جهاد الخازن
ثمة «لازمة» في كل خبر غربي عن مصر هي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي «قمع» المعارضين وسجن الألوف منهم، ومنع التظاهرات إلا بعد الحصول على إذن مسبق. موضوع مصر بعد خروجها من محنة السنوات الأربع الأخيرة ليس أغنية أو «طقطوقة» تُعاد فيها «اللازمة» بعد كل مقطع، بل مستقبل أكثر الدول العربية كثافة سكانية، الدولة التي عُقِدَت لها قيادة المجموعة العربية.
الأخبار من مصر تشجع الناس مثلي على التفاؤل، فأكثرها إيجابي والقمع المزعوم سببه العنف المستمر، وتناقضه الأخبار، فالقضاء برّأ 26 رجلاً اتهموا بالشذوذ الجنسي، وأمر بإعادة محاكمة الصحافيين الثلاثة المعتقلين من تلفزيون «الجزيرة»، وقرأت مقالاً من السجن لمحمد فاضل فهمي، نشرته «نيويورك تايمز» يقول إن الثلاثة «مهنيون غير متحيزين» وهذا غير صحيح، فلا أزيد لأنني أريد أن يخرج معتقلو الرأي جميعاً من السجون. المحاكم أيضاً أطلقت سراح خالد القزاز، مستشار الرئيس السابق محمد مرسي. وأتمنى أن أرى زعماء الاخوان جميعاً وقد استردوا حريتهم.
أهم من كل ما سبق أن محكمة الاستــئناف ألغت حكماً على الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة الفساد، وأمرت بإعادة محاكمته. وهو بُرِّئ قبل ذلك من الأمر بقتل المتظاهرين.
أعرف الرئيس مبارك على امتداد عـــقدَيْن، وهو حتـــماً ليس فاسداً، ولا مال له في الخـــارج، في ســويسرا أو غيرها. هو عاد من العملية الجراحيـــة الأولى في المانـــيا مريضاً، وكل تهم الفساد التي أطلقها الإخوان خـــلال سنتهم في الحكم كان عمرها ست ســـنوات أو خمساً أو أقل. ما يعني بعد عودته من المانيا سنة 2005. لو أن الرئــيس مبارك استقال في ذلك الحين لكان له اليوم تمثال في كل ميدان في مصر.
الأحكام السابقة تؤكد استقلال القضاء وتنفي أن النظام الجديد في مصر يمارس قمعاً ضد حرية الرأي. مع ذلك أقول إن شعب مصر يستحق حريات أوسع كثيراً من المتوافر اليوم، ولعل الرئيس السيسي ورئيس وزرائه ابراهيم محلب يعملان لتعزيز الحريات الفردية والعامة، مع أنني أرى أن هذا مرتبط بانتهاء العنف، وهو موجود غير أن الصحافة الغربية لا تراه ولو استهدفها.
أقيم في لندن، وبريطانيا أرسلت الى مصر الأسبوع الماضي بعثة تجارية هي الأكبر منذ عشر سنوات، فهناك 40 شركة تريد العمل في مصر، ولولا أنها مطمئنة الى المستقبل لما عادت. وأقرأ عن مشاريع من نوع الطاقة الكهربائية والماء وتجارة المفرق والخدمات المالية وتطوير قناة السويس أو توسيعها.
هذا النشاط يتزامن مع الانتخابات البرلمانية التي تبدأ في آذار (مارس) وتنتهي في الأسبوع الأول من أيار (مايو). وفي أهمية هذا وذاك أو أهم القمة الاقتصادية التي ستستضيفها مصر بين 13 و15 آذار (مارس) في شرم الشيخ، ودور الدول العربية القادرة في إعادة بناء الاقتصاد المصري.
هذا لا يناسب عصابة الحرب الليكودية وعندي مقالات عدة تحرّض على مصر لموقف الحكم من حرية الرأي، يعني يريدون أن نصدّق أن طلبهم حرية الرأي لا «تطويع» مصر بالمساعدات.
ماذا أزيد؟ خطاب الرئيس السيسي في الأزهر الشريف عن إصلاح الخطاب الديني إستقبِل بردود فعل من الخارج أكثر مما تابعت في بلادنا، وقرأت في موقع الكتروني اميركي تحقيقاً عن الرئيس وخطابه كان عنوانه «هل يستحق السيسي جائزة نوبل للسلام؟».
«الحلو ما يكملش» وأقرأ أن النائب الليبرالي السابق في البرلمان الكويتي صالح الملا انتقد في تغريدات أن تساعد الكويت مصر واعتُقِل. هو مهمش منذ 2011 وأرجّح أن قضيته ضد حكومة بلاده لا مصر فأذكّره بموقف مصر من احتلال الكويت وأسأله ماذا كان حدث لو أن حسني مبارك أيّد صدّام حسين في الاحتلال وتبعه زعماء عرب من حلفائه؟ مصر كانت سبّاقة الى نصرة الكويت لذلك السيد الملا لا يعيش في مخيم لاجئين على حساب «الأجاويد» اليوم. له ماضٍ طيب أرجو ألا يضيّعه.