بقلم : جهاد الخازن
ليس بين البلدان العربية بلد واحد يمكن أن يُعتَبَر تلك المدينة الفاضلة التي حدثنا عنها فلاسفة اليونان القدماء. بعض بلادنا أفضل من بعض، ثم هناك حروب ودمار في بلدان أخرى من نوع سورية واليمن وليبيا وغيرها.
أرى أن لا بلد عربياً وصل في الجريمة إلى مستوى إسرائيل، إلا أن الحكومة الإرهابية الإسرائيلية وأحزاب اليمين المتطرف لا تحاسب، والقتل اليومي للفلسطينيين في بلادهم لا تذكره سوى جماعات حقوق الإنسان، فأكثر الميديا الأميركية تحديداً ينشر خبراً عن بنت فلسطينية في الحادية عشرة من العمر تحمل سكيناً لكن يتجاوز قتل شاب فلسطيني وهو ملقى على الأرض. وهكذا أقرأ عن حريق في مبنى في دبي، ولكن لا أقرأ اهتمام دبي بعلم الفضاء منذ أيام الشيخ راشد وحتى اليوم مع الشيخ محمد بن راشد.
يوماً بعد يوم أقرأ أخباراً غير صحيحة عن المملكة العربية السعودية، من نوع أنها بلد مفلس. كيف يمكن أن يفلس بلد فيه اليوم ربع بترول العالم، مع مناطق غير مستكشفة لا بد أن ترفع نصيب السعودية إلى الثلث؟ هناك مشاكل مالية في السعودية لكن لا أزمة وقد أوقف عمال من الهند وبنغلادش وغيرهما عن العمل، فأتمنى أن يعطوا حقوقهم كاملة. الميديا الغربية سجلت أن السعودية أرسلت أربع لاعبات الى اولمبياد ريو دي جانيرو، واعتبرت هذا إنجازاً، أتمنى شخصياً أن أرى عدد الإناث في الفريق السعودي الى اولمبياد 2020 في طوكيو يزيد أضعافاً، فالبنات في السعودية أثبتن تفوقهن في الدراسة، والرياضة ميدان مفتوح لهن.
مصر تنافس السعودية في الأخبار السلبية، وآخر ما قرأت مطالبة جماعة مراقبة حقوق الإنسان بالتعويض عن ضحايا المعركة في ميدان رابعة في 14/8/2013. ماذا جعل الموضوع قضية اليوم؟ لا أدري. ما أعرف هو أن الإخوان أساؤوا التصرف في الحكم فكان أن تظاهر ملايين المصريين ضدهم، في شكل فاق الملايين التي تظاهرت سنة 2011 ضد نظام حسني مبارك، وهم سقطوا في سنة واحدة لهم في الحكم، لن تعود.
أفضل مما سبق كثيراً أن أقرأ أن الصديق الدكتور زاهي حواس يحاول إحياء السياحة في مصر بعد تراجع كبير في أعداد السياح اثر إسقاط طائرة ركاب روسية في سيناء في 31/10/2015. السيدة جيهان السادات تساعد الدكتور زاهي وأرجو لها وله النجاح. السيدة السادات نشطة وتشارك في مؤتمرات وندوات، وكنت تابعت عمل الدكتور زاهي حواس بصفته عالم آثار ثم وزيراً.
طبعاً في القلب غصّة بعد وفاة الدكتور أحمد زويل العالم المصري الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء. كنت تابعت نشاطه العلمي في مصر بعد عودته من الولايات المتحدة، وأيّدته جداً في انتقاد تراجع مستوى التعليم في بلاده. لعل موته حافز لقفزة نوعية في مجال التعليم على كل مستوياته في مصر.
ثم هناك البحرين فهي بلد صغير إلا أنها تنافس السعودية ومصر في عدد الأخبار السلبية. أعرف البحرين منذ كنت مراهقاً وأزعم أن معرفتي بها تفوق ما تعرف جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة مجتمعة.
خبراء من الأمم المتحدة زعموا أن السلطات في البحرين تستهدف المواطنين الشيعة وقياداتهم. هذا غير صحيح، هناك شيعة في الحكومة وفي الأعمال الخاصة. لكن هناك في جماعة الوفاق قيادة ولاؤها خارجي تستحق العقاب. في غرابة ما سبق أن الشرطة البريطانية وقعت اتفاقاً لتدريب شرطة البحرين، وقرأت احتجاجاً يتحدث عن «تجاوزات» رسمية بحرينية. مرة أخرى، هؤلاء لا يعرفون البحرين وأهلها، وإنما يسجلون تحاملهم، فتدريب الشرطة البحرينية لا يمكن أن يجري إلا ضمن مثال الشرطة البريطانية في التعامل مع الناس، وهو عالٍ جداً.
مرة أخرى، ليس في بلادنا «مدينة فاضلة» إلا أننا لسنا بسوء اسرائيل التي يعاملها الإعلام الغربي كامرأة القيصر، أي فوق مستوى الشبهات.