عيون وآذان سورية حبيبتي

عيون وآذان (سورية حبيبتي)

عيون وآذان (سورية حبيبتي)

 العرب اليوم -

عيون وآذان سورية حبيبتي

جهاد الخازن

أكتب عن سورية، وإذا كان القارئ يعتقد أنني سأجترح حلولاً فهو يستطيع أن يتوقف عن القراءة الآن لأن ليس عندي لسورية غير البكاء على الوطن الحبيب الذي كان. سنقرأ يوماً تاريخ «سبي وطن»، ثلاثة ملايين لاجئ سوري خارج بلادهم، 6,8 مليون لاجئ في الداخل، 120 ألف قتيل بينهم 8600 طفل و7600 امرأة و 1680 فلسطينياً، مع 150 ألف جريح و250 ألف معتقل. هناك 1,1 مليون طفل خارج بلادهم من دون تعليم، أو رعاية صحية، وهناك 70 ألف أسرة من دون أب، وأكثر أرقامي من تقارير للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية. لا أصدق أن شعب سورية أصبح أرقاماً. نستيقظ في الصباح لنحصي الضحايا بين قتيل وجريح، ومشردة تُباع كالجواري. الرق في القرن الواحد والعشرين. الأخبار عما يعاني الأطفال السوريون والقاصرات في الخارج تُدمي القلب، عدنا إلى غياهب أفريقيا واستعمار القرن التاسع عشر. السوريون أصبحوا يهربون من موت إلى موت. قوارب المهربين تنقلهم من شواطئ مصر أو غيرها إلى مقربة من السواحل الإيطالية حيث يوضعون في قوارب من دون طعام أو شراب، أو حتى محرك، لا شيء إطلاقاً سوى هاتف محمول لإبلاغ حرس السواحل بوجودهم. إيطاليا لا تريد استضافتهم، وربما لا تريد تشجيع آخرين على اللحاق بهم إذا فعلت. وهم ممنوعون من السفر بصفة مقيمين غير شرعيين، ولا بلد أوروبياً آخر يستقبلهم. مقابل كل سوري أو سورية بدأ حياة جديدة ناجحة، هناك مئة أو ألف ينتهبهم الجوع والمرض والبرد والخوف. نسمع أن بلاد الله واسعة، ولكن يبدو لي أنها لا تتسع للسوريين. ابن الكرام من دمشق وحلب، من حمص وحماة والغوطتين، أصبح يتسول إقامة في بلاد الناس. لم يبقَ من عز الشرق الذي هو سورية سوى المنطقة الخضراء في جزء من دمشق (غرين زون) يشمل أحياء المالكي والمزة والمهاجرين (قاسيون) وكفرسوسة. حتى هذه لا تنجو من قذائف «هاون» بين يوم وآخر. كانت سورية جزءاً من حياتي. نمت في المسجد الأموي، سرت في سوق الحميدية والشارع المستقيم، طفت بأسوار دمشق القديمة، جلست في مقاهي قاسيون، شهدت افتتاح معرض دمشق، أكلت «فتّة مقادم» في مطاعم شعبية، ركبت «الأوتوماتريس» (قطار) من ميناء بيروت إلى حلب، زرت قلعة حلب ونوافير العاصي، صعدت إلى بلودان، سهرت في الغوطة وأمامي بردى. ماذا حدث؟ حتى مآسي الإغريق أقل ألماً وبؤساً. لا أتوقع شيئاً من جنيف-2 أو من جنيف-20، الكل تآمر على أهل سورية، النظام والمعارضة، أميركا وروسيا وتركيا وإيران. أراجع نفسي وأشعر بأنني خنت سورية مع الذين خانوها. رأيت حبيبتي تُذبَح ولم أفعل شيئاً. رحمك الله يا نزار قباني. كنت صغت المأساة شعراً نردده ونبكي. أنا لا أملك غير عبث الكتابة. كل أخبار سورية سيء، وإن كانت المأساة اليومية لا تكفي ففي سوئها أو أسوأ غياب الأمل. ليل بلا نهاية. إرهاب داخلي ومستورَد. استعمار جديد يناسبه أن يقتل العرب بعضهم بعضاً بدل أن يهددوا إسرائيل. لا تصدقوا أي كلام آخر. لا أمل بنهاية المأساة، ثم لا أمل بالقدرة على الخروج من نتائجها إذا انتهت بمعجزة بعد أن ولّى زمن المعجزات. مَنْ يعمّر حمص، أو ما تهدم من دمشق وحلب؟ هل هو هولاكو مرّ ببلادنا مرة ثانية، أو هي قنبلة نووية؟ كيف تركنا سورية تُهدَم ونحن نتفرج؟ رحم الله الفيحاء. كنت أرجو أن أموت فيضمني ثراها، والآن أراها تموت، ولا مكان لها عندي إلا في القلب. دخَلَته يوماً ولم تبارحه. وليس لي غير قلمي ودموعي، وذاك وهذه الفشل باسم آخر. هل هو كابوس نستيقظ منه؟ يا رب، أما لهذا الليل من آخر.    

arabstoday

GMT 05:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 04:55 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 04:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رجال الأعمال والبحث العلمي

GMT 04:52 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 04:50 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 04:48 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 04:45 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 04:43 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان سورية حبيبتي عيون وآذان سورية حبيبتي



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية
 العرب اليوم - مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab