضا افتُتِح مطار آل مكتوم الدولي قرب ميناء جبل علي. وهو إحدى المناطق المتخصصة الست ضمن مشروع «دبي ورلد سنترال» وتشمل، بالإضافة إلى المطار، مدينة دبي اللوجستية، والمدينة السكنية، والمدينة التجارية، ومدينة الغولف، ومدينة الطيران. المطار الجديد مساحته 140 كيلومتراً ونفقاته الإجمالية 32 بليون دولار.
وشهد الشهر الماضي إعلان مشروع قناة دبي المائية، ويتوقع انتهاء حفر المجرى المائي وتشييد الجسور اللازمة لحركة المرور سنة 2017 فتربط القناة منطقة الخليج التجاري بمياه الخليج العربي، ويهدف المشروع إلى اجتذاب حوالى 20 مليون زائر في السنة.
في مطلع هذا العام أطلقت مبادرة تحويل دبي إلى عاصمة الاقتصاد الإسلامي العالمي وكنت نسيت الموضوع لولا أن بريطانيا أعلنت هذا الشهر أنها تريد أن تصبح لندن عاصمة الاستثمار المالي الإسلامي. وطلبت في دبي معلومات عن الخطة الاستراتيجية للمشروع ووجدتها تضم سبعة توجهات أساسية و46 مبادرة سيكشف عنها تدريجياً في 36 شهراً بدءاً بالشهر الماضي، إلا أن التفاصيل كثيرة ولأهل الاختصاص ما تضيق عنه هذه الزاوية، وقد فازت دبي أخيراً باستضافة الدورة العاشرة للمنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي سنة 2014.
هناك أيضاً مدينة محمد بن راشد وهو مشروع أطلق قبل سنة ويضم قطاعات أربعة رئيسية هي السياحة العائلية والتسوق والأعمال والمعارض. ولا أنسى مشروع «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية» الذي بدأ في مطلع السنة الماضية، وهو من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة.
نشاط الشيخ محمد بن راشد لا يقتصر على دبي، وإنما هو للإمارات العربية المتحدة كلها والخليج والأمة، وقد تابعت علاقته الوثيقة بالشيخ زايد، رحمه الله، والشيخ خليفة بن زايد الآن.
أذكر يوماً في تسعينات القرن الماضي أخذني فيه الشيخ محمد بن راشد في سيارة «جيب» صغيرة ليريني معالم نهضة دبي، وبدأنا بمشروع «النخلة» والشيخ محمد يركز على بناء الإنسان لا الحجر، وانتهينا والمطار ورشة عمل هائلة. قلت للشيخ محمد مستغرباً: ماذا تحاولون إنجازه هنا؟ وهو قال لي إنهم يبنون مطاراً لاستيعاب 120 إلى 130 مليون راكب في السنة. قلت له إنني أقيم في لندن ومطار هيثرو أكبر مطار دولي في العالم وطاقته حوالى 60 مليون راكب في السنة فمن أين ستأتي دبي بضعفي ذلك. قال لي باسماً إن مشكلته معي أنني أحدثه دائماً عن اليوم الذي نحن فيه، وهو يحدثني عن 2020 وما بعدها. وقلت له: إذا عشنا.
عشنا لنرى الخليج يصنع المستقبل، ولدبي دائماً فضل السبق.