أزور البحرين بانتظام منذ كنت أودع المراهقة، وأزعم أنني أعرف أهل الحكم فيها والمواطنين ولي أصدقاء كثيرون بينهم. منذ بدء المشكلات في 2011 لا أزور البحرين إلا وأجد الأوضاع أفضل منها في الزيارة السابقة، وقد زرت البحرين في الأشهر الأخيرة بعد قمة الدول المانحة للاجئين السوريين في الكويت، ولحضور سباق السيارات (الغران بري)، وقبل يومين لإعلان الفائز بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية.
كنت حضرت إعلان الجائزة الأولى قبل سنتين التي فازت بها الدكتورة جميلة محمود من ماليزيا، والفائز هذه السنة كان الدكتور اشيوتا سامنتا الذي استطاع بعد بداية صعبة في الحياة أن يتعلم ثم يعلم الفقراء في ولاية اوديسا في جنوب الهند، ومعهد العلوم الاجتماعية الذي أسسه أصبح يستضيف الآن 25 ألف نزيل يتلقون التعليم والغذاء والكساء. وهو وعد باستخدام الجائزة لتأسيس معهد جديد للخدمات الإنسانية.
الملك حمد بن عيسى قال إن الجائزة تُمنح من دون أي اعتبار عقائدي أو جغرافي أو قومي. وهو تحدث بعاطفة عن والده والبُعد الإنساني في عمله، كما فعل الشيخ محمد بن مبارك، نائب رئيس الوزراء ورئيس لجنة أمناء الجائزة. وتحدثتُ لتلفزيون البحرين عمّا أعرف عن الراحل الصديق، وكيف وقف يوماً على الطريق يسأل ركاب السيارات المارّة إن كانوا رأوا حادثاً بعد أن تأخرت عن موعدي معه لأن السائق ذهب خطأ إلى عنوان آخر.
الجائزة وفرت لي فرصة رؤية أصدقاء يضيق المجال عن ذكرهم فأكتفي بالشيخة مي آل خليفة التي أجدها أكثر نشاطاً خارج الوزارة من بعض الوزراء.
أتكلم فقط عمّا أعرف فعندما زرت البحرين أول مرة كان موج البحر يصل الى بوابة البحرين، ولم تكن هناك طريق واحدة بأكثر من مسار واحد في كل اتجاه. اليوم هناك ألف مبنى فخم ضخم في المنطقة التي ردِمَت من البحر، وفنادق درجة أولى عالمية، ومصارف وشركات من حول العالم، وطرق بأربعة مسارات في كل اتجاه.
وصلت إلى البحرين وقد تخرّج 3400 طالب في جامعتها، ولا أنسى الصديقة الدكتورة رفيعة غباش رئيسة جامعة الخليج السابقة وما أنجزت. وتزامنت زيارتي مع تخريج دورة رئاسة الأركان البحرينية.
الدكتور سامنتا تحدث عن خطر أنصاف المتعلمين على المجتمع، وأعتقد أن أهل البحرين يعون الخطر فهو محدق بهم، لذلك يوفر التعليم السلاح الأمضى في مواجهته.
ما أستطيع أن أقول بثقة هو أن اقتصاد البحرين سجّل تقدماً ملحوظاً، وقرأت عن بناء خمسة آلاف وحدة سكنية في بلدة، وعن 398 وحدة أخرى وهذه الأخيرة بتمويل كويتي. والزائر يرى البلد وكأنه ورشة عمار.
منظمة المدن العربية أعطت البحرين جائزة أفضل خدمة إلكترونية عربية، ووقفت أمام جسر الملك فهد الذي يصل بين البحرين وشرق السعودية. هو جسر الأخاء والرخاء في كتابي الخاص.
لماذا أسجل كل هذا؟ أسجله لأنه صحيح، ثم لأقول إن البحرين بَنَت اقتصاداً نشطاً قوامه قطاع المصارف والسياحة الخليجية والعالمية وازدهرت بالعقل وبأقل قدر من الإنتاج النفطي في الخليج.
«الحلو ما يكملشِ»، والمشكلة مستمرة مع جماعة الوفاق والأطماع الفارسية بغطاء ديني. أتهم قادة الوفاق بخيانة الوطن ثم خيانة أنصار مغرَّر بهم. لو أن المعارضة قبلت ما عرض الأمير سلمان بن حمد عليها سنة 2011 لكان كل مؤيد للوفاق في وضع اقتصادي أحسن كثيراً اليوم.
المعارضة لم تكن تريد أي اتفاق وتتلقى التعليمات من الخارج. هي لو أرادت حلاً إنسانياً فهناك الملك وولي العهد والشيخ محمد بن مبارك، ولو أرادت حلاً سياسياً فهناك رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، وهو أمهر من عقد اتفاقاً سياسياً على طريقة لا غالب ولا مغلوب.
أترك رأيي في المعارضة وأستشهد ببيان أصدره 220 نائباً في البرلمان الأوروبي وأنا أزور البحرين، فهم قالوا إن إيران سبب مشكلات الشرق الأوسط وليست الحل، وطالبوا بوقف تدخلها في شؤون الدول الأخرى في المنطقة.
أؤيد إيران وحزب الله ضد إسرائيل، ولكن أؤيد البحرين ودول الخليج كلها واليمن ومصر ضد إيران، وأرجو أن نرى أياماً أفضل وتعاوناً بين جميع شعوب المنطقة للخير والتقدم والرفاه.