جهاد الخازن
أرحب بالرأي المعارض، لا مجرد الرأي الآخر، ولكن أرجو ألا يناقشني قارئ في المعلومات. أنا في لندن ومعلوماتي دائماً صحيحة، إن لم يكن لحسن أخلاقي فخشية أن أنتهي في المحكمة.
أكتب بعد أن قرأت كلمات لقارئ من دون إسم ينقل عني قولي: «إلا أن إيران لا تحتل بلداً بكامله وتقتل الأطفال وتستوطن وتدمر يوماً بعد يوم». هو يقول: غريب جداً هذا الكلام. أقول إن القارئ غريب جداً عن الموضوعية فكلامي صحيح، وقد سجلت مرة بعد مرة إحتلال جزر الامارات الثلاث، إلا أن إحتلالها يعود الى أيام الشاه ولا يمكن مقارنتها باحتلال بلد بكامله.
قارئ آخر «عاتب عليّ وعلى جميع المثقفين العرب في الغرب لأنكم لم تلموا شمل العرب العاملين في الغرب... لتكوين لوبي عربي قادر ومؤثر».
يا أخا العرب طلبك لا يمكن أن يحققه صحافيون أو مثقفون، وإنما هو بحاجة الى نبيّ مُرسَل، وقد مضى عهد النبوَّة. وعندنا المَثل: إذا شئت أن تطاع فسَلْ المستطاع.
من ناحية أخرى، كنت على إتفاق مع القراء بالنسبة الى وقوف ليبيا على حافة الهاوية، وصعود مصر من هاوية الاخوان المسلمين، وقد تلقيت مباشرة رسالتين تنتقدان موقفي من مصر، وسألت صاحبيهما أين كانا عندما كنت على أفضل علاقة مع الجماعة وأدافع عنها أيام الرئيس حسني مبارك.
وموضوع آخر: حضارة العالم كله بدأت في بلاد ما بين النهرين، وبدل أن يفاخر الارهابيون بأن بلادهم وضعت العالم على طريق المَدنية يهدمون الآثار التي تثبت ذلك. هل هناك جهل ووحشية أكثر من هذا؟
الأزهر الشريف أعلن على موقعه الالكتروني أن تدمير التراث الحضاري محرَّم شرعاً ومرفوض جملة وتفصيلاً، وأن تدمير تنظيم «داعش» الارهابي الآثار في العراق وسورية جريمة كبرى بحق العالم كله. وافترضت أن بيان الأزهر الشريف حسم الموضوع، ثم قرأت في جريدة «الوطن» الالكترونية تصريحاً لداعية كويتي هو ابراهيم الكندري يدعو فيه الى هدم الأهرامات وأبو (أبي) الهول.
لن أهين الأزهر الشريف والشيخ الأكبر أحمد الطيب بالمقارنة مع الكندري، ولكن أقول: تفاءلوا بالكنى فانها شبهة. واحد إسمه طيب والآخر الكندري، وفي «لسان العرب»: الكندر الرجل الغليظ القصير مع شدّة. أما في بلاد الشام فهناك «كندره» تعني حذاء.
بالمناسبة، إكتشف علماء الآثار قبل أيام قبرين مُلئا زينات في الأقصر فلعل الكندري يضيفهما الى ما يجب هدمه من آثار. أو لعل الارهابيين الذين هاجموا المتحف الوطني في تونس يقومون بالمهمة، ويقتلون مَنْ يجدون من المصريين في الموقع الأثري ليُضافوا الى ضحايا تونس من سياح ومواطنين.
أكمل وأقول إن المجال يضيق أحياناً فقد كنت أفكر أن أجعل مقالي عن الصحافيين الاميركيين في حلقتين، ثم قررت أن القارىء قد لا يهمه الموضوع فتجاوزت الحديث عن كتّاب كثيرين واخترت مثلاً على المتطرفين جوشوا مورافتشيك الذي يؤيد إرهاب حكومة اسرائيل، أي قتل الأطفال. لا أتمنى لهذا المتطرف أن يصاب بزكام فأقصى عدائي له أنني لا أحترمه. وهو يدعو الى حرب مع إيران بعد أن كان دعا يوماً الى قصفها بالقنابل. هذا موقف اسرائيلي لا أميركي، وشخصياً أنا لست معجباً البتة بالسياسة الإيرانية، وعندي عليها إعتراضات من جزر الامارات الى البحرين وسورية ولبنان واليمن وغيرها. لكن إيران تصبح «الأم تريزا» مقارنة بحكومة نتانياهو السابقة واللاحقة، فهذه دائماً إرهابية محتلة قاتلة، لا أكثر ولا أقل. ومع بقاء الإرهابيين في حكم اسرائيل، فأنا أتوقع حرباً سادسة وسابعة على قطاع غزة وغياب عملية السلام التي ماتت وبقي أن تُدفن ويعود الفلسطينيون الى إنتفاضة ثالثة ورابعة وخامسة.