جهاد الخازن
أكمل من حيث توقفت أمس مع معرض الشارقة الدولي للكتاب، وأقول على سبيل الموضوعية إنني لم أجد كل ما أريد، فقد بحثت وبحثت عن «المستبد العادل» الذي طلبه جمال الدين الأفغاني، ولم أجد كتباً له أو أجد ما أريد في كتب عن الأفغاني والشيخ محمد عبده اللذين أحتفظ لهما في مكتبتي بمجلدات عن «العروة الوثقى» وأيام باريس.
لم أجد كتاباً ولكن وجدت أصدقاء كثيرين بينهم الأخ أحمد العامري، مدير المعرض، والأخ يوسف الطويل، مدير فرع صحارى في الشارقة. ودعيتُ للحديث في جناح المملكة العربية السعودية، فكانت فرصة لتبادل الآراء والرد على أسئلة صحافية وسياسية، وخرجت ومعي كتب من كلية فهد الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.
المعرض أعطاني فرصة أن أعود إلى لندن بعدد من الكتب لا أستطيع في هذه الزاوية أن أعرضها بتفصيل، لأن ذلك يعني أن أهمل التعليق السياسي في زمن والسياسة العربية في الأرض أو في حفرة مظلمة.
أختار للقارئ مما قرأت وأنا في الشارقة ثم في الطائرة ورحلة ثماني ساعات وبعدها في لندن من كتب لن أفسد لذة قراءتها بكشف مضمونها وإنما أتمنى لو تُقرأ لأنها تستحق القراءة. وهكذا:
- «مخطوطات الخواجة أنطون» من تأليف فاطمة عبدالله، ونشر دار ميريت في القاهرة. هي رواية ذكية جداً على رغم أن صفحاتها قليلة، ولا تخلو من مفاجآت بين صفحة وأخرى، وتنتهي بعودة إلى محاكم التفتيش في إسبانيا، ذكرتني بقتل الناس من دون محاكم في العراق وسورية هذه الأيام.
- «المختَصر من سيرة المندي المنتَظر» مجموعة مقالات للصديق الكاتب أحمد عبدالرحمن العرفج، ونشر دار مدارك.
هو كاتب ساخر بامتياز، يبدأ بالحديث عن أسباب إخفائه عيد ميلاده ثم يعترف، وقد وجدت أنه من الجرأة أن يتحدث عن «سرقاته» أو ما اقتبس ونقل، حتى أن أحد المقالات عنوانه «آخر مقالاتي في سلسلة سرقاتي». في مقال آخر يتحدث عن ثقافته المستمدَّة من المشي. ولعلي لا أدعي شيئاً سوى القدرة على المشي فهو هوايتي الأولى، وأحمد يورِد مَثلاً أعرفه بطريقة أخرى هو: اتغدّى واتمدّى، اتعشّى واتمشّى.
- «طبطاب الجنة» من تأليف الأخ هاني نقشبندي، رواية نشرتها له دار الساقي، أكتب وقد قرأت نصفها، وحتماً سأنتهي منها في أيام، فقد وجدتها جريئة تتحدث عن غرام وانتقام، وعلاقات بشرية يعاملها المؤلف بذكاء، فأسأله عندما أراه المرة المقبلة: من أين جمعتَ هذه الخبرة يا هاني بك؟
- «خربشات في زمن أسود» مجموعة مقالات لهناء حمزة في الزميلة «البيان»، نشر جروس برس. السِمة الغالبة على المقالات هي الجرأة في زمن الجبن والجبناء، سواء تحدثت عن بيروت أو طرابلس، أو عن نفسها وعن ابنتها، أو عن رولا التي قتلها زوجها، أو بنت السنتَيْن التي ماتت مع آخرين في حادث. الجرأة في المقالات تأتي ممتزجة بثقافة وإنسانية وحسن إدراك.
- «ابتسم أنت في بغداد» مجموعة مقالات في كتاب للأخ طه جزاع، من نشر دار أفكار للدراسات والنشر. الدكتور طه يكره التشاؤم، ويتجاوز الواقع المرّ ليجد أسباباً للابتسام، حتى وهو يقول إن تجربة الحرية الصحافية في العراق لم تستمر بعد 2003. أتمنى على كل قارئ قادر أن يطلب الكتاب لأنه يتحدث عن الجانب الآخر للعراق وأهله، ولا يهمل العالم الخارجي.
وأختتم بجناح «ناشونال جيوغرافيك»، ورئيس تحرير الطبعة العربية، الأستاذة السعد عمر المنهالي، فقد كانت فرصة أن أراجع معها أهمية المجلة وفوائدها العلمية. كنت أحدِّث الأخت السعد وقد تذكرت مجلة «المقتطف» في مصر ويعقوب صرّوف وفارس نمر، فقد كانت رائدة في بلادنا، إلا أنني قدَّرت أنني أمام رئيسة تحرير شابة أرى فيها مستقبل الأمة لا ماضيها.