جهاد الخازن
يبدأ يوم الاثنين تنفيذ الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا. مدة الاتفاق ستة أشهر يفترض أن يصل الطرفان خلالها الى اتفاق نهائي على البرنامج النووي الايراني.
أريد أن أغلب التفاؤل غير أنني لا أجد سبباً منطقياً له، فهناك متطرفون من الجانبين يعارضون الاتفاق، وأتمنى لو أننا نستطيع أن نضع المتطرفين جميعاً في قفص ونتركهم يتصارعون ويقتل أحدهم الآخر، فالعالم كله، والشرق الأوسط بشكل خاص، أفضل كثيراً من دون هؤلاء.
في إيران هناك متطرفون يعارضون أي اتفاق، في المؤسسة الدينية والبرلمان والحرس الثوري والميديا، وهم يعتبرون الاتفاق «مؤامرة» حتى قبل أن يقرأوه، ومحاولة لتركيع ايران، وهو ما لن يحصل. وقد اتهم الرئيس حسن روحاني المتطرفين بأنهم يريدون استمرار العقوبات.
في الولايات المتحدة، المتطرفون في مجلسي الكونغرس، والجمهوريون لهم غالبية في مجلس النواب، ويستطيعون إصدار قرار بتشديد العقوبات على ايران أملاً باجهاض الاتفاق. وربما كانوا قادرين على جمع غالبية مطلقة حول القرار لمنع الرئيس أوباما من استعمال الفيتو لوقفه.
في مجلس الشيوخ الديموقراطيون يتمتعون بغالبية، إلا أن فريقاً منهم يؤيد قراراً يرعاه أعضاء من الحزبين لتشديد العقوبات. وقرأت أن أنصار القرار بلغوا 59 عضواً من أصل مئة في مجلس الشيوخ، بينهم 16 ديموقراطياً. وهذا يعني أن المشروع قد يزيد تأييده ليصل الى غالبية مطلقة أيضاً بما يمنع الرئيس من استخدام الفيتو لوقفه.
موقف مجلسي الكونغرس ازاء ايران هو موقف اسرائيل، فالأعضاء الذين يريدون فرض عقوبات جديدة يمثلون اسرائيل لا بلادهم، وهم يكررون موقف لوبي اسرائيل وحكومة بنيامين نتانياهو التي لا تزال تطالب بإلغاء البرنامج النووي الإيراني كله، وتهدد بتوجيه ضربة عسكرية لتدميره.
قدمت الى القارئ حتى الآن معلومات موثقة وسأكمل بها قبل أن أخلص الى رأي مختصر، فإدارة أوباما تقول إن فرض عقوبات جديدة قد يؤدي الى حرب وأعضاء مجلسي الكونغرس يردون بأن ما أوصل ايران الى طاولة المفاوضات هو العقوبات، وأن زيادتها تعزز موقف الادارة الاميركية.
غير أنني أنتقل الآن الى الرأي وهو باختصار أن العقوبات التي يقترحها مجلسا الكونغرس إن لم تؤدِ الى حرب فستؤدي حتماً الى انفجار الوضع مع إيران من الخليج الى سورية وغيرها.
المشترعون الأميركيون يريدون عقوبات تهبط بصادرات النفط الايرانية الى الصفر، وتطلب من إيران عدم إطلاق الصواريخ، وعدم ممارسة إرهاب ضد الولايات المتحدة مباشرة، أو عبر عملائها.
لا أعتقد أن حكومة روحاني نفسها تقبل بالوصول الى مثل هذه المرحلة من العقوبات، وحتماً سيجد المتطرفون الإيرانيون فيها سبباً للإنسحاب من الاتفاق النووي، فهم لم يكونوا متحمسين له أصلاً. والاشارة الى وقف الارهاب تعني أن تعترف إيران به وهو ما لن تفعل.
النقطة الأهم في كل ما سبق أن إيران لا تهدد ببرنامجها النووي اليوم الولايات المتحدة ولا تهددها غداً، حتى لو كان البرنامج عسكرياً، فالموضوع كله هو أن اسرائيل تعتبر البرنامج النووي الإيراني خطراً على وجودها، وهي سرقت القرار في السياسة الخارجية الاميركية ازاء الشرق الأوسط من الادارة.
رغم كل ما سبق لا أجزم بأن الدول الست وإيران ستعجز عن الوصول الى اتفاق نهائي في الأشهر الستة القادمة، وإنما أرجح أن تستمر في التفاوض سنة أو أكثر. كذلك لا أستبعد إنفجاراً تطلقه اسرائيل لجرّ الولايات المتحدة الى حرب، رغم كل ما نعرف عن معارضة باراك أوباما أي حرب حتى وهو يقول دائماً: كل الخيارات على الطاولة.