جهاد الخازن
لا بد أن هيلاري كلينتون أفضل مرشح للرئاسة الأميركية من وجهة نظر عربية. رأيي الشخصي المسجل في هذه الزاوية مرة بعد مرة أنني أفضِّل من بين المرشحين للرئاسة الأميركية كلينتون عن الديموقراطيين وجيب بوش وراند بول عن الجمهوريين، فكل منهم أفضل للقضايا العربية من المرشحين الآخرين.
غير أن كلينتون تتعرض يوماً بعد يوم لحملات عصابة إسرائيل، أو ليكود أميركا الذين يؤيدون الاحتلال والقتل والتدمير، فلا بد أنها أفضل من أي مرشح ديموقراطي أو جمهوري يريدون أن يروه في البيت الأبيض لتواصل حكومة إسرائيل جرائمها بحماية أميركية.
اللجنة المشتركة لمجلس النواب عن بنغازي استدعت سيدني بلومنتال، الموظف في مؤسسة كلينتون، لتسأله عن قتل السفير الأميركي ج. كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في عمل إرهابي في بنغازي سنة 2012. اللجنة (وأنقل عن الكاتب ريتشارد كوهين) سألت بلومنتال خمسين سؤالاً عن عمله في مؤسسة كلينتون و270 سؤالاً عن أعماله في بنغازي، وهي غير موجودة أبداً، بل إن الرجل لم يزرْ ليبيا في حياته، وأربعة أسئلة فقط عن هجوم بنغازي. هكذا، فمن الواضح جداً أن اللجنة برئيسها الجمهوري وغالبية أعضائها الجمهورية كانت تبحث عمّا يدين كلينتون لا الحقيقة في مقتل السفير ورفاقه. بالمناسبة، هي اللجنة الثامنة من نوعها عن الموضوع.
نعرف الآن أن هيلاري كلينتون استعملت بريداً إلكترونياً (email) خاصاً بها في إرسال رسائل رسمية وتلقيها. وقد جرى تحقيق بعد تحقيق ولم نقرأ ما يدين كلينتون بتأييد الإرهابيين كما زعم موقع ليكودي يحمّلها أيضاً مسؤولية الخراب في ليبيا بعد معمر القذافي، ووصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر وينتهي إلى القول أنها لا تستحق الرئاسة.
هي أكثر المرشحين الحاليين للرئاسة خبرة عملية. كانت زوجة رئيس ثماني سنوات، وبعد ذلك عضواً في مجلس الشيوخ عن نيويورك، ثم أربع سنوات وزيرة للخارجية. لا أحد بين المرشحين الآخرين يضاهيها خبرة أو يقترب منها.
مع ذلك أندرو نابوليتانو، وهو يعمل في «فوكس نيوز»، يقول أن إيميلات كلينتون ومقابلة مع شخص لم أسمع باسمه من قبل ومعلومات أخرى تركته مقتنعاً بأن كلينتون «قدمت مساعدة مادية للإرهابيين وكذبت أمام الكونغرس». نابوليتانو هذا يعرف ما لم تستطع ثماني لجان من الكونغرس الوصول إليه.
أسمع أن هيلاري كلينتون ستواجه تحدياً من نائب الرئيس جو بايدن، إلا أنني أرجح أن تكون مرشحة الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية في الثلثاء الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وأرشحها لدخول البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) التالي، من دون أن أجزم بذلك، فهي ستلقى منافسة قوية من جيب بوش.
ما ألاحظ اليوم هو أن كلينتون تحاول أن تبدو محافظة للرد على الحزب الجمهوري الذي يمثل اليمين والبزنس قاعدته الانتخابية. إلا أن الأميركيين الذين ذاقوا الأمرّين بعد الأزمة الاقتصادية الأميركية والعالمية التي أطلقها جورج بوش الابن في 2008 نحوا في السنوات الأخيرة منحى ليبرالياً، وهو اتجاه في أساس فكر الحزب الديموقراطي.
ثمة مَثل واضح على هذا الكلام هو المرشح للرئاسة بيرني ساندرز، فهو قدم نفسه إلى الناخبين على أنه «ديموقراطي اشتراكي»، واستطاع جمع ألوف منهم، مع أنه في الثالثة والسبعين وليس عنده «ماكينة» انتخابية أو مال لحملة الرئاسة.
ساندرز يريد أن تضاعف الحكومة الإنفاق على مشاريع تفيد الناس، وأن تزيد الضرائب على الأثرياء، وموقفه هذا لا مثيل له بين المرشحين جميعاً، إلا أن من الواضح أنه يلقى هوى الناخبين الأميركيين. ربما كان مفيداً لهيلاري كلينتون أن تأخذ صفحة من كتاب ساندرز تزيد التأييد لها كما تستحق.