عيون وآذان شباب وشيّاب

عيون وآذان (شباب وشيّاب)

عيون وآذان (شباب وشيّاب)

 العرب اليوم -

عيون وآذان شباب وشيّاب

جهاد الخازن

  كنت أسمع صغيراً في لبنان المثل: حبْ وانحبْ لتبقى شبْ. لا أزال قادراً على تنفيذ الجزء الأول من المثل، ولكن كيف يجد الإنسان حسناء تحبه، وقد تجاوز شرخ الشباب؟ ربما فرصته الوحيدة أن تكون الحسناء قصيرة النظر جداً، أو «ميوبي» كما يقولون في فرنسا ولبنان. عندي من الشعر عن الشيب والشباب ما يفيض حجماً عن كتاب في مجلدات عدة، وأرجح أن كل قارئ سمع: تُعيّرني بالشيب وهو وقار/ ليتها عيرت بما هو عار. في المدرسة قرأ لنا الأستاذ نسيم نصر بيتاً من الشعر حفظته هو: رأين الغواني الشيب لاح بعارضي/ فأعرضن عني بالخدود النواضر. «رأين الغواني» من نوع «أكلوني البراغيث» وهذه دليل يستعمل على خطأ في اللغة، غير أن الأستاذ شرح لنا قاعدة نحوية تبرر مثل هذا الاستعمال نسيتها مع ما نسيت من أيام الدراسة. وأسجل للقارئ الذي دخل مرحلة الشيب بيتين لعلقمة بن عبدة: فإن تسألوني بالنساء فإنني/ خبير بأدواء النساء طبيب إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله/ فليس له في ودهنّ نصيبُ الشيب لا يعني العجز، وقد شاب صديق لي ونحن في المدرسة الثانوية، إلا أن الإنسان في النهاية يدخل مرحلة اليأس، ويصبح «شَكَرْ، لا أنثى ولا ذكر،» أو «خُنثى، لا ذكر ولا أنثى». المثل يقول «كشر عن نابك كل الناس بتهابك»، ولكن مشكلة المسن أنه فقد أسنانه وأنيابه والقوارض والقواطع، وإذا كشّر فقد تسقط وجبة أسنانه في حضنه لأنه لا يستطيع الوقوف. وفي النهاية تقول عنه «الندابة»: كان عنتر كان جعفر/ كان أبو زيد الهلالي كان حاتم كان غانم/ للمكارم والمعالي هي تتحدث عما كان، ولكن لا تقول كيف أصبح وقد حال به الحال. المتنبي كان حكيماً وهو قال بفصاحة: أتى الزمان بنوه في شيبته/ فسّرهم وأتيناه على الهرم. لماذا أكتب هذا الكلام اليوم وأنا والقارئ في ريعان الشباب والصبايا على الباب، ويهابنا السبع في الغاب؟ أكتبه لأنني عثرت بين أوراقي الخاصة على ورقة قديمة تآكلت أطرافها تضم شيئاً من التراث الشعبي لا أعرف مصدره، وأرجح أنه لبناني، عن الشباب والشيّاب، وجدته خفيف الظل بقدر ما هو في الصميم. ومقال اليوم كله يهدف إلى انتزاع بسمة من القارئ بجعله ينسى هموم السياسة العربية حوله. قرأت: عندما يكون العريس في عز الشباب، مثل فرخ العقاب، تغرد له العروس: أمل حياتي يا حب غالي/ ما ينتهيش/ يا أحلى غنوة/ سمعها قلبي ولا تتنسيش/ خد عمري كله/ بس النهاردة خليني اعيش... أما وقد زادت شيبته، وقلت هيبته، وفرغت جيبته، فهي تقول: الله يرحمك يا أمي. توقعت همّي وغمي، قالت لي إنك نقمة. بكلمات أخرى: عندما كان جسمه مثل الرمح، ووجهه مثل الصبح، كانت تقول له حبيبي، نور عيني، حياتي. أما وقد أصبح: شفّه غطا، وشفّه وطا، وصار ظهره مثل قوس الندامة، وأنفه مثل سندان السكافة، لا قدّْ ولا ودّْ، قفّة هم وتقل دم، صارت تردد ليسمع: اخاف واكشْ من ده الوش. حاولت أن أعرف صاحب الكلام السابق فلم أجده، ولعله تراكم تراثي، وما تجمع على مدى سنوات وعقود، وربما أفادنا قارئ بمصدره فنشكره. هذا القارئ، إن وجد، ذاكرته جيدة، وهو بالتالي لن يكون من سن الشاعر الذي قال: إن الثمانين، وبُلّغتها/ قد أحوجت سمعي إلى ترجمان. ترجمان وعصا يدبّ عليها.       

arabstoday

GMT 05:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 04:55 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 04:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رجال الأعمال والبحث العلمي

GMT 04:52 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 04:50 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 04:48 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 04:45 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 04:43 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان شباب وشيّاب عيون وآذان شباب وشيّاب



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab