جهاد الخازن
نحن نقول «ثلاثة، ثلاثة وبس، مزيكا والغنا والرقص». الخواجات يقولون «نبيذ ونساء وغناء». وتذكرت طرفة فرنسية قديمة وأنا أتابع أخبار الرئيس فرنسوا هولاند ونسائه، فالطبيب يقول للمريض الفرنسي إن صحته لا تسمح له بالاستمرار في الثلاثي المعروف، وعليه أن يتوقف عن اثنين منهما. ويفكر المريض ويقول إنه سيتوقف عن الغناء. ويسأله الطبيب هل يتوقف أيضاً عن النبيذ أو النساء، ويقول المريض: هذا يعتمد على عمر النبيذ وعمر المرأة.
أترك الثلاثة العربية والثلاثة الغربية لأصحابها لأننا ناس محترمون، وسنظل كذلك حتى نُضبَط بالجرم المشهود، وأتذكر شيئاً آخر هو أن الأرقام لا تكذب. طبعاً الأرقام لا تكذب فهي لا تعرف الكذب، بل لا تعرف الكلام، ولكن الناس الذين يستعملونها يكذبون. وقد قرأت أن هولاند عمره 59 سنة وسيغولين رويال، عشيقته الأولى عمرها 60 سنة ولهما أربعة أولاد أكبرهم عمره 29 سنة. أما فاليري تريرويلر، عشيقته الثانية فعمرها 48 سنة، في حين أن الممثلة جولي غاييه، أو الرقم ثلاثة التي ضبطته مجلة «كلوزر» معها، فعمرها 41 سنة، وشقة الغرام تبعد 150 متراً فقط عن قصر الاليزيه، أما الدراجة النارية التي استعملها هولاند في الذهاب إلى عش الغرام فكانت بثلاثة دواليب، بدل اثنين.
في الأرقام الأخرى أنه منذ 1958 تعاقب على الرئاسة في فرنسا سبعة رجال كان شارل ديغول وحده من بينهم بريئاً من العلاقات الإضافية. وفرنسوا ميتران مثلاً كانت له عائلتان، أما نيكولاس ساركوزي فطلق وتزوج من جديد ورزق بطفل في قصر الاليزيه.
الفرنسيون يقولون إن كل رجل يحق له بزوجة وعشيقة، ولكن لم أسمع عن ثلاث عشيقات كما فعل هولاند. وكانت تريرويلر دخلت معه قصر الاليزيه بعد فوزه، وأصبحت تُعرَف باسم السيدة الأولى مع أن العشيقة الأولى لقب أقرب إلى واقع الحال. وربما كانت غاييه ستصبح السيدة الأولى بدورها غير أن هولاند أصيب بصداع من الفضيحة وقد نُسِب إليه قوله إنه يريد أن يرتاح، ولا يريد سيدة أولى فوراً. ولعل فضح تريرويلر أسرار علاقتهما في حديث مع «باري ماتش»، وهي المجلة التي تعمل فيها، سبب إضافي لصفة لم تعرف عن هولاند في السابق.
هو بحاجة إلى الراحة لأن من المفروض أن يذهب إلى الولايات المتحدة في 11 من هذا الشهر في زيارة رسمية يحل فيها ضيفاً على الرئيس باراك أوباما. والأميركيون ليس عندهم سعة صدر إزاء العلاقات الممنوعة، خصوصاً إذا مارسها كبار المسؤولين لذلك سيذهب هولاند وحده. ولعل من القراء مَنْ يذكر قصة المرشح الديموقراطي للرئاسة غاري هارت الذي صورته جريدة «ميامي هيرالد» سنة 1987 على يخت اسمه «مونكي بيزنس» (ومن معانيها اللعب بالديل)، وعارضة الأزياء دونا رايس جالسة على حضنه، فقامت قيامة الميديا عليه، ولم تهدأ الحملة حتى انسحب هارت من حملة الرئاسة مع أنه كان متقدماً على منافسيه.
سمعت أن تريرويلر كانت محتارة أين يغيب هولاند عن الاليزيه كل مساء، وهي عادت يوماً مبكرة ووجدته أمام التلفزيون. طبعاً هذا هذر فهو لو عاد مبكراً لربما وجدها وحدها أمام التلفزيون. وسمعت أيضاً أن تريرويلر طلبت من أحد رجال الاستخبارات الذين يرافقون الرئيس لحمايته أن يبحث لها عنه، ورد الرجل: مدام، أنا رجل بوليس ولست كلب صيد.
بعد الهذر السابق أنتقل إلى بعض الجد، فالفرنسيون يغضون النظر عن العلاقات خارج إطار الزوجية التي تؤدي في أميركا إلى خسارة الانتخابات والطلاق، وفي بلادنا إلى القتل على أساس قاعدة «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى / حتى يُراق على جوانبه الدم».
مع ذلك رب ضارة نافعة، ففضيحة هولاند حوّلت الأنظار عن الأهم من سقوط الاقتصاد الفرنسي إلى ارتفاع نسبة البطالة، وهبوط شعبية الرئيس في الاستطلاعات.
كنت أعتقد أن الاقتصاد أهم من عشيقة إلا أنني رجل مادي والفرنسيون عشاق رومانسيون.